مقال

أنبياء مزيفون ” الجزء الثالث “

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الأنبياء المزيفون، وكان من ضمن هؤلاء هو بهاء الدين السودانى، وبهاء الدين هو مهندس زراعى سودانى الجنسية، وقد ادعى كغيره النبوة وأنه مرسل من عند الله وانه سيكون الرسول رقم السادس والعشرين، زاعما أن هناك كتابا سينزله الوحى عليه بديلا للقرآن الكريم حسب زعمه، وفى سبيل دعوته وزع منشورات على المواطنين بمطار القاهرة تروج لفكره وتؤكد صدق نبوته، وتحثهم على الانضمام لدعوته، وأكدت مصادر مقربة للمتهم فى ذلك الوقت أنه لا يبدو عليه آثار جنون إطلاقا بل فى حالة عقلية سليمة، ألقت سلطات الأمن بمطار القاهرة القبض عليه وأحيل للنيابة التى باشرت التحقيق معه، وفى محافظة أسوان تلك المحافظة السياحية الهادئة كان المدعى أحمد ينسج خيط اخر من خيوط مدعى النبوة ولأجل إضفاء شىء من الخصوصية على دعوته أضاف لنفسه صفة جديدة وادعى أنه المهدى المنتظر، وبدأ المدعو أحمد فى نشر تلك الأفكار الغريبة بقريته فى الطوناب التابعة لمركز إدفو بشمال أسوان.

 

وأسقط عن أتباعه أداء الفروض الواجبة للصلاة والصوم والزكاة متبعا نفس المنهج الذى أتبعه المقنع الخرسانى، وقد سقط المزارع الأسوانى فى قبضة رجال الداخلية بعدما وردت معلومات من الأهالى بنشره لأفكار غريبة تتنافى مع صحيح الدين، وأحيلت قضيته إلى نيابة أمن الدولة العليا للاختصاص، ويشهد التاريخ الإسلامي على عديدين ادعوا النبوة حتى في حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، كمسيلمة الكذاب في اليمامة والأسود العنسي في اليمن، وازدادت الحالات فى العهدين الأموى والعباسى، وإن تلبست أحيانا طابعا سياسيا فظهر طلحة بن خويلد وجندب بن كلثوم وحنظلة بن يزيد الكوفى والحارث الدمشقى، وبابك الخُرمى وغيرهم حتى أن بعض الخلفاء سئموا من كثرتهم فكانوا يأمرون عمالهم بقتلهم بلا محاكمة، والغريب أن هذه الظاهرة لم تتوقف حتى فى عصرنا الحديث الذى يزخر بحالات عجيبة من مدعي ومدعيات النبوة، منهم أناس عاديون، وربات بيوت، ومعلمات، وأساتذة جامعات، وعاطلون عن العمل.

 

ممن زعموا تنزل الوحى عليهم بدافع الجنون والطمع وحب الشهرة والسلطة، ونجحوا في فتنة الكثيرين، فمن هم أشهر هؤلاء المدعين؟ هو ياسر حسين ويعتبر ياسر حسين هو آخر من ادعى النبوة في أيامنا هذه، وهو رجل سياسة شيعى وكان حينها مرشحا للانتخابات البرلمانية العراقية عن محافظة ذى قار، ويبدو أنه لم يجد طريقا أقصر لكسب مقعد في البرلمان، من أن يضع صفة النبى قبل اسمه الأول على لوحة إعلاناته الانتخابية التي تم توزيعها في شوارع محافظته، وبمجرد أن وصلت صورة الإعلان إلى وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر ضجت بالسخرية من هذا الرجل الذى قامت السلطات العراقية باعتقاله بسبب سلوكه غير الشرعى أثناء الانتخاباتن وكان المعلقون عموما، قد صبّوا جام غضبهم على حسين الذي زعم أن الله كلفه بالترشح للانتخابات، وكان غريبا أنه لقي مساعدة في نشر إعلاناته وبطاقات دعايات عن نبوته بين الناخبين في محافظته، إلى أن انتشرت إشاعات بمرضه النفسى.

 

وكان من ضمن هؤلاء أيضا المدعية منال وحيد مناع حين كان عمرها اثنين وأربعين عاما، وقد ادعت المصرية منال مناع النبوة، وأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو من بشّرها بذلك، ثم زعمت ربة المنزل ذات الخمسة أبناء، أن بيتها قبلة للصلاة وللأولياء وكان سبقها إلى هذا الدجل عمها عمر حسانين الذى ادعى النبوة ومات في السجن بعد اعتقاله، مدعية أنه يؤدي مناسك الحج عن أتباعها بالنيابة فأسقطت عنهم هذه الفريضة، ورغم حياتها الشخصية العادية، فإن مناع بقيت على دعوتها هذه مدة تسع سنوات، تدعى خلالها أن الملائكة وآل البيت يظهرون لها في حلقاتها، وكانت تعتزل في يومى الخميس والجمعة من كل أسبوع، من أجل ما تسميه بالمشاهدات، التي كانت من خلالها تنقل تعاليم الله إلى مصدقيها وأتباعها مدعية هبوط الوحي عليها، وبقيت على هذه الحال، إلى أن قبض عليها العام وحكم عليها بالسجن لعدة سنوات، وقيل أنه خلال فترة دعوتها تبعها ما لا يقل عن مائتى وخمسين شخصا، متنوعي الأفكار.

 

والثقافة والمستوى الاجتماعي، وكان بعضهم يرى أنها خلطت الصوفية بالإسلام، وبالمذهب الشيعى، وفى بداية العام ألفين ميلادى، ظهرت إحدى المدرسات في مدرسة ثانوية بالعاصمة تونس، مدعية أنها أم الأنبياء، كما ادعت في حينه، أن بشارتها بالنبوة، أتتها عن طريق مكالمة هاتفية وفيما بعد، تحدثت بعض المواد الصحفية، أنها تعرضت لهاتف سماوي، أخبرها أن تكمل رسالتها في توحيد الديانات كما كانت تقول لطلابها في المدرسة، وبعد أن أخذت تبشر بديانتها التوحيدية بين صفوف الطلاب، وقد استمرت دعوة زهرة لثلاثة أعوام، إلى أن ألقت السلطات التونسية القبض عليها، ووضعت في مصحة نفسية، لكنها استمرت في كتابة هذه النصوص مصرة أن ما تكتبه يمثل إرادة الله على الأرض، ومن ضمن هؤلاء أيضا هى ثريا منقوش والتى قامت فى وسط اجتماع للحزب الاشتراكي اليمني، لتقول للحاضرين حينما تختل الموازين على الأرض ويعبث الإنسان بأخيه الإنسان وتنتشر الشرور ويمسي الفجور والظلم والجبروت.

 

قيما تحكم الناس، حينها تتدخل السماء ليصطفي الله رسولا من الناس، وهكذا أعلنت منقوش نبوتها فجأة، وبعد ذلك، أخذت ثريا تصر على نبوتها، ووزعت بيانا تشرح فيه أنها كانت تعتنق الفكر الماركسي، لكن دعوتها الآن رسالة سماوية، وليس فيها أي عبقرية كما في أفكار ماركس أو هيجل، وأن ما فى وجدانها أفضل مما لديهم وأفضل من كل عباقرة العالم، وأن رسالتها للبشرية بأسرها وتشريع ومنهج للعالم‏،‏ والغريب، أن السلطات اليمنية والناس لم يقوما بأي ردة فعل على إعلان منقوش هذا، وبقيت مصرة على رسالتها هذه، إلى ان خفت صوتها وحده، دون استجابة مؤثرة من قبل أحد، ويذكر أنها حاولت في عام ألفان وأربعه، تجديد دعوتها، من خلال موقعها الخاص، قائلة إن الوحى لم ينقطع عن الأرض، وأن النبوة ليست حكرا على الرجال، وكان من يسن هؤلاء هو رشاد خليفة الذى كانت ولادته في مصر عام ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثون ميلادى ودراسته للكيماء، ثم انتقاله إلى الولايات المتحدة ليصبح أحد الكيميائيين العرب.

 

المعروفين هناك، فقام رشاد خليفة، بتسجيل مقاطع فيديو، ادعى فيها أنه يعرف القرآن الكريم أكثر من مفسريه أيا كانوا عبر التاريخ، وأنه أعلم من أى شخصٍ بالمعادلات الرياضية الموجودة فى القرآن الكريم، وأنه لأجل علمه هبط عليه جبريل، ثم توجه إلى الناس عبر مسجد أسسه في ولاية أريزونا الامريكية، قائلا إنه مرسل من الله، وأن الأنبياء انقطعوا لكن الرسل باقون، ثم أخذ يدعى تزوير الصحابة للقرآن متهما كذلك أى شخص يتبع شيئا غير القرآن، حتى لو كان السنة، بأنه كافر، كما كفر الشيعة وغيرهم، وقال إنهم جميعا فى النار، ولم يطل به الأمر، حتى قتل نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، ويشاع أن السلطات الأمريكية ألقت القبض على قاتليه بعد سنوات، دون أدلة دامغة، وأيضا كان من بين هؤلاء المدعين هو غلام القاديانى، ويعد غلام أحمد القادياني، هو الرجل الوحيد الذى تجرأ على الادعاء أنه رسول ونبى باسم أكثر من ديانة، فهو بدأ مقدما نفسه أنه المهدى المنتظر، ثم تطور الأمر ليصبح المسيح ابن مريم المخلص المنتظر آخر الزمان كذلك ادعى لاحقا، وربما تماشيا مع الثقافة الهندية، أنه الإله بوذا، إلى أن بدأ مطلع القرن العشرين يرى فيه نفسه مبعوثا من الله حتى يجدد الإسلام.أنبياء مزيفون " الجزء الثالث "

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى