مقال

فى طريق الاسلام ومع تنظيم وتحديد النسل ” الجزء الثالث “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع تنظيم وتحديد النسل، وقد توقفنا فى الحديث عن حكم منع الحمل، فإن منع الحمل وقطعه بالكلية لا يجوز شرعا، إلا إذا قرر الأطباء أن الحمل يسبب موت المرأة، أو تعب الأم بسبب الولادات المتتابعة، أو ضعف بنيتها، أو غير ذلك، ومما يدل على عدم الجواز هو ما علم من حث الشريعة على الإكثار من النسل والترغيب فيه، ونهي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الاختصاء والتبتل، فهذا وإن كان في حق الرجل، فيقاس عليه المرأة، وأما عن حكم تحديد النسل فقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز للمرء أن يعطل أي عضو من أعضائه عن أداء وظيفته، فعن جابر بن عبد الله الأنصارى رضى الله عنه قال، جاء شاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” أتأذن لى فى الخصاء؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صم وسل الله من فضله ” وقال ابن حجر رحمه الله، هو نهي تحريم بلا خلاف في بني آدم لما تقدم، وفيه أيضا من المفاسد تعذيب النفس والتشويه مع إدخال الضرر الذي قد يفضي إلى الهلاك، وفيه إبطال معنى الرجولية، وتغيير خلق الله، وكفر النعمة لأن خلق الشخص رجلا من النعم العظيمة، فإذا أزال ذلك فقد تشبه بالمرأة واختار النقص على الكمال، وقال رحمه الله، والحكمة في منعهم من الاختصاء هو إرادة تكثير النسل ليستمر جهاد الكفار، وإلا لو أذن في ذلك لأوشك تواردهم عليه، فينقطع النسل، فيقل المسلمون بانقطاعه، ويكثر الكفار.

فهو خلاف المقصود من البعثة المحمدية، وأما عن حكم التعقيم، فإن الأصل أنه لا يجوز قطع النسل، فإذا ثبت بتقرير من أطباء عدول أن أحد الزوجين فيه مرض خطير وينتقل إلى الأولاد، ولا يمكن علاجه، فلا مانع من التعقيم إذا وجد ما يدعو إليه من أسباب تقرها الشريعة الاسلامية حفاظا على سلامة النسل، والله تعالى أعلم، وعندما يتحدث الناس عن تنظيم النسل، فإنهم يشيرون في العادة إلى الوسائل الاصطناعية منها ويمارس الأزواج عملية تنظيم النسل لأسباب مختلفة فقد يريدون أحيانا تحديد عدد أطفالهم، أو المباعدة بين الولادات، وقد لايريدون إنجاب الأطفال على الإطلاق وفي البلاد الغربية وغير الإسلامية بصفة عامة في أغلب الأحوال يؤجل الأزواج الشباب الإنجاب لكي تتمكن الزوجة من العمل وزيادة دخل الأسرة، وكما يريد أزواج آخرون المباعدة بين أطفالهم لكي يتمكنوا من إعطاء الاهتمام اللازم لكل منهم، وقد ينصح الأطباء بعض النساء بأن يتجنبن الحمل لأسباب صحية، وتشجع الكثير من الحكومات الأزواج في الأقطار ذات النمو السكاني السريع على تنظيم عدد أفراد أسرهم، وإنه يتفق معظم الناس في الغرب على أن بعض أشكال تنظيم الأسرة أو المباعدة بين ولادات الأطفال، مرغوب فيه لصالح الأسرة نفسها ولصالح المجتمع، لكن أفرادا وجماعات خصوصا المجتمعات المتدينة، يختلفون بشدة حول أساليب تنظيم النسل التي قد يعتبرها غيرهم أخلاقية ومقبولة.

وتنظيم النسل وهو تنظيم مباعدة فترة الحمل والإنجاب بين مولود ومولود آخر وتكون فترة تنظيم النسل من ثلاثة سنوات أو أربع سنوت أو خمس سنوات، وينبغي هنا أن نميز هو تنظيم و ليس تحديد كم عدد الأولاد يريد، حيث يكون تنظيم النسل فترة تنظيم حمل طريقة يمنع فيها الزوجين الحمل خلال وقت معين، وإن حكم تنظيم النسل هو جائز في الإسلام و كان محدد بمعنى العزل يعني حكم تنظيم النسل مباح من حكم العزل الذي كان مباحا في زمن الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم، حيث كانوا الصحابة رضوان الله عليهم يعزلون في زمن النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم و العزل كان بعدم إنزال ماء الرجل في فرج المرأة هكذا يكونون قد نظموا النسل على عكس الطرق الحديثة اليوم، لكن ينبغي معرفة الشروط والأسباب التي أدت للجوء إلى العزل أو تنظيم النسل وحكم تنظيم النسل جائز بشرط موافقة الزوج والزوجة، وإن تنظيم النسل يكون مشروطا و يمكن اللجوء إليه عند الأمور التالية وهو إذا كان صحة الأم مهددة ومعرضة لحالة خطرة حيث لا تستطيع أن تنجب على فترات لذلك يلجأ لتظيم النسل بهذه الحالة وتنظيم النسل هي فرصة لإعطاء الطفل الرضيع حقه في الرضاعة والتربية، إذا كان الوضع المادي للزوج والزوجة ضائق في فترة معينة حيث يجوز العزل وإذا فرج الحال يجوز الرجوع عن العزل مرة أخرى، وتنظيم النسل يعطي الأب والأم الحق والتربية الحسنة لأولادهم.

لأنه فترات الحمل المتتابعة لا تفصل بينهما سنة هي مرهقة للأم ومرهقة في عملية تربية الأولاد فمن حق الطفل أن يحصل على التربية الحسنة، وقد أباح الإسلام تنظيم النسل وفيه تخفيف على الزوج والزوجة وفي نفس الوقت الحفاظ على النسل، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة” أي حث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على حماية وحفظ النسل وليس قطع النسل الذي يكون بتحديد النسل بطفل أو طفلين، لذلك عملية تنظيم النسل فيها حفاظ على النسل، فالمرأة تنظم النسل عندما تخشى على حياتها من الحمل في فترة معينة، أو كما ذكرنا إطاء الفرصة الكافية واللازمة في حقهم بالتربية لأن بعدم التنظيم يصبح صعب على الأم تربية الأطفال وتنحرف أخلاقهم لأن الأطفال تجب متابعتهم لحمايتهم، ومن حق الرضيع أن يرضع من أمه لذلك يتم فط الطفل بعد سنتين من عمره أي أخذ حقه كامل بالرضاعة، لذلك تنظيم النسل هو إنجاب أطفال ولكن بفترات بينهم أما تحديد النسل الذي حرمه الإسلام يقوم على مبدأ رفض ما أنزل الله تعالى من نعمة الأولاد وإذا تم تحديد العدد أي يكتفي بولد أو وليدين فهذا حرام، لأنه يؤدي إلى القضاء على الأمة والقضاء على النسل، وإن الإسلام دين الفطرة، فقد حث على الزواج، وبيّن حِكمه وأحكامه وآدابه، ورغب في الذرية والنسل، وقد يسأل بعض الناس عن حكم تنظيم الحمل أو تحديده، وإن من نعم الله تعالى على عباده نعمة الإنجاب.

وقد جاءت كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في بيان أهمية النسل، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم كماء جاء فى سورة النساء ” يا أيها النس أتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ” وإن المراد بالنفس هو آدم عليه السلام، وبث، أى فرّق ونشر في الأرض منهما، يعني من آدم وحواء، وقد قال الله تعالى كما جاء فى سورة الشورى ” يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير” فبعض الناس يهبه البنات لا ذكر بينهن، وبعضهم يهبه الذكور لا أنثى بينهم، وبعضهم يهبه من النوعين، وبعضهم لا يهبه لا أنثى ولا ذكر، وذلك لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وقال تعالى فى سورة البقرة ” فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ” وقال الطبري رحمه الله، وقد يدخل في قوله تعالى ” وابتغوا ما كتب الله لكم” جميع معاني الخير المطلوبة، غير أن أشبه المعاني بظاهر الآية قول من قال معناه، وابتغوا ما كتب الله لكم الولد، لأنه عقيب قوله تعالى ” فالآن باشروهن” بمعنى جامعوهن، فيكون المعنى وابتغوا ما كتب الله في مباشرتكم إياهن من الولد والنسل، ثم إن من نتيجة هذا وذاك يُختصر الزمن المقدر لحياة تلك الأمة، وهذا الطريق للانتحار قد أودى بحياة كثير من البيوتات الملكية، والطبقات الغنية الراقية، والجماعات الإنسانية من الوجهة الحياتية والعمرانية، وبه قد ذهبت كثير من الأمم والشعوب القوية ضحيةَ الفناء والزوال في التاريخ الإنسانى.

ويقول أبو الأعلى المودودي، ومما لا مجال فيه لأدنى شك أن تحديد النسل ظلم صريح للمرأة، فهو ينشب الحرب بينها وبين فطرتها نتيجة لذلك، يختل فيها نظامها الجسدي، وينهار عليها جهازها العصبي، وإن تحديد النسل في حد ذاته خروج سافر على نظام الإنسان الفطري، وفوق هذا فإن الطرق التي تستخدم لمنع الحمل تترك على الرجل والمرأة، ولا سيّما المرأة مؤثرات تنغص عليهما حياتهما، وتهدم عليهما شخصيتهما، وهذه الطرق التي استخدمت لمنع الحمل، وتحديد النسل، قد ثبت ضررها، وها هي البلدان التي نبتت فيها منذ قرن من الزمن قد أدركت ما تجره من أخطار، ولكننا لا نزال نرى في بعض البلدان العربية الحملةَ على أشدها لترويج تلك الوسائل، والحث على استعمالها، ومصادمة الإسلام في هذا السبيل، شأنهم في ذلك شأنهم في مقاومته في كل ناحية، وعلى كل اتجاه، ويجب علينا جميعا أن نعلم أن التوصل إلى الولد بالزواج يكون قربة من أربعة أوجه، وهو موافقة محبة الله بالسعي في تحصيل الولد لإبقاء جنس الإنسان، ونيل محبة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في تكثير أمته من بين الأمم، كما قال صلى الله عليه وسلم ” تزوجوا الودود الولود، فإنى مكاثر بكم الأمم ” وأيضا الانتفاع بدعاء الولد الصالح بعده لقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثه، إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له “

وأيضا حصول الشفاعة بموت الولد الصغير إذا مات قبله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء ” ما منكن من إمرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثه إلا كانوا لها حجابا من النار ” فقالت امرأة واثنين، واثنين، واثنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” واثنين، واثنين، واثنين ” وإنه يجب على الناس جميعا أن يخطبون لبناتهم ممن يرجون منهم الخير والصلاح لأن بناتهم أمانة في أعنقهم، سائلهم اللهُ تعالى عنها يوم القيامة، أحفظوا أم ضيعوا؟ ولذا فهم يحرصون على أن يضعوها في أيد أمينة، عند صاحب الدين والخلق الذي إذا أحبها أكرمها وإذا أبغضها لم يظلمها وإن من ذلك ما فعله الإمام العالم سعيد بن المسيب رحمه الله حيث اختار لابنته تلميذا من تلامذته، كان مثالا في الخلق والدين، في الوقت الذي تقدم لخطبتها الأمراء والوزراء إلا أنه ردهم، فقال لتلميذه ألا تتزوج؟ فقال ومن يزوجني يا إمام؟ قال أنا أزوجك، فقال له متعجبا أنا أتزوج ابنة سعيد التي يخطبها الأمراء والوزراء ويردهم عنها؟ فقال له أنا أزوجك، فدعا من كان في المسجد وعقد عقد زواجهما على درهمين، فيقول هذا الرجل فطرت من الفرح وعدت إلى بيتي، وإذا في المساء وعند غروب الشمس وكنت يومها صائما، فإذا بطارق يطرق الباب، وإذ به الإمام سعيد، فقلت في نفسي لعله تراجع عن كلامه، وقلت له لماذا أتيت يا إمام؟ لو أخبرتنا لأتينا إليك، فقال له مثلك يؤتى، أنت إنسان ونحن قد زوجناك وخفت أن تبيت الليلة عزبا فيحاسبني الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى