مقال

أنبياء مزيفون ” الجزء الثانى

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الأنبياء المزيفون، وقد توقفنا عند يوم الأخابث وقول طاهر بن أبى هالة “ووالله لولا الله لا شئ غيره، لما فض بالاجراع جمع العثاعث، فلم ترعيني مثل يوم رأيته، بجنب صحار في جموع الاخابث، قتلناهم مابين قنة خامر، إلى القيعة الحمراء ذات النبائث، وفئنا بأموال الاخابث عنوة، جهارا ولم نحفل بتلك الهثاهث، وقال وعسكر طاهر على طريق الاخابث، ومعه مسروق في عك ينتظر أمر أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وقد أدار سيف خبر ردة عك والاشعريين على من تخيله طاهر بن أبى هالة، وطاهر ابن أبى هالة التميمي هو إبن أم المؤمنين خديجة وربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعامله في حياته، وروى الطبرى عن سيف فى خبر فتح أليس وأمغيشيا من فتوح سواد العراق وقال في خبر أليس فاقتتلوا قتالا شديدا والمشركون يزيدهم كلبا وشدة ما يتوقعون من قدوم بهمن جاذويه فصابروا المسلمى للذى كان في علم الله أن يصيرهم إليه وحرب المسلمون عليهم وقال خالد اللهم إن لك علي إن منحتنا أكتافهم.

 

ألا أستبقي منهم أحدا قدرنا عليه حتى أجرى نهرهم بدمائهم، ثم أن الله عزوجل كشفهم للمسلمين ومنحهم أكتافهم فأمر خالد بن الوليد مناديه فنادى في الناس الاسر الاسر لا تقتلوا إلا من امنتع، فأقبلت الخيول بهم أفواجا مستأسرين يساقون سوقا وقد وكل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر ففعل ذلك بهم يوما وليلة وطلبوهم الغد وبعد الغد حتى انتهوا إلى النهرين ومقدار ذلك من كل جوانب أليس، فضرب أعناقهم وقال له القعقاع وأشباه له لو أنك قتلت أهل الارض لم تجر دماؤهم إن الدماء لا تزيد على أن ترقرق منذ نهيت عن السيلان ونهيت الارض عن نشف الدماء فأرسل عليها الماء، تبر بيمينك وقد كان صد الماء عن النهر فأعاده فجرى دما عبيطا فسمى نهر الدم لذلك الشأن إلى اليوم، وقال آخرون منهم بشير بن الخصاصية قال وبلغنا أن الارض لما نشفت دم ابن آدم نهيت عن نشف الدماء ونهى الدم عن السيلان الا مقدار برده، وقال كانت على النهر أرحاء فطحنت بالماء وهو أحمر قوت العسكر ثمانية عشر ألفا أو يزيدون ثلاثة أيام.

 

وقال بعده فى خبر هدم مدينة أمغيشيا لما فرغ خالد بن الوليد من وقعة أليس نهض فأتى أمغيشيا وقد أعجلهم عما فيها وقد جلا أهلها وتفرقوا في السواد فأمر خالد بهدم أمغيشيا وكل شئ كان في حيزها وكانت مصرا كالحيرة وكانت أليس من مسالحها فأصابوا فيها ما لم يصيبوا مثله قط، ومع نظرة تأمل في رواية سيف عن أليس ومدينة أمغيشيا قال سيف في وقعة أليس آلى خالد بن الوليد أن يجرى نهرهم بدمائهم فلما غلب غير مجرى الماء من نهرهم واستأسر فلول الجيش الفارسى والمدنيين من أهل الارياف من كل جوانب، وإن أليس مسافة يومين وأقبلت الخيول بهم أفواجا مستأسرين ووكل بهم رجالا يضربون أعناقهم على النهر يوما وليلة والدم يتشف فقال له القعقاع الصحابي وأشباه له لو قتلت أهل الارض لم تجر دماءهم، أرسل عليها الماء تبر يمينك فأرسل عليها الماء فأعاده فجرى النهر دما عبيطا فسمي نهر الدم لذلك إلى اليوم، ثم قال ذهب خالد بن الوليد إلى أمغيشيا وكانت مصرا كالحيرة فأمر بهدم أمغيشيا وكل شئ كان في حيزها.

 

وبلغ عدد قتلاهم سبعين ألفا، وأما هدم مدينة أمغيشيا فقد كان له نظير في التاريخ من قبل طغاة مثل هولاكو وجنكيز وكذلك قتل الاسرى غير أن سيفا نسب إلى خالد بن الوليد ما لم يجر له نظير في تاريخ الحروب وهو أنه أجرى نهرهم بدمائهم وأنه سمي نهر الدم إلى اليوم، وقيل أن ما ذكره سيف فيها خلاف ما يعرفه إهل السير، إذا فما الذى دعاهم إلى اعتماد روايات سيف دون غيرها مع علمهم بكذبه وزندقته، إن هو إلا أن سيف حلى مفترياته بإطار من نشر مناقب ذوى السلطة من الصحابة فبذل العلماء وسعهم في نشرها وترويجها مع علمهم بكذبها، ففي فتوح العراق مثلا أورد مفترياته تحت شعار مناقب خالد بن الوليد، فقد وضع على لسان أبي بكر الصديق أنه قال بعد معركة أليس وهدم مدينة أمغيشيا ” يا معشر قريش عدا أسدكم على الاسد فغلبه على خراذيله، أعجزت النساء أن ينشئن مثل خالد ” وكما زين ما اختلق في معارك الردة بإطار من مناقب الخليفة أبي بكر الصديق، وكذلك فعل في ما روى واختلق عن فتوح الشام وإيران.

 

على عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، والفتن في عصر الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضى الله عنه، وواقعة الجمل في عصر الإمام على بن ابى طالب رضى الله عنه، فإنه زين جميعها بإطار من مناقب ذوى السلطة والدفاع عنهم في ما انتقدوا عليها وبذلك راجت روايات سيف وشاعت أكاذيبه و نسيت الروايات الصحيحة وأهملت على أنه ليس في ما وضعه سيف واختلق على الاغلب فضيلة للصحابة بل فيه مذمة لهم، ومهما يكن من أمر فإن بضاعة سيف المزجاة انما راجت لانه طلاها بطلاء من مناقب الكبراء وإن حرص هؤلاء على نشر فضائل ذوى السلطة والدفاع عنهم أدى بهم إلى نشر ما فى ظاهره فضيلة لهم وإن لم تكن لهم في واقعه فضيلة، وإن الأنبياء والرسل الكرام عليهم السلام قد اختارهم الله تعالى لهداية الناس إلى عبادته وتعليمهم أصول الدين الصحيح ودعوتهم إلى الأخلاق والفضيلة، وعلى مر التاريخ ظهر مجموعة من ضعاف النفوس ادعوا النبوة وأمروا الناس باتباعهم بل ذهب البعض لأبعد من ذلك.

 

فادعوا الألوهية كالمقنع الخرسانى، الذى عاش فى صدر الدولة العباسية وأمر الناس بالسجود إليه إلى أن تمكنت الدولة من القضاء عليه، وفى الفترة الأخيرة ظهر فى مصر مجموعة من مدعى النبوة أنكروا صحيح الدين وأسقطوا عن الناس التكاليف وعملوا على استقطاب الأتباع، البعض منهم دفعه مرضه النفسى إلى ذلك وآخرون لتحقيق أهداف دنيوية، وكان الشيخ أحمد، واحد من هؤلاء الذين دفعتهم نفوسهم الضعيفة لادعاء النبوة، فبعد تخرجه من جامعة الأزهر، تزوج من إحدى بنات قريته بمحافظة كفر الشيخ ورزقه الله بخمسة أولاد، وقد عمل الشيخ أحمد كإمام لأحد المساجد، وخلال تلك الفترة شهدت حياته العديد من التحولات الفكرية المتطرفة إلى حد جعله ينكر السنة النبوية ويهاجم علماء الأزهر، مما دفع مديرية الأوقاف بكفر الشيخ بإيقافه عن العمل، وانضم بعدها لفترة إلى جماعة الإخوان ثم تركها، وتفرغ لفكرة جديدة تطرقت إلى ذهنه وهى أن يدعى النبوة وبدء يعقد اجتماعاته فى منزل أحد أتباعه بحى ميت علوان بمدينة كفر الشيخ.

 

وأقنع أتباعه أنه مبشر به فى القرآن معترفا بنبوة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنه أنكر اعترافه بأنه آخر المرسلين، وأنكر اعترافه بالسنة واستنكر مناسك وشعائر الحج، وكانت بداية سقوط الشيخ أحمد، حينما تقدمت والدة أحد أتباعه ببلاغ لمباحث أمن الدولة ومباحث قسم أول كفر الشيخ، أكدت فيه أنها لاحظت تغييرا فى فكر ابنها، وانحرافه عن صحيح الدين وترديده كلمات غير مفهومة عن وجود رسول جديد، وعدم اعترافه بالسنة وهجومه على قيادات الأزهر، مدعيا أن الشيخ أحمد، إمام المسجد الذى يتردد عليه هو الرسول الجديد فحرر محضر ضده وتم القبض على الشيخ أحمد وعدد من اتباعه ووجهت له تهمة إزدراء الأديان وإدعاء الرسالة، وكان من ضمن هؤلاء هو بهاء الدين السودانى، وبهاء الدين هو مهندس زراعى سودانى الجنسية، وقد ادعى كغيره النبوة وأنه مرسل من عند الله وانه سيكون الرسول رقم السادس والعشرين، زاعما أن هناك كتابا سينزله الوحى عليه بديلا للقرآن الكريم حسب زعمه.أنبياء مزيفون " الجزء الثانى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى