القصة والأدب

قصة عن لاجئي فلسطين القاطنين في وادي الحصين

قصة عن لاجئي فلسطين القاطنين في وادي الحصين

كتب /يوسف المقوسي

 

اسمي حسني عبد الحي مطرية ابو سعيفان، رقم 43 “. هكذا عرّف حسني، المعروف بأبو العبد، عن نفسه أمام وفد الأونروا الزائر، حيث استقبلهم في منزله الواقع في حي وادي الحصين، في المنطقة المعروفة باسم H2 في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية.

 

الخليل، ثاني أكبر المدن الفلسطينية، مقسمة بين المنطقة H1 التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، ويقطنها 200 ألف فلسطيني، ومنطقة H2 التي تسيطر عليها إسرائيل، والتي تشمل تجمعات استيطانية إسرائيلية آخذة في التوسع وحوالي 33,000 فلسطيني.

 

بوجه مبتسم وعينين مليئتين بالألم، رحب أبو العبد بوفد الأونروا. وفي معرض شرحه لوضع عائلته (عائلة السيد حسني وأبناء عمومته) هي واحدة من عدة عائلات لاجئة مسجلة لدى الأونروا تسكن في وادي الحصين)، أشار إلى قرب منزله من جدار مستوطنة كريات أربع الإسرائيلية المجاورة، وبدأ في وصف المضايقات والعنف والاعتداءات المستمرة التي يتعرضون لها من قبل المستوطنين وعناصر قوات الأمن الإسرائيلية.

قبل شهر، في 21 أيار، قام حوالي 20 مستوطنا، بعضهم كان مسلحًا، باقتحام حيّ وادي الحصين. أطلق المستوطنون أعيرة نارية أثناء سيرهم بين المنازل حيث كان يرافقهم أفراد وجنود من قوات الأمن الإسرائيلية. دخل البعض منزل يعود لأقارب عائلة أبو العبد وشرعوا في رش وجهه بالفلفل وقاموا برمي حجر على صدره، وقد تم توثيق هذا الهجوم من قبل منظمة حقوق الإنسان الغير الحكومية بتسيليم.

 

بالإضافة إلى العنف المباشر، تتفاقم معاناة أبو عبد وعائلته بسبب القيود العديدة على الحركة والعبور التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على الفلسطينيين الذين يعيشون في وادي الحصين وأماكن أخرى في المنطقة H2. إذ يجب على السكان الفلسطينيين المرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية للذهاب إلى منازلهم والوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم، خارج وادي الحصين. تم تخصيص أرقام لأبو عبد وجيرانه الفلسطينيين لاستخدامها من أجل المرور عبر نقاط التفتيش هذه. يوضح أبو عبد: “الاسم غير مهم: المهم أن تخبر الجندي برقمك أولاً، حتى تتمكن من الوصول إلى منزلك”.

 

ثمة 10 أسر لاجئة (47 فردا) من ضمن من يقطن في وادي الحصين، ويحتاجون بشكل عاجل إلى الدعم والحماية للعيش بكرامة وسلام ولضمان حصولهم على الخدمات الأساسية. يحتاج السكان إلى عربة لنقل أسطوانات غاز الطهي الثقيلة لأن استخدام المركبات للوصول إلى منازلهم ممنوع. إنهم بحاجة إلى دعم لتسهيل عملية التنسيق الطويلة والمملة والمطلوبة للسماح لسيارة إسعاف بالدخول إلى حيّهم لنقل والدتهم الحاجة ربيحة ذات السبعين عام، والتي تعاني من ارتفاع ضغط الدم والسكري وضعف في عضلة القلب، أو نقل امرأة فاجأها ألم المخاض إلى المستشفى. أحد الأمثلة الصارخة على عدم توفر وسائل النقل هو مشاهدة ابنة جمال في يوم زفافها وهي تمشي لمسافة 700 متر في ثوبها الأبيض الجميل. كما أن هذه العائلات بحاجة إلى الشعور بالأمان من الحجارة وعبوات الغاز المسيل للدموع التي يلقيها المستوطنون، لكن بدلاً من ذلك، هم يحتاجون إلى مواد لتغطية معداتهم وممراتهم وحدائقهم ولحماية ممتلكاتهم من الدمار وأطفالهم من الإصابة.

 

مصدر قلق آخر في المنطقة هو الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، مما يعني أن كاميرات المراقبة المثبتة في كل ركن من ساحاتهم ستتوقف عن العمل، لأنها واحدة من الروادع القليلة المتبقية لدخول المستوطنين إلى المنازل. تم نصب كاميرات المراقبة هذه بعد أن اقتحم مستوطنون من كريات أربع منزل أبو العبد في 4 كانون الأول (ديسمبر) 2008، وأشعلوا فيه النيران، ثم أطلقوا النار على أفراد العائلة، مما أدى إلى إصابته هو ووالده وابن أخيه وابن عمه. وخلال هذا الحادث، مُنعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى لأكثر من ساعتين. بعد سنوات من تركيبها، وثقت هذه الكاميرات أمثلة على المضايقات والعنف التي تواجهها هذه العائلات.

منذ شهر أيار/مايو، ارتفعت معدلات أعمال العنف ضد الفلسطينيين من قبل المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية بشكل ملحوظ. حتى هذا الوقت من العام، تم تسجيل 873 حالة عنف من قبل المستوطنين في الضفة الغربية، بما في ذلك 280 حالة في شهر مايو وحده، مما أدى إلى 153 إصابة بين الفلسطينيين. إن أكثر ما تحتاجه أسرة أبو العبد وجيرانه في وادي الحصين هو الحماية من العنف المتصاعد.

 

يقرّ أبو العبد بأهمية الدعم الذي توفره المؤسسات الإنسانية والحقوقية، مشيرًا إلى أن مؤسسة ييش دين قد وفرت للأسرة دعمًا قانونيًا على مدى ثلاث سنوات خلال محاكمة مرتكبي الهجوم الموصوف أعلاه (وفقا للعائلات، فقد قررت المحكمة أخيراً أن المستوطن الذي أطلق الرصاص مصاب باضطراب نفسي، وبالتالي لا يمكن محاسبته عن أفعاله). كما أكد أبو عبد أن وجود مراقبين من فريق التواجد الدولي المؤقت في الخليل TIPH كان قد وفر لهم في السابق درجة معينة من الحماية من العنف، قبل أن تعلن إسرائيل إنهاء مهامها مع بداية سنة 2019، لكن بعد إنهاء الحكومة الإسرائيلية لبعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل مطلع عام 2019، يؤكد أبو العبد أنه “بعد مغادرتهم تدهور الوضع كثيرًا ونحن الآن ندفع ثمن أي حادث أمني أو تصعيد، بغض النظر عن مكان حدوثه”. خلال أعمال العنف الأخيرة في غزة في أيار / مايو، “ازدادت مضايقات المستوطنين بشكل كبير وزادت أيضًا كمية الحجارة التي يتم رشقها علينا يوميًا”.

قبل مغادرة الوفد، أكدت العائلات بأن أكثر ما يحتاجونه من بين كل الاحتياجات التي تحدثوا عنها أثناء الزيارة: “نحتاج إلى الشعور بأننا لسنا منسيين”.

من خلال تسليط الضوء على المعاناة المستمرة والخوف الذي تعيشه عائلات لاجئي فلسطين القاطنة في وادي الحصين، أرادت الأونروا أن تذكر العالم بأنه لا يوجد حتى الآن حل عادل ومستدام وشامل للاجئي فلسطين. بعد أكثر من 70 عام، لا يزال حسني وعائلته وجيرانه يواجهون العنف اليومي بينما يبقون عرضة لمزيد من الترحيل القسري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى