منوعات

متاحف مصر الأثرية

متاحف مصر الأثرية
بقلم : د. حسين عبد البصير
مدير متحف الآثار-مكتبة الإسكندرية
المتاحف الأثرية المصرية عريقة وعظيمة وترسل رسالة مصر الحضارية إلى العالم أجمع. ولقد عرفت مصر المتاحف منذ القرن التاسع عشر في عهد الخديو إسماعيل وتم تأسيس بعض المتاحف في مصر كي تكون متاحف منذ البداية على عكس عدد كبير من المتاحف في العالم مثل المتحف البريطاني في لندن ومتحف اللوفر في باريس والتي كانت قصورًا ثم تم تحويلها إلى متاحف مع الوقت على عكس المتحف المصري في ميدان التحرير الذي تم تأسيس منذ البداية في عام 1902؛ كي يكون وفقًا لأحدث تقاليد لبناء وعرض المتاحف في أوائل القرن العشرين.
متاحف مصر الأثرية
المتحف المصري بميدان التحرير
هو أحد أهم المتاحف العالمية. ويقع في قلب القاهرة بميدان التحرير. يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1835 وكان موقعه في حديقة الأزبكية، حيث ضم وقتها عددًا كبيرًا من الآثار، ثم نقل بمحتوياته إلى قاعة العرض الثانية بقلعة صلاح الدين، حتى فكر الفرنسي أوجست مارييت في افتتاح متحفٍ تعرض فيه مجموعة من الآثار على شاطئ النيل عند بولاق. وعندما تعرضت هذه الآثار لخطر الفيضان تم نقلها إلى ملحق خاص بقصر الخديو إسماعيل في الجيزة، ثم جاء جاستون ماسبيرو وافتتح عام 1902 في عهد الخديو عباس حلمي الثاني مبنى المتحف الجديد في موقعه الحالي.
متحف الفن الإسلامي بالقاهرة
يعد أكبر متحف للفن الإسلامي في العالم حيث يضم مجموعات متنوعة من الفنون الإسلامية من الهند والصين وإيران وصولاً لفنون شبه الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا وبلاد الأندلس. وبدأت فكرة إنشاء متحف للفنون والآثار الإسلامية في عصر الخديو إسماعيل سنة 1869. وتم تنفيذ الفكرة في عهد الخديو توفيق سنة 1880، عندما قام فرانتز باشا بجمع التحف الأثرية التي ترجع إلى العصر الإسلامي في الإيوان الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله. وفي عام 1882 كان عدد التحف الأثرية التي تم جمعها 111 تحفة. وتم بعد ذلك بناء مبنى صغير في صحن جامع الحاكم أطلق عليه اسم “المتحف العربي” تحت إدارة فرانتز باشا. وتم افتتاح مبنى المتحف الحالي في عهد الخديو عباس حلمي الثاني في 28 ديسمبر 1903. ثم تغير اسم الدار سنة 1951 إلي متحف الفن الإسلامي.
المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية
يعرض مجموعة مهمة من الآثار التي عُثر عليها في الإسكندرية وما حولها. وهي في معظمها آثار من العصرين البطلمي والروماني، وتحديدًا منذ نشأة الإسكندرية من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث بعد الميلاد. وافتتح المتحف في 17 أكتوبر 1892.
المتحف القبطي بمصر القديمة
يقع المتحف في مصر القديمة داخل حدود حصن بابليون، والذي توجد بقاياه خلف مبنى المتحف. ولعب جاستون ماسبيرو دورًا مهمًا في نشأة المتحف؛ إذ عمل على جمع أعمال الفن القبطي وتخصيص قاعة لها في المتحف المصري. وبعد ذلك طالب مرقس باشا سميكة عام 1893 بضم مجموعة الآثار القبطية إلى اهتمامات لجنة حفظ الآثار والفنون.
متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية
يعد أول متحف آثار يُقام داخل مكتبة. وجاءت هذه المبادرة نتيجة اكتشاف عدد من القطع الأثرية في موقع المكتبة. وتم تشكيل لجنة لإعداد الدراسات اللازمة لتكوين متحف يضم بعض الأعمال التي تم العثور عليها في موقع المكتبة. وتم تشكيل لجنة من الأثريين لإعداد خطة للمتحف. وتضم مجموعة المتحف عصورًا مختلفة للحضارة المصرية بدءًا من العصر الفرعوني وحتى العصر الإسلامي مرورًا بالحضارة اليونانية التي جاءت إلى مصر مع قدوم الإسكندر الأكبر والتي أعقبتها الحضارة الرومانية ثم القبطية قبل دخول الإسلام إلى مصر.
ويعتبر متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية من أجمع وأروع المتاحف الأثرية في مصر. ويعرض مجموعة من القطع الأثرية في تتابع تاريخي يوضح ثراء وعظمة حضارة مصر العصور ويجسد بذلك رسالة مصر الحضارية الخالدة أرض الحضارات.
المتحف المصري الكبير بالجيزة
يقع بالقرب من أهرامات الجيزة. ويتم بناؤه ليكون أكبر متحف في العالم للآثار ويستوعب 5 ملايين زائر سنويًا. بالإضافة لمباني الخدمات التجارية والترفيهية ومركز الترميم والحديقة المتحفية التي سيزرع بها الأشجار التي كانت معروفة عند المصري القديم. ومن المقرر أن يضم المتحف أكثر من 100,000 قطعة أثرية من العصور الفرعونية، واليونانية الرومانية، مما سيعطي دفعة كبيرة لقطاع في مصر. وهذا المتحف هو البيت الجديد للفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون حيث سوف يتم عرض آثاره كاملة بالمتحف.
وتم نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من موقعه القديم في ميدان رمسيس بالقاهرة ليوضع في موقعه الجديد بمدخل المتحف المصري الكبير، والذي يصل وزنة إلى 83 طنًا.
تم الإنتهاء من نقل عدد كبير من القطع الأثرية من العديد من المواقع والمناطق والمتاحف الأثرية، خصوصًا من المتحف المصري بميدان التحرير، إلي المتحف المصري الكبير. وسوف يعرض به العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، وإن كان أغلبها يعود لعصر الدولة الحديثة.
ومن بينها تمثال كبير للملك أمنحتب الثالث والإله حورس من الجرانيت الوردي يزن حوالى 4 أطنان والذي سيتم عرضه على الدرج العظيم بالمتحف بالإضافة إلى عدد من قطع الفخار ومجموعة من التوابيت.
وتم نقل عدد كبير من القطع الأثرية من المتحف المصري بميدان التحرير إلى المتحف المصري الكبير، ومن ضمن القطع المنقولة عدد كبير من مقتنيات الملك توت عنخ آمون، تمهيدًا لعرضها ضمن مجموعته المقرر نقلها بالكامل إلى المتحف الكبير عند الافتتاح الكلي للمتحف قريبًا إن شاء الله. واستقبل المتحف على فترات مختلفة القطع الخشبية الخاصة بمركب خوفو الثانية؛ وذلك لاستكمال ترميمها وعرضها بالمتحف.
المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط
يقع المتحف في مدينة الفسطاط بالقاهرة على مساحة 33 فدانًا. ويستوعب المتحف خمسين ألف قطعة أثرية تحكي مراحل تطور الحضارة المصرية بالإضافة إلى عرض لإنجازات الإنسان المصري في مجالات الحياة المختلفة منذ فجر التاريخ إلى وقتنا الحاضر. كما يحتوي على نماذج وصور فوتوغرافية ومخطوطات ولوحات زيتية وتحف فنية وآثار من العصور الحجرية والفرعونية واليونانية الرومانية والقبطية والعربية وحضارة السودان والعصر الحديث.
ويطل موقع المتحف على بحيره طبيعية وهي بحيرة عين الصيرة. وتعود فكرة إنشاء المتحف القومى للحضارة المصرية إلى عام 1982 عندما قامت منظمة اليونسكو بالإعلان عن حملة دولية لإنشاء المتحف القومى للحضارة ومتحف النوبة بأسوان.
وفي عام 1999 تم اختيار الموقع الحالي للمتحف بالفسطاط بدلاً من موقعه السابق بالجزيرة. وتم عمل الحفائر الأثرية بموقع المتحف في الفترة. وتم وضع حجر الأساس لمبنى المتحف في عام 2002. وتبلغ مساحة المباني بالمتحف حوالي 130 ألف متر مربع.
ويضم مجموعة من المخازن لحفظ الآثار مجهزة بأحدث التقنيات. وسوف يعرض المتحف الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ وإلى الآن باستخدام أساليب متعددة مما يسلط الضوء على التراث المادي والمعنوي للبلاد.
وسيتم عرض مقتنيات المتحف في 9 قاعات منها معرض رئيس دائم عن أهم إنجازات الحضارة المصرية، مع ستة معارض موضوعية تغطي فجر الحضارة، والنيل، والكتابة، والدولة والمجتمع، والثقافة، والمعتقدات والأفكار، ومعرض المومياوات الملكية. ويتضمن المتحف مساحات مؤقتة واسعة للعرض، وقاعة ومركز للتعليم والبحث، فضلاً عن معرض متعلق بتطور مدينة القاهرة الجديدة. وسيكون بمثابة مكان لمجموعة متنوعة من المناسبات، بما في ذلك عرض الأفلام والمؤتمرات والمحاضرات والأنشطة الثقافية وسيستهدف الجماهير المحلية والوطنية والدولية.
إن المتاحف الأثرية المصرية تعد في رأيي هدية مصر للعالم في القرن والعشرين وتعبر عن أهمية مصر ودورها الحضاري المتواصل عبر السنين.
وسوف يكون المتحف المصري الكبير بالجيزة والمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط إضافة مهمة لمصر وآثارها وتاريخها الحضاري العريق، وسوف يقدمان، مع متاحف مصر الأثرية الأخرى، خدمة ثقافية وترفيهية مميزة لمصر وزوارها على أفضل ما يكون. إن هذه هي مصر الحضارة صاحبة الرسالة الخالدة عبر العصور والأزمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى