مقال

نفحات إيمانية ومع فى بيوت أذن الله أن ترفع “الجزء الأول “

نفحات إيمانية ومع فى بيوت أذن الله أن ترفع “الجزء الأول ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد كان المسجد فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منتدى، وكان مجلس للشورى، وكان محكمة قضائية، ولقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد ثكنة عسكرية، تنطلق منها الرايات، وتعقد منها الألوية، وتصنف منها الجيوش، وتخرج منها الكتائب، فإن المسجد روضة من رياض الجنة، وعبادة وفكر واتصال بالواحد الأحد، ولقد كان المسجد فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبال للوفود، وإرسال للاهتمامات في الأمة الإسلامية، وبناء للجيل، ولقد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة ولم يحمل معه المال، ولكن حمل عقيدة ومبدأ وأصالة، فكان أول ما بدأ به صلى الله عليه وسلم أن وضع حجر الأساس لبناء المسجد الإسلامي الكبير.

 

لتنطلق منه الكتائب مكبرة في سبيل الله، فهو مسجد عقده ليكون ناديا أدبيا يعلن وتطرح فيه القصائد الرنانة في خدمة الإسلام، يوم يأتي صلى الله عليه وسلم إلى حسان، شاعر الإسلام، وسيف الأدب الإسلامي، لخدمة مبادئ الإسلام، فيقدم له المنبر، ويقول له “اهجهم وروح القدس معك” ويستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفود العربية من بني تميم، والأزد، وغطفان، وأسد، وفَزارة، فيهنئهم ويهنئونه، ويعانقهم ويعانقونه في المسجد، فبدأ صلى الله عليه وسلم هناك، فأتى إلى المسجد فوضع حجر الأساس، ثم تلاه أستاذ الخلافة، ورجل الساعة، والصديق الأكبر أبو بكر الصديق، فنزع حجرا آخر ووضعه بجانب حجره، ثم قام عمر الفاروق، فأخذ حجرا ثالثا ووضعه بجانب حجر الصديق.

 

وكأن الثلاثة يقولون للبشرية هذه نهاية الوثنية، وهذه بداية معالم الإنسانية، وهنا تخنق الوثنية، ويذبح الشرك بإذن الله، وسقف المسجد لكنه ما كان راقيا في بنائه، بل كان راقيا في مضمونه وعظمته، وكان مشرقا في روحانيته، وكان هادى في مسيرته، فكان من طين وسعف نخل وشيء من خشب لكن كما قيل كفاك عن كل قصر شاهق عمد بيت من الطين أو كهف من العلم، تبني الفضائل أبراجا مشيدة نصب الخيام التي من أروع الخيم، ودخله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الله أكبر، ومن يوم قال فيه الله أكبر، انتهت الوثنية، ودُمّر الإلحاد والزندقة، ودُمّر كل مبدأ ضال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ووقف صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الجمعة، يذرف بالكلمات الصادقة.

 

من على المنبر ليقول للناس مسجدنا هنا، فكانت تعاليم الإسلام تعرض على المنبر، ثم قال مبادئنا تعلن كل يوم جمعة من على المنبر، نحن ليس عندنا أسرار ولا ألغاز، لسنا في حقائب فيها ألغام، أسرارنا وألغازنا ننثرها يوم الجمعة على الناس، ونعلن مبادئنا من على المنارة الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر وهذه كلمة لا بد أن تنشر للناس، وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخذ المسجد للخطابة فكان يخطب يوم الجمعة، وكان من أبرع من خلق الله في الخطابة، فكانت تعاليمه صلى الله عليه وسلم كالفجر، فهو يعلنها يوم الجمعة من على المنبر عليه الصلاة والسلام، ولقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد منتدى أدبيا، بحسّان وجد له صلى الله عليه وسلم في دعوته تخصصا.

 

فنحن أمة التخصص وأمة الشمول، وأمة الأصالة والعمق، وكان في المسجد يقول صلى الله عليه وسلم لحسان “اهجُهم وروح القدس معك” ويقرب المنبر بيديه الشريفتين صلى الله عليه وسلم، فيضع المنبر لحسان، ويدلف حسان ويتكلم بقصائده الرنانة التي تقع كالسهام، أو كنضح السهام على وجوه المشركين، ومن المسجد أتى زيد بن ثابت الفرضي، الذي قال عليه الصلاة والسلام “أفرضكم زيد” فهو أعلم الناس بالفرائض، ومن عجب إهداء تمر لخيبر وتعليم زيد بعض علم الفرائض، فمن المسجد تعلم، ومن المسجد تخرج حسان، الأديب الشاعر المفلق، الذي علمه صلى الله عليه وسلم كيف يهجو المشركين، ودعا له بالتأييد من الله رب العالمين، وقرب له المنبر، وقال له “اهجهم وروح القدس معك”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى