مقال

فى طريق المعرفه ومع زكاة الفطر ” الجزء الرابع

فى طريق المعرفه ومع زكاة الفطر ” الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع زكاة الفطر، ويشترط أن تكون زائدة عن قوت المكلف وقوت جميع من تلزمه نفقتهم في يوم العيد، ويجب أن يخرجها المكلف عن نفسه، وعن كل مسلم تلزمه نفقته من الأقارب كوالديه الفقيرين، وأولاده الذكور حتى يبلغ الحلم أو العاجزين عن الكسب ولو كانوا بالغين، والإناث حتى يتزوجن، وعن زوجته، وزوجة أبيه الفقير، وعن خادمه وخادم كل من هو ملزم بالنفقة عليه، وعن عبده ولو كان مكاتبا، ومن كان عاجزا عنها وقت وجوبها، ثم قدر عليها يوم العيد، فلا يجب عليه إخراجها وإنما يندب، وكما يندب للمسافر الذى وجبت عليه صدقة الفطر أن يخرجها عن نفسه، إذا جرت عادة أهله على إخراجها عنه أثناء سفره لاحتمال نسيانهم، وإلا فيجب عليه إخراجها عن نفسه، ولا يشترط لزكاة الفطر أن تكون فاضلة عن دينه ومن أعسر وقت وجوبها فلا زكاة عليه ولو أيسر بعده وإذا كان الزوج معسرا فلا فطرة عليه ولا على زوجته ولو كانت موسرة، وتجب الزكاة على الشخص نفسه، وعمن تلزمه نفقته من المسلمين.

 

إذ المعروف في قواعد الفقه أن كل من تلزمه من المسلمين، تلزمه فطرته، لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر، صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى، من المسلمين” فتجب على الرجل فطرة نفسه، وعن كل مسلم تلزمه نفقته من الأقارب كوالديه الفقيرين، وأولاده الذكور حتى يبلغ الحلم أو العاجزين عن الكسب ولو كانوا بالغين، والإناث حتى يتزوجن، وعن زوجته ولو كانت موسرة، وزوجة أبيه الفقير، وعن خادمه وخادم كل من هو ملزم بالنفقة عليه، وعن عبده ولو كان مكاتبا، وعن وزوجة عبده أما من نصفه حر ففطرته عليه وعلى سيده، ومن تكفل بمؤنة شخص فلا تلزمه فطرته لأنه لا تلزمه نفقته، ومن وجبت فطرته على غيره فأخرجها عن نفسه بغير إذنه أجزأته، لأنه المخاطب بها ابتداء والغير متحمل، ولا يلزم الأب بفطرة ابنه الراشد، أو فطرة الأجنبي، حتى لا يجوز إخراجهما عنهما إلا بإذنهما، ولكن هل لزكاة الفطر نصاب؟

 

وهل نصابها مثل نصاب الزكاة؟ فإن لزكاة الفطر نصاب، ولكنه ليس مثل نصاب الزكاة، فلزكاة الفطر خصوصية في النصاب، إذ يقدر نصابها بأن يملك المسلم قوتا زائدا عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، فمن ملك ما مقداره صاعا من الطعام زائدا عن حاجته يوم العيد، فقد ملك النصاب، ولذلك لا تتعلق زكاة الفطر بالأغنياء، بل قد تجب على متوسطي الحال والفقراء والمساكين طالما أنهم يملكون النصاب، وإن الصحيح فى حكم زكاة الفطر أنها فرض ومعنى فرض أى ألزم وأوجب ونقل أهل العلم بالاجماع على ذلك، وقد فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهره للصائم من اللغو والرفث وقوله طهرة أى تطهيرا لنفس من صام رمضان، وقوله والرفث قال ابن الأثير الرفث هنا هو الفحش من كلام، قوله وطعمة وهو الطعام الذى يؤكل، قوله من أداها قبل الصلاة أى قبل صلاة العيد، قوله فهي زكاة مقبولة، والمراد بالزكاة صدقة الفطر، قوله صدقة من الصدقات يعني التى يتصدق بها فى سائر الأوقات.

 

قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، وقد أجمع علماء المسلمين على أن زكاة الفطر فرض فقال الإمام ابن المنذر وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض، وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء، إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال، الذين لا أموال لهم، وأجمعوا على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر، وقد فرضت زكاة الفطر فى السنة التى فرضت فيها رمضان قبل العيد، أى في السنة الثانية من الهجرة، وأما عن مقدار زكاة الفطر، فإن التمر هو أحد الأصناف التسعة التى تصلح أن تكون قوتا ويجزئ الأخراج منه، والحنطة هى أحد الأصناف التسعة التي تصلح أن تكون قوتا ويجزئ الأخراج منه، وكذلك الزبيب فهو أحد الأصناف التسعة التي تصلح أن تكون قوتا ويجزئ الأخراج منه، وإن مقدار الواجب في زكاة الفطر هو أن يخرج عن الفرد صاعا من تمر، أو من زبيب، أو صاعا من قمح أو من شعير أو من أرز، أو صاعا من أقط، ونحو ذلك مما يعتبر قوتا يتقوت به، ويجزئ الدقيق إن كان يساوى الحب فى الوزن.

 

فإن لم يجد أحد هذه الأنواع أخرج ما يقوم مقامه من كل ما يصلح قوتا من ذرة أو أرز أو عدس أو نحوه ذلك، ولا يجزئ الخبز لأنه خارج عن الكيل والإدخار، كما لا يجزئ إخراج حب معيب، أو مسوس، أو قديم تغير طعمه، لقوله تعالى ” ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون” ولا يجوز إخراجها من قوت أدنى من المعتاد إنما يجزئ القوت الأعلى، ولو لم يكن غالبا، عن القوت الأدنى، وترتيب الأقوات من الأعلى إلى الأدنى كما هو البُر، والسلت، والشعير، والذرة، والأرز، والحمص، والعدس، والفول، والتمر، والزبيب، واللبن، والجبن، والمعتبر في غالب قوت البلد غالي قوت السنة لا غالب قوت وقت الإخراج، ويخرج المكلف صدقة الفطر من غالب قوت أهل البلد، التي هي أحد الأصناف التسعة التالية القمح، الشعير، السلت، الذرة، الدخن، الأرز، التمر، الزبيب، الأقط وهو لبن يابس أخرج زبده، ولا يجزئ إخراجها من غير غالب قوت البلد، إلا إذا كان أفضل كما لو غلب اقتيات الشعير فأخرج قمحا كما لا يجوز إخراجها من غير هذه الأصناف التسعة.

 

كالفول والعدس، إلا إذا اقتاته الناس وتركوا الأصناف التسعة المذكورة، وإذا أراد المكلف أن يخرج صدقته من اللحم اعتبر الشبع في الإخراج، فمثلا إذا كان الصاع من القمح يشبع اثنين لو خبِز، فيجب أن يخرج من اللحم ما يشبع اثنين، ومقدارها صاع باتفاق المسلمين والصاع هو قريب أربع حفنات بيدى رجل معتدل، وهو يساوى أربعة أمداد، والمد ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومدّ يديه بهما، وبه سمي مدا، ويقدر الصاع قرابة ثلاثة كيلو جرام تقريبا، أى أن مقدار الصاع ينقص عن ثلاثة كيلو جرام، بنسب متفاوتة لتفاوت التقديرات، لكن التقدير بالوزن تقريبى، والأصل في مقدار زكاة الفطر، كيلا بالصاع، ولا يجوز إخراجها نقدا برأى الإمام مالك بن أنس، والشافعى، وأحمد بن حنبل وأصحابهم، وهذا قول غالبية الأمة، وقال الإمام ابن قدامة ولا تجزئ القيمة لأنه عدول عن المنصوص، ويرى الحسن البصرى وعطاء وعمر بن عبد العزيز وسفيان الثورى وأبي حنيفة وأصحابه بجواز إخراجها نقدا، وقيل أنه يجوز إخراجها نقدا.

 

في حالة ما إذا كان إخراجها قيمة من النقود أو غيرها تترتب عليه مصلحة راجحة للفقير، وهو قول الشيخ ابن تيمية، ويسن فى إخراج زكاة الفطر بأن تكون قبل صلاة العيدن فتجب زكاة الفطر بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان، والسنة إخراجها يوم عيد الفطر قبل صلاة العيد، ويجوز تعجيل إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين وقد كان هذا فعل ابن عمر وغيره من الصحابة، ويقسم وقت أدائها إلى وقت الجواز، فيجوز إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين، لأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يؤديها قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز تعجيلها لأكثر من ذلك لأن الغرض منها إغناء الفقير يوم العيد، لما روى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “اغنوهم عن الطواف في هذا اليوم” ووقت مسنون وهو قبل صلاة العيد لكف المحتاجين عن السؤال يوم العيد، ويندب إخراجها بعد فجر يوم العيد وقبل الذهاب لصلاة العيد، ووقت مكروه، فيكره تأخيرها إلى آخر يوم العيد، ووقت محرم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى