مقال

نفحات إيمانية ومع ثمرات ذكر الله عز وجل “الجزء التاسع “

نفحات إيمانية ومع ثمرات ذكر الله عز وجل “الجزء التاسع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع ثمرات ذكر الله عز وجل، وقد توقفنا مع قصة بنات حاتم الأصم ودخلت البنت التقية النقية تبكي، فدخلت أمها مع أولادها، تقول لها لما البكاء يا بنيتي؟ وقد أصبحنا في غنى، فقالت لقد نظر إلينا مخلوق نظرة فأغنتنا، فكيف لو نظر إلينا الخالق؟ فإن الإنسان بالدعاء أقوى و أغنى و أعلم الناس، وما أردت أن تكون هذه القصة حكما شرعيا، لا، فيجب أن تذهب إلى الحج، وأن تعد نفقة الأهل والأولاد، وأن تملك الراحلة والصحة والمال، ولكن لو أن مؤمنا وضع ثقته بالله عز وجل، لو أن مؤمنا عقد الأمل على الله عز وجل، لو أن مؤمنا وثق بالله عز وجل، ألم يقل الله عز وجل فى كتابه الكريم فى سورة القصص.

 

“أرضعيه فإذا خفتى عليه فألقيه فى اليم ولا تخافى ولا تحزنى إنا رادوه إليكى وجاعلوه من المرسلين” ألم يقل الله عز وجل يحدثنا عن نبيه يونس عليه السلام “فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم” وهكذا أنت بالدعاء أقوى الناس، فهل من مصيبة أكبر من أن يجد الإنسان نفسه في بطن حوت؟ في ظلمة بطن الحوت، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة الليل، في ظلمات ثلاث، ونادى وهو في بطن الحوت، فأنت بالدعاء أقوى الناس، وأنت بالدعاء أغنى الناس، وأنت بالدعاء أعلم الناس، فتوكل على الله، وفوض الأمر إلى الله، واستقم على أمره وفوض إليه أمرك، ولقد قال ابن القيم رحمه الله.

 

“فأفضل الصّوام أكثرهم ذكرا لله عز وجل في صومهم” حيث بين أن أفضل أهل كل عبادة أكثرهم ذكرا لله عز وجل فيها، والأصل أن الصائم منهي عن اللغو والرفث والكلام الذي لا فائدة منه، فضلا عن الكلام المحرم كالغيبة والنميمة والفحش والسب وغير ذلك، وهو لا يستطيع بطبيعة الحال أن يوقف لسانه عن الحركة، فكان لزاما أن يحركه بما فيه الخير له عملا بقوله صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” وهنا يحتاج أن يتذكر فضل الذكر وعظمة الأجر المتعلق به حتى يحقق أكبر استفادة ممكنة ولذكر الله أكبر من كل شيء، وقيل لسلمان أي الأعمال أفضل؟ فقال للسائل أما تقرأ القرآن “ولذكر الله أكبر”

 

ولو أن أحدنا نظر بعين التأمل في كتيب صغير الحجم مما صنف في الأذكار الموظفة لوجد أن هذه الأذكار كفيلة بملئ حياة المسلم وشغل لسانه بشكل دائم، فكيف إذا وضعنا معها أنواع الذكر والأدعية المطلقة؟ وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما المراد يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدوّا وعشيّا، وفي المضاجع، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله ذكر الله تعالى، وقال مجاهد لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا،وإن المؤمن إذا كان كثير الذكر فلابد أن يكون سريع التوبة والاستغفار من الذنوب، فقال ابن القيم ” فأخبر أنه عز وجل أعد الجنة للمتقين دون غيرهم ثم ذكر أوصاف المتقين” إلى أن قال.

 

“ثم ذكر حالهم بينهم وبين ربهم في ذنوبهم وأنها إذا صارت منهم قابلوها بذكر الله والتوبة والاستغفار وترك الإصرار” وقال أيضا وهو يعدد فوائد الذكر أنه يورثه الإنابة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل، فمتى أكثر الرجوع إليه بذكره أورثه ذلك رجوعه بقلبه إليه في كل أحواله” فالذاكر بين أن يعصمه ذكره من الوقوع في المعصية، وبين أن يكون ذكره سببا في التعجيل بالتوبة والاستغفار، وقوله تعالى “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”أي حقيق بها وحري أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى