مقال

اسباب اندلاع المواجهات بحي الشيخ جراح طبيب صلاح الدين الايوبي

اسباب اندلاع المواجهات بحي الشيخ جراح

طبيب صلاح الدين الايوبي

 

تقديم عيد المصري

 

ما هي قصة حي الشيخ جراح؟ وما سبب اندلاع المواجهات الحالية في مدينة القدس الفلسطينية؟

القصة ليست وليدة شهر أو شهرين، بل القضية تعود الى عام النكبة عام ١٩٤٨.

حي الشيخ جراح هو حي في شمال البلدة القديمة في القدس، سمي ( كما يُقال) على اسم طبيب صلاح الدين الأيوبي حسام الدين الجراحي، ويعتبر هذا الحي من المناطق الأساسية في المدينة لإطلالته على مداخل مهمة لها.

 

في حرب عام ١٩٤٨ هُجر العديد من العائلات الفلسطينية إما في الداخل الفلسطيني أو إلى الدول المجاورة، واستقبل هذا الحي وقتها ٢٨ عائلة من المهجرين من القرى المجاورة لمدينة القدس، وللتذكير عزيزي القارئ فإن عملية التهجير ليست عملية اختيارية كما تدعي بعض وسائل الإعلام، فالعائلات التي هجرت على مدار أعوام من الحروب كان أمامها إما القتل والتعذيب أو الرحيل تاركين وراءهم تاريخا وذكريات وحاملين معهم أملا بسيطة بالعودة في أحد الأيام.

 

في عام ١٩٥٦ اتفق الأردن مع وكالة الغوث على تأمين مساكن للعائلات في الحي، حيث تبرع الأردن بالأرض وتكفلت وكالة الغوث بتكاليف بناء المساكن، على أن تنتقل الملكية إلى العائلات بعد ثلاث سنوات من التسكين فيها، ما شأن الأردن بالأرض؟ لأن الضفتين الغربية والشرقية لنهر الأردن كانتا تحت حكم الأردن في تلك الفترة فيما سمي بوحدة الضفتين.

 

أتت حرب ٦٧، النكسة أو الفضيحة، وحالت الحرب دون اكمال بناء المساكن وتنفيذ الاتفاقية الأردنية مع وكالة الغوث لتمليك العقارات للعائلات، ناهيك عن سيطرة الكيان المغتصب على مدينة القدس والضفة الغربية، وأجزاء من الدول الرئيسية المشاركة في الحرب، أي لم تعد القدس الشرقية تحت حكم الأردن.

 

في عام ١٩٧٢ بدأت حملة استيطانية شرسة بالتعاون بين العصابات الصهيونية وجيش الاحتلال والمستوطنين لطرد العديد من العائلات في مختلف الأحياء الفلسطينية التي سقطت بعد حرب ٦٧ ومن ضمنها حي الشيخ جراح لكن حرب عام ١٩٧٣ أجبرت الاحتلال على التركيز على الجبهات وتأجيل عملية الاستيطان إلى وقت آخر.

لاحقا تم تشكيل جمعيات استيطانية مهمتها الدفاع عن حقوق المستوطنين، وعندما تدافع عن حق مستوطن في أرض فلسطين فأنت ومن كل بد ستسلب حق فلسطيني بالمقابل، قامت هذه الجمعيات بتزوير وثائق تؤكد أن أرض هذا الحي هو ملك لهم، وقاموا برفع دعوى قضائية يطالبون بها بطرد سكان حي الشيخ جراح.

 

وطبعا من سيشهد للعروس إلا أختها، وبدعم من أولاد عمها حكمت محكمة الاحتلال لصالح هذه الجمعيات، وأمرت قاطني الحي بدفع إيجار بدل السكن للجمعيات الاستيطانية، لم يتوقف سكان هذا الحي بمقاومة هذا القرار والدفاع عن حقوقهم فهم أيضا يملكون وثائق تثبت أحقيتهم بهذه المنازل، واستمر النزاع بينهم إلى هذه الأيام.

لماذا تأخر طرد هذه العائلات إلى وقتنا هذا؟ لأن الاحتلال كان يحاول تلميع صورته أمام العالم بأنه دولة سلام ودولة قانون، وحاول ويحاول جاهدا تلميع هذه الصورة عبر قنوات الإعلام المختلف ومن بينهم نشطاء عرب وفلسطينيين (الأمر غير محزن أبدا فالخيانة موجودة منذ الخليقة، وأشباه الرجال موجودون في كل زمان ومكان)، لكن ومهما تظاهر الذئب بأنه حمل وديع لا بد أن يأتي يوم ويكشر عن أنيابه، وها هو يكشر الآن عن أنيابه في حملة واسعة قد تطال ما هو أبعد من مدينة القدس.

 

لم تعد قضية فلسطين هي القضية الوحيدة في المنطقة بل أصبحت كل دولة عربية هي قضية كبيرة بحد ذاتها، كلنا نعاني وكلنا نُسرق علانية وما باليد من حيلة، لكن تبقى فلسطين قضية شرف ورجولة أجمع عليها جميع الشرفاء الجرحى السوري واليمني والليبي والعراقي وغيرهم، وتجاوز الأمر التضامن العربي وشمل بلادا أجنبية مقهورة تحارب هي الأخرى في قضية لها، ومن يعلم قد يتطور الأمر ويصبح حي الشيخ جراح ثورة جديدة، أو أن يكون قصة مكررة لفلسطين التي تعرضت للتهجير لكن بعرض مصغر في حي صغير هذه المرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى