مقال

نفحات إيمانية ومع آداب وأحكام السلام فى الإسلام ” الجزء الأول “

نفحات إيمانية ومع آداب وأحكام السلام فى الإسلام ” الجزء الأول ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد أتى الإسلام مكملا ومتمما لمكارم الأخلاق فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى خطبته ” أوفوا بحلف الجاهلية، فإنه لا يزيدة، يعنى الإسلام، إلا شدة، ولا تحدثوا حلفا فى الإسلام” رواه الترمذى، وإن الإسلام كله حلف، لكن ما كان من أحلاف الجاهلية يجب أن توفى الإسلام مع مكارم الأخلاق، فإذا كان في الجاهلية مكارم أخلاق هذه يجب أن تؤدى، الإسلام مع مكارم الأخلاق، فما كان في الجاهلية من مكارم الأخلاق أيّدها القرآن، وما كان منها يحتاج لتعديل عدلها، وما كان منها بعيدا عن منهج الله فقد ألغاها، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أنه قال يا رسول الله إنى نذرت فى الجاهلية أن أعتكف ليلة فى المسجد الحرام.

 

فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ” أوفى نذرك فاعتكف ليلة” فالنبي صلى الله عليه وسلم يطالب ربه أن يفي بوعده، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال، قال النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى قبة ” اللهم إنى أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم، فأخذ أبو بكر بيده، فقال حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك، وهو فى الدرع فخرج وهو يقول”سيهزم الجمع ويولون الدبر، بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر” فمن أوفى بعهد الله تعالى من توحيده وإخلاص العبادة له, أوفى الله عز وجل بعهده من توفيقه إلى الطاعات، وأسباب العبادة له، وإن أول وفاء وهو أن تكون وفيا مع الله، أن تنفذ ميثاق الله الذي واثقك به، ميثاق الفطرة والعقل.

 

وميثاق الشرع، عندك عقل يأمرك وينهاك، وعندك فطرة تكشف لك خطأك، ومعك شرع فيه افعل ولا تفعل، فأول وفاء يقتضي أن تكون وفيا مع الله, مع ميثاقه الذي واثقك به، والذين يوفون بعهد الله هم الألباب، والذين باعوا أنفسهم وأموالهم لله فوعدهم أن لهم الجنة، ومن أوفى بعهده من الله، فكم من إنسان في بيت الله الحرام، وأمام الحجر الأسود يعاهد الله على الطاعة؟ فإذا عادوا إلى بلادهم, كم من هؤلاء يكون وفيا لوعده الذي وعد الله به؟ فإن أكبر عهد هو العهد الذي بينك وبين الله، ومن لم يكن فيما بينه وبين الله عهد, لا يوجد عهد بينه وبين الناس، إياك أن تعلق أملا على أن يفي إنسان بعهده معك، إن كان هو في عهده مع الله خائن، فليس فيه خير.

 

وبشكل أقرب فإذا كان هناك إنسان عاق لوالديه لا ترجو منه خيرا، فلو كان فيه خير لكان لوالديه، والإنسان عاق في عبوديته لله، فأي إنسان لم يفى بعهد الله عز وجل, لا تنتظر منه وفاء لك لذلك عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقى” وإن الحرب نقيض السلام ولقد أجهدت الحروب والصراعات على مر الزمان شعوب الأرض كلها، فالجميع يطمح اليوم إلى السلام الذي يستجيب لآمالهم وأمنياتهم، ويؤمن لهم حياة رغيدة دون خوف من القذائف بكل أنواعها، أو الرصاص أو القنابل أو الأسلحة النووية، فهذه الأمور تخيف الكبار، وتقضي على طفولة الأطفال.

 

وتهدم المنشآت والحضارات والإرث التاريخي للأوطان، كان جري شعوب العالم جميعا جريا مُجهدا وراء الوصول للغاية العظيمة الذي يطمح لها الجميع، والذي أسست لها ودعمتها الديانات السماوية جميعها على مر الزمان فقد دعت كلها إلى المحبة، والرحمة، والتآخي، والمودة، وبناء المستقبل المشترك بين كافة الشعوب والأعراق والأجناس، فالسلام اسم نسبه الله إليه ضمن أسمائه الحسنى، وهو تحية المسلمين، ودعوة الأنبياء جميعا، وهو ما يدعى به بعد الانتهاء من الصلاة وكأنها وصية أنزلها الله للأرض لكي يؤمن بها ويتقلدها الناس، ويكفي أن كلمة السلم بمشتقاتها قد جاءت في القرآن الكريم مائة وأربعين مرة، بينما جاءت كلمة الحرب بمشتقاتها ست مرات فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى