مقال

نفحات إيمانية ومع فى بيوت أذن الله أن ترفع “الجزء الثالث “

نفحات إيمانية ومع فى بيوت أذن الله أن ترفع “الجزء الثالث ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع فى بيوت أذن الله أن ترفع، وإن المؤسسات كلها توجيها وتعليما ومناهج وسلوكا لأن الإسلام لا يعرف الفصل بين الدين والدنيا، أو بين العبادة والتعليم، أو بين العقيدة والسياسة، أو بين مطالب الروح ومطالب الجسد، وقد ثبت أن الرجال الذين تمت صناعتهم في المسجد، كانوا دائما على مستوى المسؤولية صدقا في الكلام والفعل، ونظافة في اليد، وطهارة في القلب، ونقاء في السريرة، ووفاء بالعهد، وشجاعة في الحق ولهذا منحهم الله نصره وتأييده لأنهم جنوده، وهم الذين أشار إليهم قول الله تعالى فى سوة الأحزاب “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”

 

وقيل أنه أتى وفد بني تميم، وبنو تميم قبيلة عملاقة من قبائل العرب الشهيرة، إلى المدينة لتسلم، وقد أتى وفدها في العام العاشر أو التاسع ليسلم، فقدم الوفد وكانوا ثمانية، اختيروا اختيارا في مجالات التخصص، فأخذوا معهم حليم العرب قيس بن عاصم، والأديب الخطيب عطاء بن حاجب بن زرارة وعمرو بن الأهتم المدره، والشاعر الزبرقان بن بدر، إلى مجموعة أخرى، وقدموا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وقالوا وهم الذين نادوا من وراء الحجرات يا محمد نحن لا نسلم حتى تبارينا في مسجدك، ونفاخرك وتفاخرنا، ويسمى هذا ابن قتيبة المناثرة، والمناثرة عند العرب، هو أن يأتي وفد لوفد، فيذكرون مآثرهم وتاريخهم في الجاهلية، فمن غلب أسند له القياد.

 

وسُلمت له الحكومة، فقالوا نباريك، قال بماذا؟ قالوا معنا خطيب وشاعر، ونريد خطيبك وشاعرك، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يتأخر، فعنده الإمكانيات، وعنده القدرات، وفي المسجد عليه الصلاة والسلام دعا ابن رواحة، فقال ابن رواحة أنا شاعر المُهلة، أي لا أستطيع في البداهة أن أنظم قصيدة، فدعا حسانا وأتى وفد بني تميم، واجتمع الناس، وارتقى الزبرقان بن بدر على المنبر ليقول نحن الكرام فلا حي يعادلنا منا الملوك وفينا تنصب البيع، إلى قصيدة تقارب الخمسين، والرسول عليه الصلاة والسلام يستمع إليه والصحابة، ويريدون أن تعتلي قصيدة حسان قصيدة ذاك المشرك الذي يريد الإسلام، وقام حسان ودعا له الرسول عليه الصلاة والسلام أن يؤيد بروح القدس الذي هو جبريل.

 

فقام في الحال، وألقى قصيدته الفذة البارعة النادرة في تاريخ الأدب، حيث قال إن الذوائب من فهر وإخوانهم قد بينوا سننا للناس تتبع، يرضى بها كل من كانت سريرته تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا، فلما انتهى قال بنو تميم غلب شاعرك شاعرنا، وقام خطيبهم وألقى خطبة، فقال عليه الصلاة والسلام “أين ثابت بن قيس بن شماس؟ فهو يعطى القوس باريها، وأهل التخصصات تدفع إليهم التخصصات، فقام ثابت، فألقى خطبة، فغلب خطيبهم، فأسلموا، وأعلنوا إسلامهم، وبهذا العمل يتبين أن المسجد أكبر مما يتصوره كثير من الناس، فهو يصلح أن يكون منتدى أدبيا، تلقى فيه الأمسيات، وتعقد فيه الندوات، فإن المساجد بيوت الله، وأماكن عبادته.

 

وهي خير البقاع، يكرم الله عمارها وزواره فيها، ويثيب على الخُطا إليها، ومن هنا كان فرح الباري جل وعلا، بزوار المساجد، بل إن هناك صنفا من الناس من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله هم من كانوا متعلقين بالمساجد، فالمسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الجامعة، وهو البرلمان، وهو المنتدى الإسلامي، وكان هو المحكمة التي تقضي بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسجد يجب أن يأخذ دوره الحقيقي، فهو المكان الذي يخرج العلماء، وهو المكان الذي يخرج منه المصلحون، وهو المكان الذي يبعث الخير للحي الذي يقع فيه ذلك المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم يهتم لأمر امرأة من النساء الفقيرات، هل تعلمون ما هو الأمر الذي تقوم به؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى