مقال

نسائم الايمان ومع حقيقة ذكر الله وأثره على النفس “الجزء السابع “

نسائم الايمان ومع حقيقة ذكر الله وأثره على النفس “الجزء السابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع حقيقة ذكر الله وأثره على النفس، وأما التسمية والبسملة “بسم الله” أو “بسم الله الرحمن الرحيم” فإن العبد يقولها معلنا لنفسه، أنه يبتدئ عمله لله، ويبتدئ عمله مستعينا بالله، يقول بسم الله عند الأكل، والشرب، والجماع، وغير ذلك من الأعمال، أستعين بالله تعالى على ما أمرني، وما أباح لي، وأذكر نفسي أن الله معي في هذه الأعمال، فيستحضر العبد نية حسنة عند أعماله، حتى وبعضها دنيوي بقوله بسم الله، ليس فقط عند قراءة القرآن، وإنما أيضا عند الجماع، فتأمل وتدبر الحكمة التي تقول فيها بسم الله عند قراءة القرآن، من قراءة القرآن إلى الجماع، تقول بسم الله، فأي دين أعظم، وأي شريعة أسمى من هذه الشريعة، التي وضعها إلهنا.

 

وأنزلها إلينا، التي يدلنا فيها على تذكره، وذكره من القرآن إلى الجماع، ولذلك فإن العبد لا يخلو من ذكر ربه، حتى عند قضاء لذته وشهوته، فسبحان الله ما أعظم هذا الدين، ألذي يربط العبد بربه في كل الأشياء، ولذلك يكون الغافل اللاهي، الذي لا يذكر الله، لا في المباحات، ولا في العبادات، ولذلك يقع في المعاصي والمحرمات، وإن في خضم حياة صاخبة، تضج بتداعيات صناعية وتقنية لا حصر لها، وما ترتب عليها من جفاف روحي، تلاطمت بالإنسان المعاصر أمواج القلق والتوتر، وحاصرت بعضهم الهموم والهواجس من كل حدب وصوب، وعانى البعض من أمراض الاكتئاب والوساوس والقلق النفسي، ومن دون أي مقدمات، وقد تستمر المعاناة منها لساعات أو حتى لأيام.

 

في حين أن بعض تلك الإرهاصات قد تكون انتكاسية، لتأخذ شكل الحال المزمن ما يزيد من احتمال تراكم المخاوف الوسواسية، ومع هكذا تداعيات، ضاقت الأرض على بعض الناس، فباتوا يفكرون بالخلاص من هذا الصخب بأي شكل يُتاح من المعالجات التي ترد على البال، حتى وإن كان استخدام البعض منها يؤدي إلى نتائج سلبية، وفي خضم هذا الجو، ينسى الكثير أن الطمأنينة الحقة لا تكون إلا باللجوء إلى الله تعالى، والاعتصام بحبله المتين على قاعدة “ألا بذكر الله تطمئن القلوب” حيث يلوح في الأفق عندئذ نور السعادة والطمأنينة الربانية ليبدد ظلمات القنوط، ويزيح عن المهمومين كربات الاكتئاب والقلق، ويخترق دواخلهم المتوترة لتطمئن وتأنس بنفحات هذا النور.

 

تناغما مع حقيقة ما وعد الله تعالى به عباده المتوكلين عليه من إجابة بقوله تعالى “ومن يتوكل على الله فهو حسبه” ولا ريب أن من توكل على الله تعالى، وفوّض أمره إليه، وألحّ بالدعاء كان الله حسبه، فأغناه عن الحاجة إلى الغير، وأعانه على تجاوز كل الهموم والوساوس والإرهاقات النفسية، فما على الإنسان المبتلى بالاكتئاب والقلق، والمثقل بتداعيات صخب العصر إلا أن يحرص على أن يكون قريبا من الله تعالى، ويلهج لسانه بالدعاء، وهو موقن بالإجابة والفرج من الله تعالى، فقال تعالى فى سورة البقرة ” وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان” ولا شك أن الدعاء والتضرع إلى الله تعالى في كل شؤون الحياة، سيمنح النفوس ومضات إيمانية متجددة على الدوام.

 

ويحصنها من مخاطر تحديات زعزعة اليقين وتكريس القلق والوساوس، والارتياب بسبب تداعيات العصر السلبية، فيترسخ إيمانها بالله، وتكل كلّ مقاديرها إليه، فقال الله تعالى فى سورة الأنفال” إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون” وذلك حقا هو الإيمان اليقيني الراسخ الذي لا يتزعزع أبدا مهما عصفت به التحديات، وهو سبيل الطمأنينة التامة والراحة النفسية المطلقة، التي تطرد كل الوساوس والهموم من حياة الإنسان، فإن رقة القلب وخشوعه، وانكساره لخالقه وخضوعه، نعمة يختص بها الله من يشاء من عباده، ورقيق القلب سابق إلى الخيرات, مشمر في ميادين الطاعات، وصاحب القلب الرقيق تنفعه بإذن الله الموعظة، وترده بفضلِ اللهِ النصيحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى