مقال

نفحات إيمانية ومع الطريق إلى السعادة ” الجزء الأول “

نفحات إيمانية ومع الطريق إلى السعادة ” الجزء الأول ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

إن السعادة في أدق عبارة وأرق إشارة هى سكينة النفس، واطمئنان القلب، وراحة البال، ورضى بالحال، وشعور بسعة الصدر وانشراحه، وإن السعادة في الإسلام جاءت في الكتاب والسنة بألفاظ وتعابير متعددة، فقد جاءت باسم الحياة الطيبة، كما قال تعالى فى سورة النحل”من عمل صالحا من ذكرا أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون” وكما جاء التعبير عن السعادة بنفي الشقاء، والضلال، وبذكر مقابلها، وهو الضنك، فقال تعالى في سورة طه “فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا” فالشقاء الذي هو ضد السعادة مقرون بالإعراض عن ذكر الله، وإتباع هدى الله هو سبيل البعد عن الشقاء.

 

وتحقيق السعادة، وكما جاء التعبير عن السعادة بانشراح الصدر، فقال تعالى فى سورة الأنعام “فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصّعد في السماء” وجاء التعبير عنها بطمأنينة القلب، فقال تعالى فى سورة الرعد”ألا بذكر الله تطمئن القلوب” فطمأنينة القلب، وانشراح الصدر كلها من السعادة، وتتحقق بذكر الله، والاهتداء للإسلام، والسعادة التامة الكاملة هي في تحقيق العبودية لله، والنجاة من النار في الآخرة، ودخول الجنة، وإن السعادة هي الرضا بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، وإتباع هذا الرضا بركعات وسجدات وخضوع وتسليم لله، وإن السعادة والفلاح في الإسلام.

 

هو الاستسلام الكامل لله جل وعلا والخضوع له والخلوص له من الشرك والأنداد والخروج عن داعية الهوى إلى داعية الرحمن، ونقول لمن أخطأ طريق السعادة، ونقول لمن أضاع نفسه على الأرصفة وفي الطرقات مع صحبة السوء إن السعادة الحقيقية ها هنا في بيوت الله مع الأخيار، نقول لمن أفنى عمره في مشاهدة الأفلام الماجنة والمسلسلات السافلة قد أضعت عمرك فيما يعود عليك بالضرر والدمار فاهجرها، وأقبل على حلق العلم وكتب الهدى، ونقول لمن غرق في الشهوات المحرمة إنها شهوات زائلة وقتية، والنعيم الدائم هو نعيم الآخرة، فدعك مما يزول، وعليك بالعمل لما يدوم ولا يفنى، فسبحان الله العظيم القائل ” إن للمتقين مفازا، حدائق وأعنابا، وكواعب أترابا”

 

وقال صلى الله عليه وسلم “فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمِعت، ولا خطر على قلب بشر” ونقول لمن هجر بيوت الله فلم يأتها إلا في المناسبات كالجُمع والأعياد، لقد فاتك خير كثير وفوت على نفسك من أسباب السعادة الكثير، فتدارك ما فاتك، ولازم الجماعات، وحافظ على الصلوات حيث ينادى بهن، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، السعادة في معاملة الخلق أن تعاملهم لله، فترجو الله فيهم، ولا ترجوهم في الله، وتخافه فيهم، ولا تخافهم في الله، وتحسن إليهم رجاء ثواب الله لا لمكافئتهم، وتكف عن ظلمهم خوفا من الله لا منهم، وقال رحمه الله وإذا أحسن إلى الناس فإنما يحسن إليهم ابتغاء وجه ربه الأعلى، ألا يطلب منهم جزاء إذا أحسن إليهم فالله جل جلاله.

 

هو الذي منّ عليه بذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ويعلم أن الله قد منّ عليه بأن جعله محسنا، فيرى أن عمله لله وبالله، فلا يطلب ممن أحسن إليه جزاء، ولا شكورا، ولا يمنّ عليه بذلك، فإنه قد علم أن الله هو المان عليه، إذ استعمله في الإحسان، فعليه أن يشكر الله، إذ يسره لليسرى، وأن يستر عيوبهم فيستر الله عليه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة” متفق عليه، وقال العلامة ابن باز رحمه الله، هذا هو المشروع إذا رأى الإنسان من أخيه في الله عورة، يعني معصية فلا يفضحه ولا ينشرها بين الناس، بل يسترها عليه، وينصحه ويوجهه إلى الخير، ويدعوه إلى التوبة إلى الله من ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى