مقال

فى طريق المعرفه ومع نبى الله يوشع بن نون ” الجزء الخامس “

إعداد / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الخامس مع نبى الله يوشع بن نون عليه السلام، وقد توقفنا مع ذكر النبى يوشع عليه السلام فى الكتاب المقدس، حيث قيل أيضا ” في أيامه بنى حيئيل البيتئيلي اريحا، بابيرام بكره وضع أساسها وبسجوب صغيره نصب أبوابها حسب كلام الرب الذي تكلم به عن يد يشوع بن نون” وقيل أيضا ” وجاء بجميع الكهنة من مدن يهوذا ونجس المرتفعات حيث كان الكهنة يوقدون من جبع إلى بئر سبع وهدم مرتفعات الأبواب التي عند مدخل باب يشوع رئيس المدينة التي عن اليسار في باب المدينة” وقيل أيضا ” الذين جاءوا مع زربابل يشوع نحميا سرايا رعلايا مردخاي بلشان مسفار بغواي رحوم بعنة، عدد رجال شعب إسرائيل” وقيل أيضا ” بنو فحث موآب من بني يشوع ويوآب الفان وثمان مئة واثنا عشر” وقيل أيضا ” اما الكهنة فبنو يدعيا من بيت يشوع تسع مئة وثلاثة وسبعون” وقيل أيضا ” اما اللاويون فبنو يشوع وقدميئيل من بني هودويا أربعة وسبعون” وأيضا ” وقام يشوع بن يوصاداق واخوته الكهنة وزربابل بن شألتئيل واخوته وبنوا مذبح اله إسرائيل ليصعدوا عليه محرقات كما هو مكتوب في شريعة موسى رجل الله” وأيضا ” ووقف يشوع مع بنيه واخوته قدميئيل وبنيه بني يهوذا معا للمناظرة على عاملي الشغل في بيت الله وبني حيناداد مع بنيهم واخوتهم اللاويين” وقيل أيضا ” وفي اليوم الرابع وزنت الفضة والذهب والآنية في بيت الهنا على يد مريموث بن اوريا الكاهن ومعه العازار بن فينحاس ومعهما يوزاباد بن يشوع ونوعديا بن بنّوي اللاويان”

وقيل أيضا ” فوجد بين بني الكهنة من اتخذ نساء غريبة، فمن بني يشوع بن يوصاداق واخوته معشيا واليعزر وياريب وجدليا” وأيضا ” ورمم بجانبه عازر بن يشوع رئيس المصفاة قسما ثانيا من مقابل مصعد بيت السلاح عند الزاوية” وأيضا ” الذين جاءوا مع زربابل يشوع نحميا عزريا رعميا نحماني مردخاي بلشان مسفارث بغواي نحوم وبعنة، عدد رجال شعب إسرائيل” وقيل أيضا ” بنو فحث موآب من بني يشوع ويوآب الفان وثمان مئة وثمانية عشر” وأيضا ” اما الكهنة فبنو يدعيا من بيت يشوع تسع مئة وثلاثة وسبعون” وأيضا ” اما اللاويون فبنو يشوع لقدميئيل من بني هودويا أربعة وسبعون” وأيضا ” وعمل كل الجماعة الراجعين من السبي مظال وسكنوا في المظال لانه لم يعمل بنو إسرائيل هكذا من أيام يشوع بن نون إلى ذلك اليوم وكان فرح عظيم جدا” وأيضا ” ووقف على درج اللاويين يشوع وباني وقدميئيل وشبنيا وبنيّ وشربيا وباني وكناني وصرخوا بصوت عظيم إلى الرب الههم” وأيضا ” وقال اللاويون يشوع وقدميئيل وباني وحشبنيا وشربيا وهوديا وشبنيا وفتحيا قوموا باركوا الرب الهكم من الازل إلى الابد وليتبارك اسم جلالك المتعالي على كل بركة وتسبيح” وأيضا ” واللاويون يشوع بن ازنيا وبنوي من بني حيناداد وقدميئيل” وأيضا ” وفي يشوع ومولادة وبيت فالط” وقيل أيضا ” وسلو وعاموق وحلقيا ويدعيا، هؤلاء هم رؤوس الكهنة واخوتهم في أيام يشوع” وأيضا ” واللاويون يشوع وبنوي وقدميئيل وشربيا ويهوذا ومتنيا الذي على التحميد هو واخوته”

وقيل أيضا ” كان هؤلاء في أيام يوياقيم بن يشوع بن يوصاداق وفي أيام نحميا الوالي وعزرا الكاهن الكاتب” وأيضا ” التي ادخلها أيضا آباؤنا إذ تخلفوا عليها مع يشوع في ملك الأمم الذين طردهم الله من وجه آبائنا إلى أيام داود” وقيل أيضا “لانه لو كان يشوع قد اراحهم لما تكلم بعد ذلك عن يوم آخر” وكان هذا كل ما جاء فى الكتاب المقدس عن نبى الله يوشع بن نون، ولما استقرت يد بني إسرائيل على بيت المقدس استمروا فيه وبين أظهرهم نبي الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله تعالى إليه وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة فكان مدة حياته بعد نبى الله موسى عليه السلام سبعا وعشرين سنة، ويوجد مقام وضريح للنبي يوشع بن نون يقع في الأردن بالقرب من مدينة السلط، ولكن يذكر ان النبي يوشع بن نون مدفون في بغداد في الجانب الغربي بمنطقة الكرخ في مقبرة الشونيزية وتعرف حاليا بالشالجية ويقع قرب محطة القطار ومقابل مطار المثنى ويعود بناؤه إلى العهد الملكي، والذى قال ذلك مستندا إلى وصية عبد الله بن أحمد بن حنبل بان يدفن إلى جوار نبي أحب اليه من أن يكون في جوار أبيه، وهذه الوصية تؤكد على وجود النبي يوشع بن نون في هذه المنطقة، وإن من العبر المستفادة من قصة يوشع بن نون وهو أن بيت المقدس هو مقر الأنبياء ومسكن المؤمنين، وأن التوكل على الله تعالى صفة المؤمنين من عباده، وأن الإيمان بالله تعالى والثقة بأن النصر يكون من عنده طريق للوصول إلى القصد الذي يقصده العبد.

وإن هذه القصة تبين لنا جانبا من جوانب الإعجاز الإلهي، والقدرة الربانية وأنه سبحانه هو المتصرف في هذا الكون وبيده الملك والخلق والتدبير، وبالتالي فهو المستحق للعبادة وحده، كما أنها تظهر تأييد الله لرسله، وإعانته لهم على القيام بما أوكل إليهم من مهام، ومن خلالها يتبين لنا أن المهمات الكبرى، والقضايا المصيرية التى يرتبط بها عز الأمة ونصرها، ينبغي ألا تفوّض إلا لحازم فارغ القلب، لم تأسره الدنيا، ولم يشغله المعاش، ولم تلهه الشهوات، لأن المتعلق بأمور الدنيا، وشؤون الحياة والمعاش، قد يضعف عزمه عن المواجهة والإقدام، والقلب إذا تشعبت به الهموم ضعُف عمل الجوارح، وإذا اجتمع قوي عملها وتوحد الهم، وهو معنى جليل يحتاجه العبد في سيره إلى الله تعالى، فهو بحاجة إلى يوحد همومه ويجمع قلبه لكي يصح سيره، وتتضح وجهته وإلا تشعبت به الهموم ولم يبق للآخرة منها شيء ، وقد أشار النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى في قوله ” من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد ، كفاه الله هم دنياه ، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا ، لم يبال الله في أي أوديته هلك” رواه ابن ماجه، وقوله أيضا صلى الله عليه وسلم ” من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له” رواه الترمذي ، وأما عن قول الحق سبحانه وتعالى ” واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين”

فقد ذكر أهل الكتاب قصة عرفوها في التوراة، واختلف في تعيين الذي أوتي الآيات، فقال ابن مسعود وابن عباس رضى الله عنهما هو بلعام بن باعوراء، ويقال ناعم، وهو من بني إسرائيل في زمن نبى الله موسى عليه السلام، وكان بحيث إذا نظر رأى العرش، وهو المعني بقوله واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ولم يقل آية، وكان في مجلسه اثنتا عشرة ألف محبرة للمتعلمين الذين يكتبون عنه، ثم صار بحيث إنه كان أول من صنف كتابا في أن “ليس للعالم صانع ” وقال مالك بن دينار أنه بعث بلعام بن باعوراء إلى ملك مدين ليدعوه إلى الإيمان، فأعطاه وأقطعه فاتبع دينه وترك دين موسى عليه السلام، ففيه نزلت هذه الآيات، وروى المعتمر بن سليمان عن أبيه قال، كان بلعام قد أوتي النبوة، وكان مجاب الدعوة، فلما أقبل نبى الله موسى عليه السلام في بني إسرائيل يريد قتال الجبارين ، فقد سأل الجبارون بلعام بن باعوراء أن يدعو على نبى الله موسى فقام ليدعو فتحول لسانه بالدعاء على أصحابه، فقيل له في ذلك، فقال لا أقدر على أكثر مما تسمعون، واندلع لسانه على صدره، فقال قد ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة، فلم يبق إلا المكر والخديعة والحيلة، وسأمكر لكم، فإني أرى أن تخرجوا إليهم فتياتكم فإن الله يبغض الزنى، فإن وقعوا فيه هلكوا، ففعلوا فوقع بنو إسرائيل في الزنى، فأرسل الله عليهم الطاعون فمات منهم سبعون ألفا وقد ذكر هذا الخبر بكماله الثعلبي وغيره، وروي أن بلعام بن باعوراء دعا ألا يدخل موسى مدينة الجبارين، فاستجيب له وبقي في التيه.

فقال نبى الله موسى يا رب، بأي ذنب بقينا في التيه فقال بدعاء بلعام، قال فكما سمعت دعاءه علي فاسمع دعائي عليه، فدعا موسى أن ينزع الله عنه الاسم الأعظم فسلخه الله ما كان عليه، وقال أبو حامد في آخر كتاب منهاج العارفين له وسمعت بعض العارفين يقول إن بعض الأنبياء سأل الله تعالى عن أمر بلعام وطرده بعد تلك الآيات والكرامات، فقال الله تعالى ” لم يشكرني يوما من الأيام على ما أعطيته، ولو شكرني على ذلك مرة لما سلبته” وقال عكرمة كان بلعام نبيا وأوتي كتابا، وقال مجاهد إنه أوتي النبوة، فرشاه قومه على أن يسكت ففعل وتركهم على ما هم عليه، وقال الماوردي وهذا غير صحيح، لأن الله تعالى لا يصطفي لنبوته إلا من علم أنه لا يخرج عن طاعته إلى معصيته، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وزيد بن أسلم، أنه نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي، وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مرسل رسولا في ذلك الوقت، وتمنى أن يكون هو ذلك الرسول، فلما أرسل الله رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حسده وكفر به، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ” آمن شعره وكفر قلبه ” وقال سعيد بن المسيب، نزلت في أبي عامر بن صيفي، وكان يلبس المسوح في الجاهلية، فكفر بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فقال يا محمد، ما هذا الذي جئت به ؟ قال جئت بالحنيفية دين إبراهيم قال فإني عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لست عليها لأنك أدخلت فيها ما ليس منها، فقال أبو عامر أمات الله الكاذب منا طريدا وحيدا.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم” نعم أمات الله الكاذب منا كذلك” وإنما قال هذا يعرض برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خرج من مكة فخرج أبو عامر إلى الشام ومر إلى قيصر وكتب إلى المنافقين استعدوا فإني آتيكم من عند قيصر بجند لنخرج محمدا من المدينة فمات بالشام وحيدا، وفيه نزل قول الله عز وجل ” وإرصادا لمن حارب الله ورسوله” كما جاء في سورة التوبة، وقال ابن عباس رضى الله عنهما في رواية نزلت في رجل كان له ثلاث دعوات يستجاب له فيها، وكانت له امرأة يقال لها ” البسوس ” فكان له منها ولد، فقالت اجعل لي منها دعوة واحدة، فقال لك واحدة ، فما تأمرين ؟ قالت ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل، فلما علمت أنه ليس فيهم مثلها رغبت عنه، فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نباحة، فذهب فيها دعوتان فجاء بنوها وقالوا لا صبر لنا عن هذا، وقد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها، فادع الله أن يردها كما كانت فدعا فعادت إلى ما كانت، وذهبت الدعوات فيها، وإن القول الأول هو أشهر، وعليه الأكثر، وقال عبادة بن الصامت نزلت في قريش، آتاهم الله آياته التي أنزلها الله تعالى على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فانسلخوا منها، ولم يقبلوها، وقال ابن عباس رضى الله عنهما كان بلعام من مدينة الجبارين، وقيل كان من اليمن، فانسلخ منها أي من معرفة الله تعالى، أي نزع منه العلم الذي كان يعلمه، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم العلم علمان علم في القلب فذلك العلم النافع وعلم على اللسان فذلك حجة الله تعالى على ابن آدم فهذا مثل علم بلعام وأشباهه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى