مقال

نفحات إيمانية ومع المسجد والسوق والعلاقه بينهما “الجزء الخامس “

نفحات إيمانية ومع المسجد والسوق والعلاقه بينهما “الجزء الخامس ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع المسجد والسوق والعلاقة بينهما، ثم انطلق هذا السوق مع دور السكن في العصر الأموي في عهد هشام بن عبد الملك الذي كانت ولايته مابين عام خمسة وستين إلى سبعة وثمانين من الهجرة، وظهرت الشوارع التجارية لتسهيل حركة الأفراد وحركة البضائع، كما نظمت فيه الدكاكين ليكون سوقا ثابتا، ووسع حتى قرب إلى ثنية الوداع الشمالية وجعل لهذا السوق تسع بوابات تقود إلى منازل ومخيمات سكان المدينة وبنيت في داخل السوق حوانيت في الدور الأرضي ومساكن في الأدوار العلوية ويبدو أن مساحة السوق قد تقلصت في هذه الفترة بمقارنتها بمساحته في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, وقد يعلل هذا بأن كثيرا من التجار كانوا يأتون من مناطق مختلفة.

 

خارج المدينة المنورة ثم يعودون إلى ديارهم بعد انقضاء تجارتهم دون الحاجة إلى الاستقرار في المدينة المنورة، وخاصة بعد انتقال مركز الحكم من المدينة المنورة إلى دمشق في بلاد الشام ولهذا كان تأثير الوظيفة التجارية في هذه الفترة المبكرة على المنطقة المبنية محدودا إذ كان التجار ينصبون رحالهم في السوق أو يقيمون مع أقاربهم أو يستأجرون مبنى لهم لفترة محدودة، وقد أطلق على سوق المدينة الشهير بسوق المناخة أسماء متعددة منها سوق المدينة، أو بقيع الخيل، أو سوق المصلى، أو سوق البقيع، أو سوق البطحاء، أو سوق الزوراء، وكما أنه كانت هناك أسواق متعددة بالمدينة المنورة وهى يثرب قبل سوق المدينة أو متزامنة معه أو بعده، منها سوق بني قينقاع.

 

وسوق بالصفاصف، وسوق زبالة، وسوق مزاحم، وسوق النبيط أو النبط، ثم أصبحت هناك أسواق بمسميات مختلفة حسب نوع ما يباع مثل سوق الخيل، سوق الإبل، سوق التمر وهكذا، وعندما استقر المجتمع المدني للمسلمين في المدينة المنورة وتوطدت دعائمه فيه دعت الحاجة إلى سوق مستقرة تواكب استقرار المجتمع وتساير متطلباته، وعندئذ كان لابد من البحث عن سوق تتوافق في ضوابطها مع أسس ومبادئ الدين الجديد وحضارة التعاليم النبوية التي لا غش فيها ولا خداع، فتم إقامة سوق المناخة، والمناخة سميت بذلك لأنها كانت تستخدم مناخا للقوافل والحجاج، وهي أحد أحياء المدينة المنورة، تقع غربي المسجد النبوي من ثنية الوداع الشامية شمالا.

 

إلى مسجد الغمامة جنوبا، وكان القسم الشمالي منها ميدانا للتدرب على ركوب الخيل والرماية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يحضرهناك ويحض المتدربين على أن يجودوا، ويسابق بينهم أحيانا، وقد بُني في موقع السباق مسجد سمي مسجد السبق، وفي قسمه الثاني اختط رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين السوق في السنوات الأولى من الهجرة ليخلصهم من سيطرة اليهود على الأسواق الأخرى، فكان عند استقرار المجتمع المدني بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم وبناء مسجده، كان لابد في ذلك الحين من البحث عن سوق تتوافق في ضوابطها وتعاملاتها مع أسس ومبادئ الدين الجديد وحضارة التعاليم النبوية التي لا غش فيها ولا خداع.

 

فاضطرت الظروف المسلمين للتبايع في السوق الموجودة حينها والتي كان يتحكم اليهود فيها وكانت لهم اليد العليا، وبعد مدة أخذت أنشطة المسلمين التجارية تزداد شيئا فشيئا بالتزامن مع استقرارهم وتزايد عدد سكان المدينة المنورة وزيادة الوافدين الجدد إليها، وأمام مضايقات وخداع اليهود للمسلمين عموما وللتجار منهم خصوصا وبسبب التباين في المبادئ التي تقوم عليها تجارة كل من الفريقين، كان لابد من أن ينحى النبي صلى الله عليه وسلم منحا جديدا فيه تصحيح لمسار النشاط التجاري، فأنشأ السوق الإسلامية ليحرر مال المسلمين من الخبائث والمعاملات الظالمة، وحتى يؤكد للناس شمولية الإسلام والذي يهتم بالأمور الدينية والدنيوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى