مقال

نفحات إيمانية ومع قيمة إحترام الكبير “الجزء الثالث”

نفحات إيمانية ومع قيمة إحترام الكبير “الجزء الثالث”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع قيمة إحترام الكبير، فقيل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مر بباب قوم وعليه سائل يسأل شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه فقال من أي أهل الكتب أنت؟ قال يهودي قال فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال الحاجة، والسن، قال فأخذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيده، فذهب به إلى بيته، فأعطاه بعض ما عنده، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال انظر هذا وأمثاله، والله ما أنصفناه إذا أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، ويقول تعالى فى سورة التوبة ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين” وهذا من المساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن أمثاله ومن هم في عمره في جميع البلاد الإسلامية، وهذا خالد بن الوليد سيف الله.

 

عندما صالح أهل الحيرة وجاء في صلحه معهم أنه قال وجعلت لهم أيّما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين، فأين منظمات حقوق الإنسان اليوم عن مثل هذه الأحكام وهذه التشريعات؟ ولماذا لا نعود لقيمنا وأخلاقنا ونعلمها لأبنائنا وننشرها للعالم كله؟ ففيها السعادة والراحة والحب والتآلف والتراحم، وإن هذا الاحترام الصادر من المسلمين بعضهم لبعض دليل على الخير في نفوسهم، ودليل على التربية والتنشئة الصالحة التي تربى عليها الأجيال التربية النافعة، وما أحوجنا لهذه التربية النافعة، التي تسود مجالسنا وأماكن تجمعاتنا.

 

أن يكون الصغار يعرفون قدر الكبار، ويجلون الكبار، يقدمونهم مجلسا، ويقدمونهم جلوسا، ويبدؤون بهم، ويستشيرونهم، ويصغون إليهم، ويرونهم التقدير والإجلال، هكذا أدب الإسلام الرفيع، الذي إن تمسكنا به نلنا السعادة في الدنيا والآخرة، وكذلك فإن على الرجل من المسؤوليات الشيء العظيم، فيجب أن يتصف بالصفات الحميدة، ولذلك لما قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم لبني سلمه “من سيدكم؟ قالوا الجد بن قيس، على أنا نبخله، يعني هو مقدمنا لكن عندنا عيب فيه وملاحظة عليه بخل، فقال صلى الله عليه وسلم “وأي داء أدوى من البخل بل سيدكم عمرو بن الجموح” وكان من السابقين وممن دافعوا عن النبي صلى الله عليه وسلم سادات الأوس والخزرج.

 

فهؤلاء كبار السن الذين كان عليهم التركيز في الدعوة إلى الله، والذين عمل النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة، وحتى مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، عندما أرسل إلى المدينة، التركيز على هؤلاء الكبار لأن الكبير كان مقدما، كان مطاعا، فإذا أسلم يرجى إسلام قومه وراءه، ما الذي جعل قوم الطفيل بن عمر الدوسي عندما قال “وجهي من وجوهكم حرام حتى تدخلوا في دين محمد صلى الله عليه وسلم” فدخلوا في دين النبي صلى الله عليه وسلم، وما الذي جعل الزكاة في الشريعة يجوز أن تصرف للمؤلفة قلوبِهم، وهذا من أجل زعماء قبائل الكفار والمشركين لاستمالتهم إلى الإسلام لأنهم إذا أسلموا أسلمت ورائهم القبائل.

 

وأسلم وراءهم الناس من قومهم، ولا يعطى الآحاد من الكفار من الزكاة، فإن هذه المسألة، الكبار وموقعهم شأن عظيم، وإن تقدير هذا الموقع من الكبير نفسه، وممن هو أصغر منه شأن كبير، ولا تنضبط أمور الناس إلا بمثل أداء حق هذه الأدوار، فإن قضية تكريس مكانة كبار السن في المجتمع ليست فقط من أجل الرحمة بهم لضعفهم، أو شيبتهم، وتقدم أسنانهم، لكن من باب أيضا إبراز المكانة الاجتماعية لهذه الطبقة من المجتمع، أنه يجب أن يكون لها مرجعية، يجب أن يكون لها مكانة، يجب أن تتوجه الاستشارات وإتاحة الفرصة لها لممارسة الدور الشرعي المطلوب، ولسنا في كل مشكلة سنحلها بالشرطة، ولا برفع الدعاوى في الجهات الرسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى