مقال

نفحات إيمانية ومع وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا “الجزء الخامس”

نفحات إيمانية ومع وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا “الجزء الخامس”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا، فعن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروح عليه إذا ملّ ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينا هو يوما على ذلك الحمار إذ مر به أعرابي، فقال ألست ابن فلان بن فلان؟ قال بلى، فأعطاه الحمار، وقال اركب هذا، والعمامة، قال اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه غفر الله لك، أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروّح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك، فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي، وإن أباه كان صديقا لعمر” رواه مسلم، وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، قال قدمت المدينة.

 

فأتاني عبدالله بن عمر، فقال أتدري لم أتيتك؟ قال قلت لا، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من أحب أن يصل أباه في قبره، فليصل إخوان أبيه بعده” وإنه كان بين أبي عُمر وبين أبيك إخاء وود، فأحببت أن أصل ذاك” وقال هارون بن رئاب لما حضرت عبدالله بن عمرو بن العاص الوفاة رضي الله عنه قال إنه كان خطب إليّ ابنتي رجل من قريش، وقد كان مني إليه شبيه بالوعد، فوالله لا ألقى الله بثلث النفاق، اشهدوا أني قد زوجتها إياه” ولما سار عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى مصر، نزل على مدينة بلبيس، ففتحها الله تعالى على المسلمين، وأسر من القبط خلق كثير، وكان في الأسرى أرمانوسة ابنة المقوقس عظيم القبط، وكان المقوقس زوّج ابنته أرمانوسة.

 

من قسطنطين بن هرقل، وجهّزها بأموالها وجواريها وغلمانها لتسير إليه، فخرجت أرمانوسة إلى زوجها في مدينة قيسارية بفلسطين، وفي أثناء الطريق وصلت إلى مدينة بلبيس، فوقعت في الأسر هي ومن معها، فقال عمرو بن العاص لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله سبحانه وتعالى قد قال ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” وهذا الملك قد علمتم أنه كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث هدية، ونحن أحق بمن كافأ عن نبيه صلى الله عليه وسلم هديته، وكان يقبل الهدية ويشكر عليها، وقد رأيت أن ننفذ إلى المقوقس ابنته وما أخذنا معها، ونحن نتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستصوبوا رأيه، فبعث بها مكرمة مع جميع ما معها مع قيس بن سعد رضي الله عنه.

 

فسُرّ المقوقس بقدوم ابنته” وقد قال أبو حاتم الرازي رحمه الله، لا خير في الصدق إلا مع الوفاء، كما لا خير في الفقه إلا مع الورع، وقال أبو طالب المكي الاستقامة على التوبة، من الوفاء بالعهد، وتعدي الحدود من نقض الميثاق وقلة الصدق، وقال الفضل بن سهل لرجل سأله حاجة أعدك اليوم، وأحبوك غدا بالإنجاز لتذوق حلاوة الأمل، وأتزين بثبوت الوفاء، وكان النعمان بن المنذر قد جعل له يومين يوم بؤس، مَن صادفه فيه قتله، ويوم نعيم من لقيه فيه أحسن إليه وأغناه، وكان رجل من قبيلة طيئ قد خرج ليأتي بطعام لأولاده الصغار، فبينما هو كذلك إذ صادَفه النعمان في يوم بؤسه، فلما رآه الطائي علم أنه مقتول، فقال حيّا الله الملك، إن لي صبية صغارا وأهلا جياعا.

 

وقد أرقت ماء وجهي في حصول شيء لهم، وقد أقدمني سوء الحظ على الملك في هذا اليوم العبوس، وقد قربت مِن مقر الصبية والأهل، وهم على شفا تلف من الجوع، ولن يتفاوت الحال في قتلي بين أول النهار وآخره، فإن رأى الملك أن يأذن لي في أن أوصل إليهم هذا القوت، وأوصي بهم أهل المروءة من الحي لئلا يهلكوا ضياعا، ثم أعود إلى الملك وأسلم نفسي لنفاذ أمره، فلما سمع النعمان صورة مقاله، وفهم حقيقة حاله، ورأى تلهفه على ضياع أطفاله، رق له، ورثى لحاله، غير أنه قال له لا آذن لك حتى يضمنك رجل معنا، فإن لم ترجع قتلناه، وكان شريك بن عدي بن شرحبيل نديم أي صديق النعمان معه، فالتفت الطائي إلى شريك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى