مقال

ماذا عن رحلة الإسراء والمعراج ” الجزء الخامس “

رحلة الإسراء والمعراج " الجزء الخامس "

ماذا عن رحلة الإسراء والمعراج ” الجزء الخامس “
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع رحلة الإسراء والمعراج، وترتبط قصة معراج النبي الكريم محمد صلى الله علي وسلم إلى السماء بقصة الإسراء والمعراج حيث ذكرت حادثة الإسراء والمعراج في القرآن الكريم في سورة الإسراء قال الله تعالى “سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير” حيث تعد رحلة الإسراء والمعراج معجزة من معجزات النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والإسراء تعني هي الرحلة التي قطعها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام للمسجد الأقصى بالقدس، والمعراج هو صعود النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى، لكن كيف حدث هذا في ليلة وضحاها، وروي أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال” لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أتى بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، فقال وأتى بي إلى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبريل عليه السلام قيل من معك ؟ قال محمد، قيل اوقد أرسل إليه؟ قال نعم، قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم، فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، قال ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل.

في أيديهم قطع من نار كالأفهار أى حجر علي مقدار ملء الكف، يقذفونها في أفواههم، فتخرج من أدبارهم، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما، قال ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلهما قط بسبيل آل فرعون يمرون عليهم كالإبل المهيومة أى العطاش، حين يعرضون على النار، قال قلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء أكلة الربا، ثم قال رأيت نساء معلقات بثديهن، فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء اللاتي أدخلن على رجالهن من ليس من أولادهم أى الزانيات، قال ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فتكرر نفس الحديث، فلما خلصت إذا يحيي وعيسى وهما أبناء خاله، قال هذا يحي بن زكريا وعيسى بن مريم فسلم عليهما، فسلمت وردا السلام ثم قالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، قال ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح وتكرر نفس الحديث، فلما خلصت فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر، قال، قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أخوك يوسف بن يعقوب فسلم عليه، فسلمت فرد السلام ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، قال ثم صعد بي إلى السماء الرابعة، فإذا فيها رجل فسألته من هو ؟ قال هذا إدريس، قال ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فاستفتح، وتكرر نفس الحديث، فلما خلصت إذا فيها رجل كهل أبيض الرأس واللحية عظيم العثنون أى اللحية، لم أر كهلا أجمل منه قال، قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

قال ثم صعد بي إلى السماء السادسة فاستفتح، وتكرر نفس الحديث، فلما خلصت قال هذا أخوك موسى بن عمران فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخل من أمتي، قال ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح وتكرر نفس الحديث، إذا فيها رجل كهل جالس على كرسي على باب البيت المعمور فقلت يا جبريل ما هذا ؟ قال هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك وإذا خرجوا منه لا يعودون إليه قال قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام، فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، قال ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة، قال هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران، قلت ما هذا يا جبريل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات، قال ثم انتهيت إلى ربي، وفرضت علىّ خمسون صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى بن عمران فقال بما أمرت ؟ قلت أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال إن الصلاة ثقيلة، وإن أمتك ضعيفة، فأرجع إلى ربك، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، وتكرر ذلك إلى أن أمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى، فقال بما أمرت ؟ قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، فقال لي مثل ذلك.

فقلت قد راجعت ربي حتى استحيت منه، فما أنا بفاعل، فمن أداهن منكم إيمانا بهن واحتسابا لهن، كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة” وقد جاء في بعض الطرق أن صدره صلى الله عليه وسلم شق في هذه المرة أيضا، وقد رأى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الـرحلة أمورا عديدة، فقد عرض عليه اللبن والخمر، فاختار اللبن، فقيل له هديت الفطرة أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك، ورأى أربعة أنهار يخرجن من أصل سدرة المنتهى، نهران ظاهران ونهران باطنان، فالظاهران هما النيل والفرات، والباطنان هما نهران في الجنة، ولعل رؤية النيل والفرات كانت إشارة إلى تمكن الإسلام من هذين القطرين، ورأى مالك خازن النار، وهو لا يضحك، وليس على وجهه بشر ولا بشاشة، وكذلك رأي الجنة والنار، ورأى أكلة أموال اليتامى ظلما لهم مشافر كمشافر الإبل، يقذفون في أفواههم قطعا من نار كالأفهار، فتخرج من أدبارهم، ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن أماكنهم، ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم، ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون الطيب السمين، ورأى النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم، رآهن معلقات بثديهن، ورأى عيرا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير ند لهم، وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك دليلا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.

وفي رواية أنه لما بلغ صلى الله عليه وسلم الحجاب الذي يلي الرحمن، إذ خرج ملك من الحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبريل من هذا ؟ قال الذي بعثك بالحق وإني لأقرب مكانا وإن هذا الملك ما رأيته من قبل، ولما جاوز سدرة المنتهى قال له جبريل تقدم يا محمد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تقدم أنت يا جبريل أو كما قال، قال جبريل يا محمد تقدم فإنك أكرم على الله مني، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل على أثره حتى بلغه إلى حجاب منسوج بالذهب فحركه جبريل فقيل من هذا ؟ قال جبريل، قيل ومن معه ؟ قال محمد، قال ملك من وراء الحجاب الله أكبر الله أكبر، قيل من وراء الحجاب ؟ صدق عبدي أنا الله لا إله إلا أنا، فقال ملك أشهد أن محمدا رسول الله، فقيل من وراء الحجاب ؟ صدق عبدي أنا أرسلت محمدا، فقال ملك حي على الصلاة حي على الفلاح، فقيل من وراء الحجاب صدق عبدي دعا إلى عبدي، فأخرج ملك يده من وراء الحجاب فرفعه فتخلف جبريل عنه هناك، وفي رواية أخرى ما زال يقطع مقاما بعد مقام وحجابا بعد حجاب حتى انتهى إلى مقام تخلف عنه فيه جبريل، وقال جبريل يا محمد ما منا إلا له مقام معلوم لو دنوت أنملة لاحترقت، وفي هذه الليلة بسبب احترامك وصلت إلى هذا المقام وإلا فمقامي المعهود عند سدرة المنتهى، فمضى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وحده حتى تجاوز سبعين ألف حجاب، وبين كل حجاب وحجاب مسيرة خمسمائة سنة، فوقف البراق عن المسير فظهر له رفرف وذهب به إلى قرب العرش.

ومنها ترقى حتى وصل إلى منزلة قاب قوسين أو أدنى، كما قال تعالى “ثم دنا” أي دنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه تعالى أي قرب بالمنزلة والمرتبة لا بالمكان فإنه تعالى منزه عنه، وإنما هو قرب المنزلة والدرجة والكرامة والرأفة، “فتدلى” أي سجد لله تعالى لأنه كان قد وجد تلك المرتبة بالخدمة فزاد في الخدمة، وفي السجدة عدة القرب ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” وأما عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لله تعالى، فقد سئلت السيدة عائشة رضى الله عنها هل رأى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل؟ قالت فقد وقف شعري مما قلت، ثم قرأت “لا تدركه الأبصار” وعن ابن العباس رضى الله عنهما انه رآه سبحانه بعين رأسه وروى عطاء عنه أنه رآه صلى الله عليه وسلم بقلبه كذا ذكرهما في المدارك، وعن أبي العالية أنه صلى الله عليه وسلم رآه بفؤاده مرتين، وروى شريك عن أبي ذر في تفسير الآية ” ما كذب الفؤاد ما رأى” وحكى السمرقندي عن محمد بن كعب القرضي وربيع بن أنس بن مالك أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم سئل هل رأيت ربك؟ قال صلى الله عليه وسلم” رأيته بفؤادي ولم أره بعيني” وقد ذكر ابن القيم خلافا في رؤيته صلى الله عليه وسلم ربه تبارك وتعالى، ثم ذكر كلاما لابن تيمية بهذا الصدد، وحاصل البحث أن الرؤية بالعين لم تثبت أصلا، وهو قول لم يقله أحد من الصحابة، وما نقل عن ابن عباس رضى الله عنهما من رؤيته مطلقا ورؤيته بالفؤاد فالأول لا ينافي الثانى.

ثم قال وأما قوله تعالى في سورة النجم” ثم دنا فتدلى” فهو غير الدنو الذي في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه، كما قالت السيدة عائشة رضى الله عنها وابن مسعود رضى الله عنه، والسياق يدل عليه، وأما الدنو والتدلى في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب تبارك وتعالى وتدليه، ولا تعرض في سورة النجم لذلك، بل فيه أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، وهذا هو جبريل عليه السلام، رآه رسل الله محمد صلى الله عليه وسلم على صورته مرتين، مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، وإن رحلة الإسراء والمعراج من معجزات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم التي أعجزت أعداء الله تعالى في كل وقت وكل حين وقد اختلف العلماء متى كانا فقيل أنها ليلة الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ولم تعين السنة، وقيل أنها قبل الهجرة بسنة، فتكون في ربيع الأول، ولم تعين الليلة، وقيل في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب قبل الهجربة بسنة، وقيل قبل الهجرة بستة عشر شهرا، فتكون في ذي القعدة، وقيل قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل بخمس سنين، وقيل بست سنين، والذي عليه أئمة النقل أن الإسراء والمعراج كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة وقبل الهجرة، ويؤكد علماء المسلمين أن هذه الرحلة تمت بالروح والجسد معا وإلا لما حصل لها الإنكار المبالغ فيه من قبيلة قريش، وأن هذه الرحلة تجاوزت حدود الزمان والمكان، وروي عن ابن هشام في السيرة النبوية قال “ثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهو بيت المقدس من إيلياء، وقد فشا الإسلام بمكة في قريش، وفي القبائل كلها”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى