مقال

مفهوم التنمية الشاملة ” الجزء التاسع

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع مفهوم التنمية الشامله، وأن التنمية تتطلب الحضور الإنسانى الفاعل في الحياة وليس مجرد الوجود فيها، فهي تتطلب أن يكون الإنسان فاعلا ومؤثرا فى الحياة وأن يضع بصمته في كافة المجالات، وأيضا الاهتمام بالأفكار لما لها من من قدرة على تطوير حياة الإنسان وجعله في مرحلة مستمرة من التنمية والتعمير، من خلال جعل الأفكار الجديدة موضع التنفيذ، وإن مرتكزات الإسلام التنموية هى الاستخدام الأمثل للموارد البشرية، ويشمل ذلك العناية والاهتمام بالعقول البشرية، وإعطائها فرصتها لتحقيق التنمية في مختلف المجالات، والالتزام بأولويات التنمية في الإسلام وهي الضرورات الخمس التي تشمل النفس، والمال، والدين، والعقل، والعرض، وطاعة أوامر الله في كافة الأمور، لأن الأوامر التى أمر بها الخالق هي التى تحقق التنمية ويشمل ذلك العدالة، والإتقان والإحسان في العمل وغيرها من المفاهيم الإسلامية، وإن تنمية الفرد خلقيا وعلميا من خلال تنشئته التنشئة الصحيحة وتربيته على المبادئ الإسلامية.

 

ليصبح له دوره الفعال في المجتمع، عدالة توزيع الثروات في الإسلام بحيث يضمن لكل مواطن مسلم حقه منها، وإن من خصائص التنمية في الإسلام هو التغيير والتطوير قدر الإمكان في كافة الجوانب التي تحتاج إلى ذلك، والاستمرارية فى العملية التطويرية والتنموية لغاية وصول الإنسان إلى هدفه، وأيضا الشمولية ويقصد بها أن تكون العملية التنموية شاملة لقدرات الإنسان المادية والمعنوية، فالتنمية الشاملة هي التركيز على جميع مواطن الضعف في مجتمع ما، سواء كان ذلك اقتصاديا أو سياسيا أو اجتماعيا، وتساهم القوى الداخلية والخارجية مجتمعة بتحقيق التقدم والتنمية في مختلف الأبعاد، والعمل على تقوية نقاط الضعف التي تعاني منها، كما تسعى إلى تفجير الطاقات الكامنة لدى الأفراد بفتح أفق الابداع والابتكار أمامهم، وتأتي التنمية الشاملة للتخلص من الفقر ومعالجته، ومحو الأمية، والتخلص من البطالة بتوفير فرص العمل، كما تهتم بضرورة تحقيق العدالة والمساواة فى توزيع الثروة القومية، بالإضافة إلى منح الأفراد حقوقهم.

 

في التعبير عن الرأى وتمكينهم من الشاركة في صنع القرار، لذلك سميّت بالتنمية الشاملة نظرا لتركيزها على جميع جوانب حياة الأفراد، ويمكننا التوصل إلى أن التنمية الشاملة هي عبارة عملية مجتمعة تهدف إلى إيجاد مجموعة من التحولات الهيكلية وذلك بتوجيه جهود الأفراد الواعية وتسخيرها من خلال تحفيز الطاقة الإنتاجية لديهم، وأما عن التنمية الاجتماعية فتعرف التنمية الاجتماعية بأنها سلسلة من العمليات الإدارية، المخطط لها مسبقا التي تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تقود الطاقات والإمكانات إلى التفاعل والاستغلال الأمثل، وتحفيز جهود الدولة والقطاعات العامة التابعة لها وإيجاد روابط اجتماعية بينها وبين القطاع الخاص والمواطنين، ويأتى ذلك بأكمله لخلق تغيرات على النشاطات والمجالات الاجتماعيّة السائدة كالقيم والعادات والمعتقدات والنظم والمواقف، دون غياب عنصر الاهتمام بالحاجات الفسيولوجية والخدمية والمعيشية للأفراد، وتثمر التنمية الاجتماعية بتحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع.

 

وذلك على الصعيد المادى والمعنوى، وإن من عناصر التنمية الاجتماعيّة هو التغير في البنية الاجتماعيّة وهو ما يجب أن يطرأ على المنظمات الاجتماعية الحديثة النشأة وأدوارها من تغييرات جذرية حتى تكون مختلفة تماما عن المنظمات القائمة من قبل في البيئة المجتمعية نفسها، ويساهم هذا التغير بإحداث تحولات ملحوظة فى كل من النظم والظواهر المنتشرة في مجتمع ما، وأيضا الدفعة القوية ويتمثل هذا العنصر من خلال إيجاد وخلق تغييرات جذرية تخفض من مستويات التباين فيما بين الأفراد فيما يتعلق بالثروات، والسعي لتوزيعها بشكل عادل بين المواطنين، إذ يقتضى ذلك أن يصبح التعليم متطلبا إلزاميا ومجانيا في المجتمع، وتوسيع نطاق التأمين على العلاج، ونشر المشاريع السكنية، وتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين، وأيضا من العناصر هى الاستراتيجية الملائمة وهو ما تسعى إليه السياسة الإنمائية في ظل إحداث نقلات نوعية من الوضع الحالى المتمثل بالتخلف الذي يعيشه مجتمع ما وقيادته نحو التطور والتقدم.

 

وخلق حالة من النمو الذاتى من خلال الاستغلال الأمثل للوسائل المتوفرة لتحقيق الأهداف المنشودة من التنمية الاجتماعيّة، وإن من أهداف التنمية الاجتماعيّة هو التحفيز على التغير المستمر والترغيب به، وتنبثق هذه الرغبة من حالة عدم الرضا التي يعيشها الأفراد في مجتمع ما حول الوضع الراهن، والرغبة بالسعي لتقمص أدوار مستحدثة في المجتمع حتى يصبح المجتمع متقدما اجتماعيا وماديا، وأيضا رفع مستويات التعليم والارتقاء بالأوضاع الاجتماعيّة للأفراد، ومد يد العون لهم فى حل المشاكل التي تواجههم، وخلق حلول جذرية لما خلفته التنمية الاقتصادية من مشاكل، ومن أبرزها ارتفاع معدلات البطالة نتيجة الانتقال من الريف إلى المدن، وتوطيد أسمى المعاني والقيم وغرسها في نفوس الأفراد، ودعم اللبنة الأولى في المجتمع وهي الأسرة وتعميق أواصر التماسك والاستقرار فيما بينها، وإن من معوقات التنمية الاجتماعية وأنه تصنف العوائق التي تقف في وجه التنمية الاجتماعية إلى عدة أنواع، ومنها الفساد الإدارى.

 

حيث يخضع الكيان الاجتماعى للتهديد من قبل ظاهرة الفساد الإدارى، والتى تعد الأكثر بروزا من بين الظواهر المجتمعية السائدة، فيتمثل ذلك بمنع تحقيق وتنفيذ العمليات المتعلقة بالتنمية الاجتماعية التي تتطلع حكومات الدول إلى تنفيذها، وتعتبر من الظواهر المدمرة، وأيضا فإن هناك معوقات اجتماعية ومنها العصبية، إذ قد يمانع المجتمع من تنفيذ بعض الممارسات المرتبطة بالتنمية الاجتماعية نظرا لمخالفتها لمعتقدات يؤمنون بها أو لأسباب مجهولة، وكذلك الاستغلال وتعارض المصالح، وتعتقد بعض الجماعات والمواطنين أنهم سيفتقدون للاستقرار والأمان في حال تطبيق مشاريع التنمية الاجتماعيّة، وأيضا المنزلة الاجتماعية، ولهذا العائق دور كبير في الحد من تنفيذ مشاريع التنمية، إذ لا تقبل بعض فئات المجتمع امتهان أدوار أخرى غير التي كانت تمتهنها، ويوجد أيضا معوقات ثقافية، وهى أن تتطلب التنمية الاجتماعية قبل مباشرة العمل بها وضع بنية المجتمع تحت المجهر ودراستها عن كثب، حتى يكون الباحث على علم.

 

ودراية بالثقافة التي يؤمن بها ذلك المجتمع حتى لا يترتب على ذلك الفشل لهذه المشاريع، وأيضا فإن هناك معوقات نفسية ويرتبط هذا النوع بالفرد نفسه، ومدى قابليته للانخراط بالمشاريع والبرامج التنموية المستحدثة في بيئته، ويعتمد ذلك على قبوله أو عدمه المتعلق بالأهمية والقيمة التي تمتلكها مشاريع التنمية وبرامجها، وأيضا فإن هناك معوقات تخطيطية وهو الافتقار للتوازن والتكامل بين شتى القطاعات التي تشتمل عليها الخطة التنموية، وكف يد أفراد المجتمع عن المشاركة في العملية التنموية، مع العلم أن للمشاركة الشعبية أهمية بالغة في رفع مستويات الوعى بمدى أهمية التنمية، وأيضا انخفاض مستويات الوعي التخطيطي، والجهل بالمعرفة الفنية والعلمية اللازمتين لرسم أبعاد التخطيط الشامل، وكذلك غياب التعاون والتنسيق بين الجهات المختصة بعملية التنمية وخاصة جهازي التخطيط والتنفيذ، وأيضا أساليب التنمية الاجتماعية وهى التنمية القائمة بالاعتماد على القيادة الخارجية، والارتكاز على الموارد الذاتية في تحقيق التنمية الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى