مقال

فى طريق المعرفة ومع الخضر عليه السلام ” الجزء الأول “

قصة الخضر عليه السلام " الجزء الأول "

فى طريق المعرفة ومع الخضر عليه السلام ” الجزء الأول “
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن أنبياء ورسل الله تعالى الكرام، ومع شخصيه إحتار فيها الكثير من العلماء والمؤرخين إنه الخضر عليه السلام، وهو أحد أبرز شخصيات سورة الكهف وقصته مع النبي موسى بن عمران عليه السلام معروفة، ولكن القرآن الكريم لم يذكر اسم الخضر صراحة في الآيات الكريمة وإنما جاء وصفه بالعبد دون تحديد من يكون هذا العبد، إنما وردت أحاديث ومنها ما هو موجود في صحيح البخاري تؤكد أن هذا العبد هو الخضر عليه السلام، كما اختلف المفسرون في كون الخضر نبي أو ولي أو رجل صالح، فقال الأكثرون بنبوته وذلك بسبب العلم الذي كان عنده عندما التقى بالنبي موسى عليه السلام وحديثه بأن هذا العلم هو من عند الله تعالى وهذا مما لا يُعرف إلا بالوحي، وقيل إن الخضرعليه السلام هو ابن آدم عليه السلام ومن صلبه، وقيل هو بلياء بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام، وقد سبق بزمانه زمان إبراهيم الخليل عليهم السلام جميعا، وقيل أنه قابيل بن آدم، وقيل أنه بليا بن ملكان بن فالغ بن شالخ بن عامر بن أرفخشد، وقيل أنه المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد، والقول الخامس هو أنه ابن عمائيل بن النوار بن العيص بن إسحاق، والقول السادس هو أنه من سبط النبي هارون بن عمران أخو النبي موسى عليهما السلام وروى عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه عن ابن عباس رضى الله عنهما، وهو بعيد.

القول السابع أنه ابن بنت فرعون، وقيل ابن فرعون لصلبه، حكاه النقاش، والقول الثامن أنه هو النبي اليسع، وقيل أيضا أنه من ولد فارس، وقيل أنه من ولد بعض من كان آمن بالنبي إبراهيم عليه السلام، وهاجر معه من أرض بابل وقيل كان أبوه فارسيا وأمه رومية، وقيل كان أبوه روميا وأمه فارسية، وقيل أنه خضرون بن عاييل بن معمر بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم، وقيل أنه الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه فلا يموت حتى ينفخ في الصور في سورة البقره، وقيل في تسميته بالخضر، أنه جلس على بقعة من الأرض بيضاء، فاهتزت من تحته، وانقلبت خضراء نضرة فسمي الخضر، وقد كان يكنى بأبي العباس وقد صح عن أهل العلم بأن الخضر عليه السلام نبي من أنبياء الله تعالى وقد أورد الله تعالى ذكر جانب من قصته مع نبي الله موسى عليه السلام في القرآن الكريم، وبدأت القصة حين كان نبى الله موسى يعظ ويعلم بني إسرائيل بعض أمور دينهم فسأله رجل من قومه إن كان هناك أحد أعلم منه، فأجابه نبى الله موسى عليه السلام بالنفي، فأوحى الله تعالى له أن هناك من هو أعلم منه، وأخبره الله تعالى أن الخضر موجود عند مجمع البحرين فرغب موسى عليه السلام بلقائه، ورتب الرحلة لذلك، وقد جعل الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام علامةً للقائه بالخضر، وهي ارتداد الحياة للحوت وعودته للبحر، فلما ظهرت العلامة التقى برجل فعرف أنه الخضر، فطلب منه موسى عليه السلام أن يعلمه مما علمه الله تعالى.

وبهذا بدأت قصة رحلة نبى الله موسى والخضر التي ذكرها الله تعالى في سورة الكهف حيث مشيا فركبا في البداية في سفينة فخرقها الخضر فتعجب موسى من ذلك، واستنكر الفعل من الخضر، ثم مرا بغلامٍ فقتله، فذهل موسى واستنكر ذلك أيضا، ثم مرا بقرية بخيلة، وقد نفد معهما الطعام فأبى أهل القرية أن يطعموهما، ثم وجد بعد ذلك الخضر جدارا سينقض في القرية فأصلحه وأقامه، وقد حدث كل ذلك ونبي الله موسى عليه السلام متعجب لا يعلم سر أفعال الخضر، إلا أن يكون الله تعالى قد علمه وأوحى إليه أمرا، ويقول الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه أنه المراد به في الآية ” قال الذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربى ليبلونى أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربى غنى كريم” غير ذلك قول ابن عباس رضى الله عنهما وهو المشهور قال أن المراد به في الآية هو آصف بن برخيا، ولقد اتفق العلماء على وفاته وإنه ميت، ولكن كثر في العوام أنه حي إلى الآن، وقيل أن هناك دعاء للخضر عليه السلام، وقد أورد ابن الجوزي رحمه الله في كتابه الموضوعات دعاء للخضر عليه السلام وهو “عن الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، أنه قال بينما أنا أطوف بالبيت إذا رجل متعلق بأستار الكعبه وهو يقول يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من تغلطه المسائل، يا من لا يتبرم بإلحاح الملحين، أذقنى برد عفوك، وحلاوة رحمتك.

قلت يا عبد الله أعد الكلام قال أو سمعته؟ قلت نعم، قال والذى نفس الخضر بيده، وكان الخضر هو، ولا يقولهن عبد دبر الصلوات المكتوبه إلا غفرت ذنوبه، وإن كانت مثل رمل عاجل وعدد المطر، وورق الشجر” ولكن قيل إن كون هذا الأثر موجود في موضوعات ابن الجوزي دليل على ضعفه ووضعه، وهناك أدلة أخرى على ضعف هذا الدعاء المنسوب لسيدنا الخضر عليه السلام، منها أنه ذكر المحدّث ابن حجر العسقلاني رحمه الله هذا الحديث في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري وقال عنه “أخرجه ابن عساكر من وجهين في كل منهما ضعف” عدم وجود دعاء سيدنا الخضر عليه السلام في كتب السنة المشهورة، وما يترتب عليه من هذا الثواب الجزيل لا يُناسب أن تخلو منه كتب الحديث وموسوعاته، فقد كان علماء السنة حريصين على نفع الأمة، ولم يغفلوا أيا من الآثار والأحاديث التي فيها خير وثواب ولم يذكروها في كتبهم، ومن الأدلة التي يستدل بها علماء مصطلح الحديث على كون الحديث موضوعا كونه مشتمل على الثواب الكثير مقابل العمل القليل، وهذا مما ذكره وأِشار إليه الإمام السيوطي رحمه الله في ألفيته في مصطلح الحديث، أدعية أدبار الصلوات تم الحديث عن دعاء سيدنا الخضر عليه السلام والإشارة إلى ضعف هذا الدعاء وبيان الأدلة على ذلك، ومن المُلاحظ أن هذا الدعاء قد ورد في إطار أدعية أدبار الصلوات، إلا أن الأذكار والأدعية الصحيحة المأثورة.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في هذا المجال تغني عن اللجوء إلى الأدعية الضعيفة والموضوعة، وقيل إنه حين توفي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبينما اجتمع الناس في بيته قبيل دفنه، إذا بصوت ينادي ولا يشاهد الحاضرون صاحبه، معزيا الحاضرين ويعظهم، فارتبك الناس، فطمأنهم علي بن أبي طالب وقال إن الصوت الذي يسمعونه هو صوت الخضر، وما سبق هو رواية متداولة في كتب التراث الإسلامي، منها البداية والنهاية لابن كثير، ويؤمن المتصوفة بمغزاها، وهو أن العبد الصالح الذي ذكر القرآن الكريم أن الله تعالى أرسله لنبيه موسى عليه السلام ليعلمه ويعطيه درسا في التواضع، ظل باقيا حتى بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بل حيّا إلى يومنا ولن يموت حتى يوم القيامة، في استثناء لقوانين الموت والحياة، ليظهر للصالحين فيعظهم ويُنقذهم من المهالك، ويباركهم، بل ويبشر البعض منهم بالمُلك، كعمر بن عبد العزيز، ثم يختفي، وإن المصادر تنقل عن المؤمنين بخلود الخضر قصصا وحكاياتٍ لا حصر لها، عن لقاءاته بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والصحابة وحشود من المتصوفة، ومن لقاءات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والصحابة بالخضر، قد ذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه “الزهر النضر في حال الخضر” أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، خرج في ليلة ومعه الصحابي أنس ابن مالك، وبينما يمشيان سمعا صوت رجل يقول.

“اللهم ارزقني شوق الصالحين إلى ما شوّقتهم إليه” فرد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على صاحب الصوت “لو أضاف أختها إليه؟” فرد الرجل “اللهم تعينني بما ينجيني مما خوّفتني منه” فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “وجبت ورب الكعبة” وطلب من أنس بن مالك الذهاب للرجل ويطلب منه أن يدعو له أى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالعون على تبليغ رسالته وأن تصدّقه أمته، فذهب أنس بن مالك لمكان الصوت فوجد رجلا، وأبلغه بما طلب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فسأل الرجل أنس بن مالك عن اسمه، فرفض الرد عليه، فرفض الرجل أن يدعوا للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد أنس بن مالك رضى الله عنه إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخبره، فأمره أن يخبر الرجل عن هويته، ففعل ذلك أنس، وحينها قال له الرجل مرحبا برسول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ودعا له، وقال اقرأه مني السلام، وقل له أنا أخوك الخضر، وأنا كنت أحق أن آتيك، وفي رواية أخرى رد الرجل أى الخضر، على النبي صلى الله عليه وسلم من خلال أنس بن مالك وقال إن الله فضلك على الأنبياء مثلما فضل به رمضان على الشهور، وفضل أمتك على الأمم مثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، ومن حكاياته مع الصحابة أن الخليفة عمر بن الخطاب كان في المسجد ويستعد لإمامة المصلين لصلاة الجنازة على ميت، فإذا برجل ينادي، يطلب منه عدم البدء،

فانتظر عمر بن الخطاب حتى جاء الرجل وانتظم في صفوف الصلاة، فبدأ عمر بن الخطاب، وحينها قال الرجل “إن تعذبه فقد عصاك وإن تغفر له فإنه فقير إلى رحمتك” ولما دُفن الميت قال الرجل مجهول الهوية “طوبى لك يا صاحب القبر وإن لم تكن عريفا أو جابيا أو خازنا أو كاتبا أو شرطيّا” وهنا طلب عمر بن الخطاب الإتيان بالرجل إليه، ليسأله عن أحواله وكلامه، فاختفى الرجل، ووجد الناس أثر قدمه على الأرض بطول ذراع، فقال عمر بن الخطاب “هذا والله الخضر الذي حدثنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم” وهذا حسبما جاء في كتاب “الجنائز” لابن شاهين، وإن للخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، أكثر من قصة مع الخضر، حيث جاء في “المعرفة والتأريخ” للبسوي، أن رياح بن عبيدة قال رأيت رجلا يُماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يده، فلما صلى قلت يا أبا حفص من الرجل الذي كان معك معتمدا عليك آنفا؟ قال أوقد رأيته يا رياح؟ قلت نعم، قال إني لأراك رجلا صالحا ذاك أخي الخضر، بشّرني أني سأولي أمر هذه الأمة وأعدل، وهنا نلاحظ أن عمر بن عبد العزيز فسّر قدرة ابن عبيدة على رؤية الخضر بأنها دليل على تقواه وصلاحه، ونلاحظ أن الرواية لم توضح أن عمر كان مضطربا أو مستغربا، وكأنه اعتاد لقاء الرجل، وهو ما توضحه قصص أخرى، منها ما ذكره أبو بكر الدينوري في “المجالسة وجواهر العلم” من أن عمر بن عبد العزيز قال رأيت الخضر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى