مقال

مفهوم التنمية الشاملة ” الجزء الثالث عشر “

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث عشر مع مفهوم التنمية الشامله، وقد توقفنا مع المهمات الشخصية، وأنه يجب أن تكون لدينا مجموعة من الوصايا الصغرى تحدد طريقة مسارنا في حركتنا اليومية، وهي بمثابة مبادئ ثابتة فاسع لمرضاة الله دائما، واستحضر النية الصالحة في عمل مباح، ولا تجادل في خصوصياتك، فالنجاح في المنزل أولا، وحافظ على لياقتك البدنية، ولا تترك عادة الرياضة مهما كانت الظروف، ولا تساوم على شرفك أو كرامتك، واستمع للطرفين قبل إصدار الحكم، وتعود استشارة أهل الخبرة، ودافع عن إخوانك الغائبين، وسهل نجاح مرءوسيك وليكن لك دائما أهداف مرحلية قصيرة، ووفر شيئا من دخلك للطوارئ، وأخضع دوافعك لمبادئك، وطور مهارة كل عام، وأسضا التنمية الشخصية على صعيد العلاقات مع الآخرين، وهى تحسين الذات أولا فإن في داخل كل منا قوة تدفعه إلى الخارج باستمرار ، فنحن نطلب من الآخرين أن يقدروا ظروفنا وأن يفهموا أوضاعنا وأن يشعروا بشعورنا، ولكن قليل من الناس من يطلب هذا الطلب من نفسه.

 

وقليل منهم من يقدر شعور الآخرين ويفهم مطالبهم، فإن الأب الذى يريد من ابنه أن يكون بارا مطالب بأن يكون أبا عطوفا أولا، والجار الذى يريد من جيرانه أن يقدموا له يد العون يجب أن يبذل لهم العون وهكذا، وليكن شعارنا هو “البداية من عندى” فإننا بحاجة في كثير من الأحيان أن نعبر عن تقديرنا وحبنا للآخرين بشكل غير مباشر يفهمه الآخرين، وإن الإشارات الغير لفظية والتي تمثل عيادة المريض أو تقديم يد العون في أزمة أو باقة ورد في مناسبة أو حتى الصفح عن زلة لهو في الغالب أشد وأعمق تأثيرا فى النفس البشرية، ولا شك أن هذا الأمر بحاجة إلى معرفة ومران وتمرس لكي نتقنه، فما أجمل أن يصطفى الإنسان من إخوانه من يكون له أخا يستند إليه في الملمات ويعينه وقت الشدائد ويبوح له بما في نفسه، فيسقط معه مؤونة التكلف من جراء تلك المسافة القصيرة التي تقرب قلوبهم إلى بعضها، والإنسان بحاجة ماسة إلى هؤلاء، فقد أثبتت بعض الدراسات أن الذين يفقدون شخصا يثقون به وقريبا منهم لهم أشد عرضة للاكتئاب.

 

بل وإن بعض صور الاضطراب العقلى تنشأ من مواجهة الإنسان لمشاق وصعوبات كبرى دون من يسانده، لذلك إن وجد الإنسان ذلك الأخ الحميم، فليحسن معاشرته، وليؤد حقوقه، وليصفح عن زلاته، وإن من الأقوال الرمزية، وهو أن كل شخص يولد وعلى جبهته علامة تقول من فضلك اجعلني أشعر أنني مهم، فكلما وقع اتصال بين الناس تناقلوا بينهم رسالة صامتة تقول فضلا اعترف بكياني، لا تمر بي غير آبه، فالإنسان مهما كان عبقريا وفذا وناجحا فإنه يظل متلهفا لمعرفة انطباع الناس عنه، وكثيرا ما يؤدى التشجيع إلى تفجير أفضل ما لدى الأمة من طاقات كامنة، وكان ذلك فعل النبى صلى الله عليه وسلم حيث وصف أصحابه بصفات تميزهم عن غيرهم، فإن اكتشاف الميزات التى يمتلكها الناس بحاجة إلى نوع من الفراسة والإبداع، وقبل ذلك الاهتمام، وتأهيل النفس للعمل ضمن فريق، فإن الواقع يشهد أننا نعيش في عالم يزداد فيه الاعتماد على المجموعات في إنجاز الأعمال، وذلك لتعقد المهمات في العمل الواحد.

 

وحتى يرتفع مستوى الأداء والإنتاجية فى العمل، فإن كثير من الناس يعيش حالة من النمو الزائد في الفردية، فتجده ينجح في أعمال كثيرة تتطلب عملا فرديا، فإذا ما عملوا في لجنة أو مجموعة فإنهم يسجلون نتائج سلبية وغير مشجعة، ومردود ذلك على نهضة الأمة في منتهى السوء، وحتى يتأهل الإنسان للعمل ضمن فريق فإنه بحاجة لأن يتدرب على عدة أمور منها هو حسن الاستماع والإصغاء لوجهة نظر الآخرين، وفهم كلا من طبيعة العمل ودوره في ذلك العمل، وفهم الخلفية النفسية والثقافية لأفراد المجموعة التي يتعاون معها، والحرص على استشارة أفراد المجموعة فى كل جزئية فى العمل المشترك تحتاج إلى قرار، والاعتراف بالخطأ ومحاولة التعلم منه، وعدم الإقدام على أى تصرف يجعل زملاءه يسيئون فهمه، وعدم إفشاء أسرار العمل أو التحدث عن أشياء ليست من اختصاصه، والمبادرة لتصحيح أى خطأ يصدر من أى فرد من أفراد الفريق وفق آداب النصيحة، وتحمل ما يحدث من تجاوزات وإساءات من الأفراد واحتساب ذلك عند الله تعالى.

 

وإذا تعذر عليه الاستمرار ضمن الفريق فعليه أن يفارقهم بإحسان وأن يستر الزلات، وهكذا فإن تطوير الذات وتنمية الشخصية هى هدف كل شخص يطمح إلى أن يكون الأفضل، ويتحقق تطوير الذات بتعزيز نقاط القوة والتركيز على الهدف والنظرة المستقبلية المتفائلة للأمور وتهذيب النفس، وتطوير الفكر والمهارات، وتعزيز الثقة بالنفس، والإيمان بأن الفشل هو محطة للوصول للهدف، فإن عندما يرحل أحدهم، فذلك لأن أحدا آخر على وشك الوصول، فتفاءل دائما، وإعلم أن كلمة آسف وأعتذر لك ليست كلمة مذلة للنفس، بل هى كلمات تقال لكى يعرف الشخص الآخر، أنك لا تريد خسـارته، فكن السبب في أن يبتسم أحد كل يوم، فإذا تمالكت أعصابك في لحظة غضب واحدة، ستوفر على نفسك أياما من الحزن والندم، وما يعتقده الآخرون عنك ليس من شأنك، وما تعتقده عن نفسك هو شأنك مدى الحياة، وإن من السهل أن تكره ومن الصعب جدا أن تحب، فهذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور في الحياة.

 

وكل الأشياء الجيدة من الصعب القيام بها وتحقيقها، وكل الأشياء السيئة من السهل جدا الاعتياد عليها، وإن المعرفة الحقيقية هي أن تعرف حدود جهلك من ارتكب خطأ ولا يحاول إصلاحه، فقد ارتكب خطأ آخر، ولا تستصغر أى معروف أسديته إلى إنسان، فقد يكون هذا المعروف الصغير قد احتل جزءا كبيرا في قلبه، وبدلا من انشغالك بتصحيح ظنون الناس بك أو إقناعهم بالإيمان بقدراتك، انشغل بعملك وبإنجاز ما سيغير ظنونهم تلقائيا، فإنه ليس خطأك أن تولد فقيرا، ولكنه خطؤك أن تموت فقيرا، فما أشقى الرجل الذي يملأ بطنه بالطعام طوال اليوم، دون أن يجهد عقله في شيء، فيصعد ماء البحر المالح إلى السماء بخارا، فيكون غماما ثم يعود إلى الأرض غيثا عذبا نقيا، فاصعد بأخلاقك عاليا وانظر كيف سيكون المردود، فعندما يغلق باب يفتح باب آخر، لكننا ننظر لفترة طويلة بندم إلى الباب المغلق ولا نرى الباب المفتوح، ويرى الناجح حلا لكل مشكلة، أما الفاشل فيرى المشكلة فى كل حل، وأن هناك إنسان لا يتقبل أو لا يتلقى الحديث عنه بالترحاب وغالبا معظم الناس لا يرحبون بهذا لأننا نحن ننظر إلى حياتنا.

 

الاجتماعية نظرة أنانية فنحن يهمنا دائما ما يتصل بالجانب الفردى لدينا و لا نهتم بالقضية الاجتماعية مع أن معظم الجانب الاجتماعي أو الحياة الاجتماعية تشكل أهم مورد لسعادة الإنسان ولأمنه ولاستقراره ولنموه فنحن حين نولد لا نعرف شيئا ويعني المشاعر واللغة ومعايير الخطأ والصواب ومعايير الخير والشر فكل هذا يكتسب من المجتمع لكن للأسف هذا الجانب دائما يلقى الإهمال حتى الكتب التي تكتب في هذا لا تتقبل بالترحيب مثل الكتب التي تدور حول المسائل الشخصية وهذا سوء فهم للقضية فإن المفهوم الأول هو أن يسعى الإنسان أن يؤهل نفسه للعمل ضمن فريق وإن من المهم أن ندرك أن اجتماع الناس بعضهم مع بعض دائما يولد توترات ودائما يولد مشكلات وهى لأن أهواؤنا مختلفة أمزجتنا مختلفة وأفهامنا مختلفة ورؤانا مختلفة وتربيتنا مختلفة ومصالحنا مختلفة، ولذلك حين نلتقى فإن هذا اللقاء هو معقد للابتلاء الاجتماعي والله عز وجل جعل لقاء الناس بعضهم مع بعض نقطة ابتلاء يبلو بعضنا ببعض ويختبر بعضنا من خلال البعض الآخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى