مقال

نفحات إيمانية ومع السلام مع النفس والكون ” الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع السلام مع النفس والكون ” الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع السلام مع النفس والكون، ومن أجل تحقيق الهدف الذي ترجوه عصبة الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين، فكان لا بد من تعهد الدول الأعضاء بالالتزام باحترام القانون الدولي والقرارات التي تنص عليها المواثيق الدولية، والالتزام بعدم اللجوء إلى استخدام القوة في حل النزاعات، وإنشاء علاقات دولية وديَّة قائمة على الشرف والعدل، وعلى الرغم من الجهود المبذولة إلا أن عصبة الأمم لم تستطع حل النزاعات القائمة، بسبب انشغالها في تعديل وإصلاح هيكلها التنظيمي، بالإضافة إلى فرض الدول الكبرى هيمنتها وإصرارها على التوسع على حساب شعوب الدول الأخرى، مما أدى إلى فشل العصبة في تنفيذ خططها.

 

في نشر الأمن والسلم الدوليين، فبعد ما خلق الله تعالى آدم عليه السلام وأسجد له ملائكته، فقال تعالى فى سورة الأعراف ” فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين” استكبارا على الله تعالى واحتقارا لمن خُلق من طين أن يسجد له من خُلق من نار، جرى التكليف على آدم وذريته، وسُلط الشيطان وجنده على إغوائهم، وصدهم عن سبيل الله تعالى، فمن أطاع الله تعالى دخل الجنة برحمته سبحانه، ومن سلك طريق إبليس وعصى الله تعالى استحق النار، فقال تعالى ” ولا يظلم ربك أحدا” ولقد جعل الله تعالى الدنيا ميدانا لهذا الابتلاء، وجعل الآخرة جزاء عليه، فمن خاف الله تعالى فأطاعه، وعمل بشريعته كان له الأمن الكامل، والرزق الدائم، والنعيم المقيم في الآخرة.

 

فقال تعالى فى سورة الحجر ” إن المتقين فى جنات وعيون، ادخلوها بسلام آمنين” وفي الآية الأخرى فى سورة الدخان ” يدعون فيها بكل فاكهة آمنين” آمنين من فقدانها، وآمنين من الموت، وآمنين من كل ما يُخاف منه، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم، ولقد جمع الله تعالى لهم بين الأمن والرزق، الأمن التام الشامل، والرزق المتتابع الذي لا ينقطع، فقال تعالى فى سورة الزخرف ” وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون” فإن قوام حياة البشر، ومنتهى سعادتهم وفرحهم، وغاية مطلوبهم ومرادهم، يرتكز على الأمن والرزق، وإن منتهى تعاستهم وشقائهم يكمن في انعدامِ الأمن، وقلة الرزق ولذا جاءت الآيات القرآنية تكرس هذا المفهوم في قلوب المكلفين.

 

وتغرسه في أفهامهم، وتدلهم على الطريق التي يحصلون بها على الأمن والرزق الأبدي، الذي لا يعتريه خوف ولا وجل ولا قلة ولا ذلة، وهي طريق الله تعالى التي بينتها الرسل، وأنزلت بها الكتب، وابتلي من أجلها المكلفون، وهو توحيد الله تعالى وعبادته، فمن حقق ذلك من المكلفين توفتهم الملائكة طيبين، فيقول تعالى فى سورة النحل “يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون” ويقول الله عز وجل فى سورة الأنبياء ” لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون” ويقول الله تعالى فى سورة فصلت ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون”

 

وكما جاءت الآيات القرآنية تحذرهم من سلوك طريق الخوف والجوع، وهي الطريق التي يدعوهم إليها الشيطان، وتبين لهم أن من سلكها فلن يأمن مهما عمل، وسيُخلد في الجوع والخوف والحزن والعذاب، فقال الله عز وجل فى سورة التغابن ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير” ويقول تعالى فى سورة الزخرف “ونادوا يا مالك ليقضى علينا ربك قال إنكم ماكثون” وكما أن النعيم في الجنة يرتكز على الأمن والرزق، والعذاب في الآخرة يكون بالخوف والحزن والحرمان، فإن حياة البشر في الدنيا لا تستقيم إلا بتوافر الأمن والرزق، وبفقد أحدهما يفقد الآخر، وبفقدهما تستحيل حياة الناس شقاء وعذابا نسأل الله العافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى