مقال

نفحات إيمانية ومع أهمية الأمن فى الإسلام ” الجزء الثانى “

نفحات إيمانية ومع أهمية الأمن فى الإسلام ” الجزء الثانى ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع أهمية الأمن فى الإسلام، فدائما يجب الجنوح إلى الحلول السياسية التي تكف دماء المسلمين فالخاسر الأكبر في لعبة الحرب هو الإنسان الذي يخسر نفسه ومكانته ووطنه وكرامته حتى يصل به الأمر لأن يكون متسولا على قارعة الطريق يستجدي شفقة الجميع، فيدفع ثمن فاتورة لم تكن له يد فيها لكنها الحرب، وإن السلام يفتح باب الازدهار والتطور للبلد فعندما تتوافر أسباب الراحة يجد الإنسان نفسه وقد طور العمران والسياحة والعلم والتكنولوجيا، أما في الحرب فإنه يقف عاجزا حتى عن تأمين نفسه وأطفاله وعائلته كلها، وقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رسول أمن وسلام فكان يبعث برسله إلى البلد فإما يسلموا أو القتال.

 

فعندما يسلموا يكف الرسول يده عنهم فقط الإسلام وبعدها كفى الله المؤمنين شر القتال وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أصبح مُعافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا” فهذا كلام سيد الخلق ورسول العالمين الذي أتى فاتحا الأرض لأجل الإيمان، إذ لن يكون هناك سبب أقوى من الإسلام لشن الحروب لكن مع هذا ابتعد عن ذلك قدر الإمكان، فعلى الإنسان أن يحكم عقله في هذه الأمور فلا يكون طائشا مندفعا حتى لا يتحمل دفع ضريبة ربما تصل إلى فقدان عائلته ونفسه، فإن مثل أي حمامة بيضاء تحلق في فضاء سبع سماوات لا تزال النفس البشرية تحلم أن تحلق في عالم لا تكدره الضغائن، ولا تعكر صفوه الحروب.

 

أو يسلب الظلم منه حاجاته الأساسية للعيش الكريم، ومن هنا يشكل السلام معناه الأول بفكرته البسيطة في قلوب البشرية جمعاء، ولا يستثني منها أحدا، بل هو مطلب أول لأي حياة، إذ تتعدد معانيه، وعلى رأسها الصلح أو النجاة الذي تتضمنه الكلمة، ولكن معناه الموازي للأمان يجعل من فقدانه تهديدا لوجود الإنسان على هذه الأرض، ولا يمكن لأي فكرة وجودية مضطربة أن تبني إنسانا فاعلا، وبهذا يمكن القول أن السلام مرادف لفكرة الوجود في معناها الضروري، وقد عملت كثير من الدول لتحقيق هذا المطلب في حياة الشعوب، فأقامت مؤتمرات السلام العالمية، وأنشأت جائزة لمن يساهم بنشره على نطاق واسع وهي جائزة نوبل للسلام، وإن أهمية هذا المطلب.

 

وهو السلام توازي أهمية الوجود الإنساني، إذ لا حياة مع الحرب المناقضة لضرورة بقاء الإنسان، وإن ما تحقق من تطور في جميع المجالات أسهم في صور لا محدودة من إتاحة الغزو التي تمارسه الدول القوية على الدول الضعيفة، فكانت حاجة الإنسان إلى السلام أشد وأقوى من أي زمن مضى، لا سيما أن الدمار والتشريد وسفك الدماء يزيد يوما بعد يوم، فالسلام درب الفرد إلى تحقيق ذاته والاستفادة من قدراته المختلفة، وتفعيل دوره في حياته وإفادته في حياة الآخرين، وبهذا المعنى يصبح السلام نواة لاستمرار وجود البشرية ويجدر القول أن انعدام الأمان في أي مكان سيهدم الاستقرار عند الفرد، ويقضي على مستقبل الطفولة، ويقيض آمال اليافعين.

 

ويحرق طموحات الشباب، فتغدو الحياة أشبه بعملية ميكانيكية لا طائل منها ولا ثمرة وإن كانت تسعى بعض الدول إلى هدم دول أخرى فإن هذا المطلب وهو انعدام الأمان هو أول وسيلة تمكنها من السيطرة على المجتمع وأفراده، إذ تسلبهم القدرة على العيش الذي يرفعون به قدرة بلادهم للتطوير والازدهار، والانطلاق المستمر نحو ما تسعى إليه من تحقيق العيش الكريم، ومن أحد الأسباب التي تجعل السلام في مكانة عالية من الأهمية هو حفاظه على أموال الدول، حيث تستغل الحكومات طاقتها الاقتصادية في نهضة الشعب وتحسين مصيره، بينما في ظل الحرب يُسخر الاقتصاد لإيواء المهجرين، وتأمين الاحتياجات الأساسية للمشردين وذوي القتلى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى