مقال

الإستعداد لشهر رمضان ” الجزء الخامس

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإستعداد لشهر رمضان، وإن من الأعمال الطيبة والمستحبة فى هذا الشهر هو الدعاء خاصة في هذه الأيام الحرجة والظروف والأزمات القاسية التي تمر بها الأمة الإسلامية في أقطار الأرض من الغزو الفكرى والثقافى الهدام والأوبئة الفتاكة فعلى المسلم أن يكثر من الدعاء وأن يلح على ربه ويتحين مواطن وأوقات الإجابة وتأمل ذكر الله عز وجل للدعاء في وسط آيات الصوم وهو قوله تعالى” وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان” وهذه بعض من الأعمال التي تستغل بها أوقات رمضان وعليكم بالصبر والمصابرة والجد والمثارة فعند الصباح يحمد القوم السرى، وتذكروا أن هذه الدنيا أيام معدودة وأنفاس محدودة ولا يدرى متى الرحيل فاستعدوا و تزودوا، مادام في العمر فسحة وعش يومك ولا يطول أملك فإن الموت يأتي على غرة، فاعمل ما يجلب لك فى ذلك اليوم المسرة، وتذكر بأن التعب والنصب يزول ويثبت عند الله سبحانه وتعالى الأجر، وإن لمعرفة الأعمال التي ينبغي على المسلم.

 

فعلها في شهر رمضان، وهو عمل جدول مقترح للمسلم في شهر رمضان وهو كيفية استقبال شهر رمضان وكذلك كيفية استقبال السلف لشهر رمضان حيث كان السلف الصالح رضي الله عنهم يفرحون أشدّ الفرح بدخول شهر رمضان المبارك عليهم، كما كانوا يدعون الله تعالى أن يبلغهم إياه طيلة ستة أشهر قبل دخوله، ثم يسألونه أن يتقبله منهم طيلة ستة أشهر أخرى بعده، وكانوا يعدون رمضان مدرسة لتعويد النفس على صيام النوافل، وقيام الليل، والاجتهاد في تلاوة القرآن الكريم، وسماعه، وتدبره، كما كانوا يسارعون فيه إلى الجود والعطاء، ويحرصون على تطهير أنفسهم وتدريبها على ترك البخل والشح فيه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا يستقبل شهر رمضان بصورة خاصة فلم يكن استقباله كاستقبال سائر الشهور، بل كانت له مكانة خاصة عند النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وعند الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وكان صلى الله عليه وسلم يبشرهم بقدومه فقد رُوى عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول.

 

“أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلَق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطينِ، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم” ومما يدل على عظم مكانة شهر رمضان المبارك في قلوب الصحابة الكرام رضي الله عنهم أنهم كانوا يدعون الله سبحانه وتعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أخرى أن يتقبل أعمالهم فيه، وقد كان السلف الصالح رحمهم الله يستعدون لاستقبال شهر رمضان بالدعاء، والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى وخصوصا أن شهر رمضان شهر مبارك، وهو شهر القرآن الكريم، وفتح أبواب الجنة، وغلق أبواب النار، وتصفيد الشياطين، ومن فضائل شهر رمضان العظيم أنه شهر الصيام، والتهجد، والجهاد، والصبر، والدعاء ولذلك ينبغى لكل مسلم الاستعداد لاستقبال الشهر المبارك، واستغلاله بالطاعات، والعبادات، ويمكن بيان بعض الأعمال التي يُستقبل بها شهر رمضان المبارك، وهو الفرح والسرور بقدوم شهر رمضان المبارك.

 

وذلك لأن العبد الصالح يستقبل مواسم الخير والطاعات بالفرح والاستبشار، فقال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم ” وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون” وشهر رمضان المبارك يُعد من الأزمنة المباركة التي يعود فيها العباد إلى ربهم، ويتوب العُصاة من ذنوبهم، ويقبل العباد على المساجد التي تمتلئ بالمصلين في الأوقات جميعها فتفرح القلوب المؤمنة، وتستبشر الأرواح الطاهرة بالقرب من ربها عز وجل، وكذلك استقبال شهر رمضان بالحمد والشكر لله سبحانه وتعالى، إذ إن بلوغ شهر رمضان المبارك، وصيامه من أعظم النعم التي مَنّ بها الله سبحانه وتعالى على عباده ولذلك ينبغي للعبد الإكثار من حمد الله، وشكره، ومما يدل على فضل صيام رمضان ما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ” كان رجلان من بلى حى من قضاعة أسلما مع النبى صلى الله عليه وسلم، واستشهد احدهما وأخر الآخر سنة، قال طلحه بن عبيد الله، فأريت الجنة فرأيت المؤخر منهما.

 

أدخل قبل الشهيد، فتعجب لذلك، فأصبحت، فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، أو ذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” أليس قد صام بعده رمضان، وصلى ستة ألاف ركعة، أو كذا وكذا ركعة صلاة السنة” وأيضا الإستقبال يكون بإخلاص النية لله سبحانه وتعالى فلا بد من استقبال شهر رمضان بتجديد النيّة، وعقد العزم على استغلال الأوقات المباركة وذلك بالتزام الطاعات، واجتناب المعاصي والسيئات، وتطهير القلوب، والتوبة الصادقة، لا سيما أن الله سبحانه وتعالى يجزى العبد على نيته إذ روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال ” إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوى” فإن الاستعداد المُسبق لقدوم شهر رمضان وذلك من خلال تربية النفس، وتعويدها على الطاعات، كقيام الليل، والصيام، وتلاوة القرآن الكريم حتى يتم الاستعداد النفسى لأداء الطاعات في رمضان من غير كلفة، أو مشقة، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم أغلب شهر شعبان استعدادا لاستقبال رمضان.

 

وأيضا التوبة الصادقة على الرغم من وجوب التوبة في كل وقت وحين، ومن أى ذنب قد يقترفه العبد، إلا أنها تعد في شهر رمضان المبارك أوجب إذ إنه موسم من مواسم الخير والطاعات، وفي الحقيقة فإن المعاصى والذنوب تعد سببا لعدم التوفيق إلى الطاعات والعبادات، وقد يُحرم المرء بسببها لذة القرب من الله، والالتزام بأوامره، فقد كان يقال للحسن “لا نستطيع قيام الليل” فيقول “قيدتك خطاياك” وكان بعض السَلف يقولون “حُرمت قيام الليل سنة بذنب عملته” وقال الفضيل بن عياض رحمه الله “إذا كنت لا تستطيع قيام الليل، وصيام النهار فاعلم أنك محبوس، قد قيدتك ذنوبك” ولذلك ينبغى استقبال شهر رمضان المبارك بتجديد التوبة، ومراعاة شروطها، وهى الندم، والعزم على عدم الرجوع إلى الذنب، وإعادة الحقوق إلى أهلها، بالإضافة إلى كثرة الاستغفار، وسؤال الله سبحانه وتعالى القبول، ومعرفة قيمة الوقت إذ إن الكثير من الأوقات الثمينة تضيع بسبب الجهل بقيمتها ولذلك لا بد للمسلم من اغتنام كل دقيقة فى الأعمال الصالحة،

 

والقربات، فقال ابن الجوزى رحمه الله “ينبغى للإنسان أن يعرف شرف وقيمة وقته فلا يضيّع فيه لحظة في غير قربة” وتجدر الإشارة إلى أن شهر رمضان المبارك من أثمن اللحظات، فقد قَال الله سبحانه وتعالى واصفا شهر رمضان المبارك فى كتابه قائلا ” أياما معدودات” وفى الآية إشارة إلى أن موسم رمضان العظيم أيامه قليلة سريعة الذهاب، فلا بد من الاستعداد لاغتنامها حتى لا يقع الندم على تضييعها بعد فوات الأوان، وكذلك التقليل من الطعام إذ إن الإفراط فى تناول الطعام يُؤدى إلى التكاسل فى أداء الطاعات، وعدم الخشوع عند الوقوف بين يدى الله سبحانه وتعالى، كما أن تقليل الطعام من مقاصد الصيام، ومما يدل على أن الإفراط فى الأكل مذموم، وهو ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل تجشأ عنده ” كف جشاءك عنا فإن أطولكم جوعا يوم القيامة أَكثركم شبعا في دار الدنيا” وكان سلمة بن سعيد رحمه الله يقول “إن كان الرجل ليعيّر بالبطن، كما يُعيّر بالذنب يعمله” وأيضا يجب عليك أن تعلم أحكام الصيام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى