فى مثل هذا اليوم

في مثل هذا اليوم

في مثل هذا اليوم

بقلم/ يوسف احمد المقوسي

في مثل هذا اليوم 31 مايو من سنة : 1934 – افتتاح الإذاعة المصرية.

 

في مثل هذا اليوم ، قبل 85عاماً ، افتتحت دار الإذاعة المصرية، أول إذاعة عربية حكومية. كان من أهم إسهاماتها الأساسية أنها اعتمدت اللغة العربية الفصحى، في الأخبار والبرامج الحوارية والثقافية، ما أسهم في انتشار متابعة الإذاعة المصرية في العالم العربي، و في اعتبارها أول لبنة في توحيد العرب، كما لعبت دوراً توجيهياً وإرشادياً، أسهم في تشكيل الرأي العام المصري والعربي، من خلال تبنيها للقضايا العربية.

– في سياق آخر، أدت الإذاعة، إلى جانب دورها الفكري والثقافي والتنويري، دوراً هاماً في تطوير الموسيقى العربية، من حيث الشكل والمضمون، و كان لافتتاحها الأثر الأكبر في فتح أبواب الشهرة، أمام كبارها، كما حرضت التدوين، وإن كانت أسهمت، إلى جانب السينما، في انحسار المسرح الغنائي.

 

في المقال التالي ، أستعرض ، وفي هذه المناسبة ، دور الإذاعة المصرية ، كأحد عوامل تشكيل النهضة الموسيقية العربية في القرن العشرين.

 

– عرفت مصر لأول مرة الإرسال بواسطة الأجهزة اللاسلكية عام 1923 ، من خلال عدة جهات خاصة ، تبث بشكل متزامن في القاهرة، فيما سمي الإذاعات الأهلية. كانت الإذاعات الأهلية ضعيفة البث في البداية، لا يتجاوز بثها مدينتي القاهرة الإسكندرية ، وكانت تعتمد على الإعلانات.

– تطورت الإذاعات الأهلية بشكل نسبي في عام 1932 ، إلى أن افتتحت الإذاعة الرسمية في القاهرة ، في الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم الخميس 31 مايو 1934 ، حيث ارتفع صوت أحمد سالم، أول مذيع مصري قائلا: ” هنا القاهرة الإذاعة اللاسلكية للحكومة ” .

– تضمن الافتتاح ، في بثٍ مباشر على الهواء ، تلاوةً من القرآن الكريم، بصوت المقرئ الشيخ محمد رفعت، ثم كلمتي وزير المواصلات، ورئيس اللجنة العليا للبرامج، ثم قطعة موسيقية، فمونولوج فكاهي د، ثم أغنيات لأم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وصالح عبد الحي، وفتحية أحمد، كما ألقى الشاعر علي الجارم قصيدة. وقد غنت أم كلثوم في الافتتاح ، مونولوج ” ياللي جفاك المنام “، من ألحان محمد القصبجي و كلمات أحمد رامي.

– كان من أهم إسهامات الإذاعة المصرية، أنها اعتمدت اللغة العربية الفصحى، مقابل اعتماد الإذاعات الأهلية المصرية للهجة العامية، ما أسهم في انتشار متابعة الإذاعة المصرية في العالم العربي، و في اعتبارها أول لبنة في توحيد العرب، إذ لم يكن بقدرة سلطات الانتداب الفرنسي والبريطاني ممانعتها، حيث تجاوز بثها الحدود من البداية، ليصل إلى لبنان وسورية وفلسطين والأردن، وحتى أجزاء من ليبيا، من خلال محطة إرسال بقوة 20 كيلو واط، فيما كان إرسال الإذاعات الأهلية المصرية لا يتجاوز نصف كيلو واط.

– أسهم انتشار أجهزة الراديو في بيوت المواطنين في تلك البلدان، وكذلك تركيز المقاهي على اقتنائها، لجذب الزبائن إليها، في تكثيف متابعة الإذاعة المصرية، كما أسهم في ذلك أيضاً، دعوة الإذاعة المصرية للفنانين العرب لزيارة القاهرة، لتسجيل الأسطوانات، ولبث أعمالهم من خلالها، عبر أثير الإذاعة، أو استحضارها للأسطوانات، من إنتاج بيضافون في لبنان مثلاً ، لبثها أيضاً. ثبتت الإذاعة المصرية بذلك مركز القاهرة ، كمركز أساسي لبث الموسيقى والغناء في العالم العربي ، في إطار شبكة موسيقى المدن العربية.

– لعبت الإذاعة المصرية دوراً توجيهياً وإرشادياً، أسهم في تشكيل الرأي العام المصري والعربي ، بتبنيها للقضايا العربية ، كالدعوة لتكوين جامعة الدول العربية، وبإذاعتها لحوارات كبار مفكري مصر ، باللغة العربية، في وقت تصارعت فيه الرؤى الفكرية فيها، بين مسارات فكرية وإيديولوجية متنافسة، كان من أهمها : الفكر الديني، و المصري القديم، و العربي، والعلماني، و الشيوعي .. مقابل التوجه للغرب الليبرالي.

– كما أدت الإذاعة، إلى جانب دورها الفكري والثقافي والتنويري، دوراً هاماً في تطوير الموسيقى العربية من حيث الشكل والمضمون، مبتعدة عما اتصفت به الإذاعات الأهلية من الابتذال، فقدمت عددا من المطربين، كأم كلثوم، وعبد الوهاب، وفريد الأطرش، وأسمهان، كما قدمت البرامج الكلاسيكية الغربية ، و قامت بنقل مباشر للحفلات الغنائية من خارج دار الإذاعة المصرية، وأسست لما سمي البرامج الغنائية، وهي تمثيليات تتضمن أغانٍ معبرة، كبديل مجاني يصل إلى البيوت دون مقابل، عن المسرح الغنائي والفيلم الغنائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى