مقال

نسائم الايمان ومع سيف الله المسلول ” الجزء العاشر

نسائم الايمان ومع سيف الله المسلول ” الجزء العاشر ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع سيف الله المسلول، وقد توقفنا عندما لحق جيش أبوعبيدة بن الجراح بقوات خالد بن الوليد في قنسرين بعد فتحها ليتابعا زحفهما إلى حلب، حيث استطاعا فتحها، وكان الهدف التالي للمسلمين أنطاكية عاصمة الجزء الآسيوي من الإمبراطورية البيزنطية، وقبل أن يسيروا إليها، قرر أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد عزل المدينة عن الأناضول، بالاستيلاء على جميع القلاع التي قد توفر الدعم الاستراتيجي إلى أنطاكية، وأهمها أعزاز في الشمال الشرقي من أنطاكية، وقد خاض الروم المدافعون عن أنطاكية معركة يائسة مع جيش المسلمين خارج المدينة بالقرب من نهر العاصي، لكنها انتهت بهزيمتهم، وتراجعهم إلى أنطاكية، فحاصرها المسلمون، وفقد الروم الأمل في وصول المدد من الإمبراطور.

 

فاستسلمت أنطاكية على أن يُسمح لجند الروم بالمرور إلى القسطنطينية بأمان، وبعد ذلك وجّه أبو عبيدة بن الجراح القائد خالد بن الوليد شمالا، بينما توجّه جنوبا وفتح اللاذقية وجبلة وطرطوس والمناطق الساحلية الغربية من سلسلة جبال لبنان الشرقية، وقد استولى خالد بن الوليد، على الأراضي حتى “نهر كيزيل” في الأناضول، وقبل وصول المسلمين إلى أنطاكية، كان الإمبراطور هرقل قد غادرها إلى الرها، لترتيب الدفاعات اللازمة في بلاد ما بين النهرين وأرمينيا، ثم غادرها متوجها إلى عاصمته القسطنطينية، وفي طريقه إلى القسطنطينية، نجا بصعوبة من قبضة خالد الذي كان في طريقه منصرفا من حصار مرعش إلى منبج، وبعد الهزائم الساحقة المتتالية لقوات هرقل في تلك المعارك، أصبحت فرصه لتصحيح أوضاعه قليلة.

 

بعدما أصبحت موارده العسكرية المتبقية ضعيفة، لذا لجأ إلى طلب مساعدة من المسيحيين العرب من بلاد ما بين النهرين الذين حشدوا جيشا كبيرا توجهوا به نحو حمص، قاعدة أبو عبيدة في شمال الشام، وأرسل إليهم جندا عبر البحر من الإسكندرية، وقد أمر أبو عبيدة كل قواته في شمال الشام بموافاته في حمص، بعدما حاصرتها القبائل العربية المسيحية، وقد فضّل خالد بن الوليد خوض معركة مفتوحة خارج المدينة، إلا أن أبا عبيدة أرسل إلى عمر يطلب رأيه، وقد بعث الخليفة الراشد عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص بأن يسيّر جندا لغزو منازل تلك القبائل العربية المسيحية في بلادها، وأن يبعث القعقاع بن عمرو في أربعة آلاف فارس مددا لأبي عبيدة، بل وسار عمر بنفسه من المدينة على رأس ألف جندى.

 

وقد انتشرت تلك الأنباء في العراق والشام، فرأت تلك القبائل أن تسرع بالرجوع إلى منازلها، تاركين جند الروم في مواجهة مصيرهم أمام قوات المسلمين الذين هزموا تلك القوات هزيمة نكراء، قبل أن تصل قوات المدد من العراق أو المدينة، ثم أرسل أبو عبيدة القائد خالد بن الوليد في قوة لمهاجمة القبائل من الخلف، وكانت تلك آخر محاولات هرقل لإستعادة الشام، وبعد تلك المعركة، أمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب باستكمال غزو بلاد ما بين النهرين، فبعث أبو عبيدة بن الجراح، القائد خالد بن الوليد وبعث سعد عياض بن غنم لغزو شمال بلاد ما بين النهرين، ففتحا الرها وديار بكر وملطية ثم اجتاحا أرمينية حتى بلغ القائد خالد بن الوليد آمد والرها، وهو يفتح البلاد ويستفئ الغنائم، ثم عاد إلى قنسرين وقد اجتمع له من الفئ شيء عظيم.

 

وقد اختلفت روايات المؤرخين حول ترتيب وقائع فتح الشام، فمثلا روى الطبري أن معركة اليرموك كانت المعركة التالية لفتح بصرى، أما البلاذرى فقد روى أنها كانت آخر معارك فتح الشام، وأنها تمت في عهد عمر بن الخطاب، وقد تحدث الناس بفعال خالد بن الوليد في أرمينية، وتحدثوا بانتصاراته في الشام والعراق، فتغنى الشعراء بفعاله، فوهبهم خالد من ماله وأغدق عليهم، وكان ممن وهبهم خالد الأشعث بن قيس الذي وهبه خالد عشرة الآف درهم، وقد بلغ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في المدينة خبر جائزة خالد للأشعث، فكتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن يستقدم خالد مقيدا بعمامته، حتى يعلم أأجاز الأشعث من ماله أم من مال المسلمين، فإن زعم أنها من مال المسلمين، فتلك خيانة للأمانة، وإن زعم أنها من ماله، فقد أسرف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى