مقال

لم يبقَ للعدو والمحللين أي اجتهاد

لم يبقَ للعدو والمحللين أي اجتهاد

كتبت/زينب محمود حوسو

الشعب الذي يخرج من تحت الدمار نتيجة القصف البربري والنازي الجديد ليحتفل بالنصر على العدو الذي لم يجرؤ على دخول 1متر مربع الى ارض غزة ، بل اخفى جنوده تحت الأرض ونقل سكان غلاف غزة تحت جنح الظلام الى فنادق الشمال تحت غطاء كثيف من الإعلام الصهيوني المخابراتي العنصري الموجه . انه شعب الجبابرة ، شعب فلسطين الذي يودع شهدائه بالزغاريد والاهازيج الوطنية في غزة والقدس ونابلس وام الفحم .

ان المشهد الذي رسمته بالأمس جماهير الداخل المحتل منذ عام 1948 ستطير النوم من اعين قادة الكيان بكل اذرعه التي ستحاول الرد وكسر شوكة الفحماويين وكل الشعب الفلسطيني في الداخل تحديداً بهدف إعادة معادلة الخنوع تحت عنوان المواطنة الموهومة ! لكن هيهات منا الذلة يا قتلة الأطفال ، فقد لخص والد الشهيد محمد كيوان تجربته بهذه الكلمات في احدى مقابلاته : ” لقد كنت من جماعة دولتين لشعبين ، الآن انا مع كل فلسطين .. هذه كلها فلسطين

لقد قتلتم نحو 70 طفلاً ونحو 70 امرأة ونحو 40 مسن في غزة والضفة والداخل ، هدمتم البيوت والابراج السكنية والإعلامية وظننتم انكم انتصرتم فما كان من شعب الجبارين الا ان انطلق منذ لحظة وقف اطلاق النار الى الشوارع محتفلاً بالشهداء والنصر على المعتدين المجرمين . بلغة التاريخ لا يمكن اعتبار تحقيق أي نصر من قبل الطرف الأقوى الا اذا خضع واعترف بذلك الشعب الذي تعرض للعدوان ، اعترف بالهزيمة ورفع الرايات البيضاء فهل شاهدتم كيف نسف شعب الجبارين كذبة انتصار نتنياهو ؟

لقد حقق الشعب الفلسطيني عدة انتصارات سياسية في انتفاضة رمضان المباركة أولها منع قطعان المستوطنين من دخول مسيرة الأعلام للقدس القديمة وتدنيس باحات المسجد الأقصى . كذلك اجبار حكام الاحتلال الى ارجاء اخلاء عائلات الشيخ جراح من بيوتهم والمعركة ستبقى مستمرة ومفتوحة

ثم جاء الاسناد من المقاومة في غزة لتجبر الصهاينة على تثبيت الوضع الناجم بالقدس ولتضيف على تفاهمات وقف اطلاق النار السابقة معها قضية القدس برمتها ، والتي يتمنى شعبنا ان يكون وقف اطلاق النار الحالي على الأسس المعلنة ” تهدئة مقابل تهدئة ” ان شمل في طياته السرية هذه الإضافة النوعية لمعادلة المقاومة مع معرفتنا المسبقة ان أي وقف لاطلاق النار بحسب هذه المعادلة المجربة يخترقه كل طرف بحسب سير اموره هو لا الطرف الآخر .

ثم جاءت المشاركة والالتحام الأكبر من قبل فلسطينيي المحتل من عام 48 وبخاصة اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا ، المدن المختلطة ، الى جانب ام الفحم التي اعادت منذ ثلاثة شهور انتاج معالم المواجهة الشعبية المؤثرة مع قوات الصهاينة التي اعتدت عليهم المرة تلو الأخرى دون ان تنال منهم .

لقد شطبت جماهير ال48 بدعة المواطنة التي عملوا على ترسيخها منذ 73 سنة عبر ادواتها من أحزاب الاسرلة والصهينة السياسية الكنيستية واعوانهم من الفلسطينيين والعرب المطبعين أينما كانوا ، لقد داسوا تحت ارجلهم المنطقة الرمادية والفصل بين سنوات الاحتلال 48 و 67 وكل ما نتج عنها من مشاريع سياسية فاشلة لم يبق لها أي أثر على الأرض ، حيث عمم الاحتلال سيادته العسكرية على كل فلسطين التاريخية ، ليأتي اليوم الذي اعلن فيه الاضراب الشامل بمبادرة ال48 ليعم كل ارض فلسطين التاريخية ، وليعلن الشعب الفلسطيني انه شعب واحد ومصيره واحد ومقاومته واحدة على طول الوطن وعرضه ، رغم اختلاف الأساليب التي يفرضها الواقع الجيوسياسي لمل قطاع من قطاعات الشعب الفلسطيني .

على القيادات الشابة وكل المناضلين المعنيين الذين اقتنعوا من عدم جدوى طروحاتهم التي طرحت ارضاً من الاحتلال ومن الشعب الموحد الذي يقاوم الاحتلال ، ان يسارعوا الى صنع فجر جديد يستشرف ما هو آت من معارك حتى وصول المعركة المفتوحة ، معركة الانتصار وعودة اللاجئين الى ديارهم ومحو أثار النكبة …

ولكي يصل الشعب الموحد الى تلك المعارك والجولة المفتوحة ، اعتقد ان المقا ومة الفلسطينية ومحور المقاومة سيدرس اين أخطأ وما هي النواقص التي يجب استكمالها وما هي العدة التي يجب اعدادها كي تنتقل المقاومة من مرحلة موازين الردع الى موازين القوة . بدون ذلك ستبقى الانتصارات منقوصة مهرها دفع اثمان غالية لا يبخل بها شعبنا وامتنا ، لكن القيادة يجب الا تستمر في قبول هذا الوضع … فالانتصارات يجب الا تقتصر على الصمود والتصدي فقط ، بل الى تهيئة الظروف رغم الصعوبات والعقوبات لنسف نظرية العدوان الصهيوني المرتاحة من معادلة الضربات الخاطفة لمحور المقاومة وللعدوانات القصيرة على غزة ، لأن كل ما تبغيه دولة الكيان هو تكريس هذا الوضع على حاله حيث تعتبره انجازاً ونجاحاً لها ويكرس أمنها وأمانها وتوسعها واحتلالاتها كما يكرس اختراق دول الخليج وغيرها في توسيع دائرة التطبيع معها والتتبيع لها اقتصادياً وعسكرياً . بل لربما في أي مرحلة ركود قادمة سينفذ الصهاينة ما يسمونه وما توصي به مراكز الأبحاث العسكرية “عملية احتلال قطاع غزة لمدة محدودة وتسليمها الى أعوانها.

لذلك فان المطلوب موضوعياً هو الانتقال من سياسة واستراتيجية “انتصارات الردع ” الى الانتقال الى استراتيجية وانتصارات “موازين القوى ” التي يعد لها قطعاً محور المقاومة .

فليتخيل أي محلل واي انسان معني كيف كان حال دولة الكيان اثناء قصف المقاومة لتل ابيب وضواحيها ، كيف شل الاقتصاد والمطارات وكل شيء متحرك في البلد من غزة فقط .

 فليتخيل عندما ستكون المعركة واحدة من كل الجبهات .

الا تعتقدون ان حكام إسرائيل ومن خلفهم حكام أمريكا يعدون لهذا السيناريو ويحاولون قتله وتأجيله الى امد بعيد على الأقل .

ألا يستحق هذا تخطيطاً بديلاً واعداداً اكبر وافضل وأشمل .

انها امنية كل من خرج بالامس ليحتفل بالانتصارات الصغيرة ، فما بالك بانتصارات المعارك المتكافئة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى