مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول وحجة الوداع ” الجزء الثالث”

نفحات إيمانية ومع الرسول وحجة الوداع ” الجزء الثالث”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الرسول وحجة الوداع، فلما جاء إسماعيل كأنه أنس شيئا، فقال هل جاءكم من أحد؟ قالت نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك، فأخبرته، فسألني كيف عيشنا، فأخبرته أنا في جهد وشدة، قال فهل أوصاك بشيء؟ قالت نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول غيّر عتبة بابك، قال ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك، فطلقها، وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته، فسأل عنه، قالت خرج يبتغى لنا، وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت نحن بخير وسعة، وأثنت على الله تعالى، فقال ما طعامكم؟ قالت اللحم، قال فما شرابكم؟ قالت الماء، قال اللهم بارك لهم في اللحم والماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم.

 

“ولم يكن لهم يومئذ حَبّ، ولو كان لهم دعا لهم فيه” قال فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه، وفى رواية فجاء فقال أين إسماعيل؟ فقالت امرأته ذهب يصيد، فقالت امرأته ألا تنزل فتطعم وتشرب؟ قال وما طعامكم وما شرابكم؟ قالت طعامنا اللحم وشرابنا الماء، قال اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم، قال فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم “بركة دعوة إبراهيم عليه السلام” قال فإذا جاء زوجك، فاقرئي عليه السلام، ومُريه يثبت عتبة بابه، فلماء جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد؟ قالت نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنّا بخير، قال فأوصاك بشيء؟ قالت نعم، يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن ثبت عتبة بابك.

 

قال ذاك أبي، وأنتى العتبة، أمرني أن أمسكك، ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنع كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، قال يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر، قال فاصنع ما أمرك ربك، قال وتعينني؟ قال وأعينك، قال فإن الله أمرني أن أبني بيتا ها هنا، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، فعند ذلك رفع القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان “ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم” فهذا البيت الذي يحسدكم عليه العالم أجمع، ويعجبون من ازدحامكم عليه.

 

ويعجبون من إيثاركم له على محابكم ولذائذكم، ويحتارون من سفركم إليه وطوافكم به، ولقد ذهل العالم الكافر من اجتماع أكثر من مليونين من المسلمين حول هذا البيت، وتعجبوا من حنين هذه الأمة إليه متغافلة عن دنياها وشهواتها، وأدركوا أن وراءهم خطرا زاحفا من هذا الجمع الغفير لأن هذا التجمع الكبير في الحج طريق لعودة الأمة إلى ربها واعتصامها بدينه، وهذا ما يخيف المجرمين الكفرة، نسأل الله أن يجعل كيدهم في نحورهم، ولقد تجلت في هذه القصة العجيبة عظات ودروس مفيدة، منها عبودية إبراهيم عليه السلام لربه وامتثاله لأمره، حيث نزل منزلا ليس فيه أنيس ولا شيء، وأنزل أسرته طاعة لربه وتنفيذا لأمره، ومنها الإيمان الصادق.

 

الذي حملته هاجر رضي الله عنها حيث قالت “آالله أمرك؟ إذن لا يضيعنا” ومنها حفظ الله تعالى لأوليائه وعباده الصالحين إذا آمنوا به، وتوكلوا عليه حق التوكل، فالله لا يضيع أهله، ومنها بركة دعاء إبراهيم عليه السلام لأهل مكة، ومنها استجابة الله دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بأن يبعث لهذه الأمة رسولا يعلمهم ويزكيهم، فإن إسماعيل تزوج من قبيلة جرهم العربية، واكتسب منهم اللسان العربي، وكانت من نسله العرب المستعربة، ومنهم عدنان الذي هو جد النبي صلى الله عليه وسلم الذي اصطفاه الله على العالمين وجعله خاتم النبيين، حيث دعا الناس إلى عبادة الله وحده، واتبع ملة إبراهيم حنيفا، وأحيا مناسك الحج، وجعل الله أمته خير الأمم، شرفها برسوله وكتابه وبطاعته واتباعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى