مقال

نفحات إيمانية ومع الحقوق والقيم الأخلاقية “الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع الحقوق والقيم الأخلاقية “الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الحقوق والقيم الأخلاقية، ولقد حفظ الله عز وجل للإنسان حق الانتفاع بكل شيء طيب نافع، وخلق من أجله كل شيء في الأرض، وأحل له جميع المعاملات والتصرفات إلا ما كان ضارا به أو بالمجتمع، فأحل جميع المأكولات والمشروبات إلا ما كان ضارا أو مسكرا أو نجسا خبيثا وأحل له جميع الملبوسات إلا ما كان محرما لكونه يزري بالرجل ويحط من رجولته وكرامته كلبسه لباس المرأة أو العكس وهو لبس المرأة ما هو خاص بالرجل، وكذا حرم الله على المسلم أن يتشبه بغير المسلمين فيما هو من خصائصهم في اللباس وغيره لأن الإسلام أراد للمسلم العزة وعدم التبعية ولأن التشبه في الظاهر يورث المحبة في الباطن.

 

وقلة أو عدم إنكار الكفر بالله عز وجل، وقد فرض الله على المسلم حب الله وتوحيد الله وطاعته والمؤمنين بالله المتبعين لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبغض الشرك بالله وجميع الكفر والكافرين، وحرم الله على الرجل لبس الذهب والحرير لأنه حلية النساء، وحرم من المأكولات لحم الخنزير والميتة والدم المسفوح وآكلة الجيف والنجاسات من البهائم والطيور وكل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع لما فيها من الضرر، وحرم من المعاملات ما تقدم ذكره من الربا والميسر وجميع المعاملات التي فيها جهالة وغش ومخاطرة، وكذلك فإن الإساءة إلى الغير ظلم عظيم، وفي رؤية الدين لا شيء أسوأ من ان يعتدي الانسان على حقوق الآخرين.

 

او يسيء اليهم ماديا أو معنويا، فإن الله تعالى قد يغفر للانسان اذا ما قصّر أو أخطأ تجاه خالقه شرط التوحيد، فسبحانه وتعالى القائل “إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء” ولكنه تعالى لا يتساهل ولا يغفر للانسان تقصيره وخطأه تجاه الآخرين، ويصنف الامام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، أنواع الظلم الى ثلاثة اصناف ويعتبر ان ظلم الناس هو الظلم الاخطر بعد الشرك بالله تعالى فيقول “ألا وإن الظلم ثلاثة، فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب، فاما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، وأما الظلم الذي يغفر، فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، واما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا، القصاص هناك شديد”

 

ويقول رضى الله عنه في كلمة آخرى “من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده” وان ايذاء أي انسان بجرح مشاعره أو اهانة كرامته، أو تشويه سمعته، يعتبر ظلما لا يترك، بل يحاسب عليه الانسان يوم القيامة حسابا عسيرا، والاساءة الى الغير قد تكون بكلمة أو تكون بحركة وتصرف معين، فقد ورد أن رجلا ثريا جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يلبس ثيابا انيقة، فجلس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاء رجل فقير ثيابه رثة قديمة، فجلس الى جنب الثري، فقام الثري بحركة لفتت انتباه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قبض ولمّ ثيابه من تحت فخذيه، حتى لا تلامس شيئا من ثياب ذلك الفقير، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “أخفت أن يمسك من فقره شيء؟”

 

قال لا، قال صلى الله عليه وسلم ” فخفت ان يصيبه من غناك شيء؟ قال لا، قال صلى الله عليه وسلم “فخفت ان يوسّخ ثيابك؟” قال لا، قال صلى الله عليه وسلم “فما حملك على ماصنعت؟” فاعترف الرجل الثري بخطئه واعتذر من الفقير باذلا له نصف امواله، لكن الفقير رفض ان يأخذ منه شيئا قائلا اخاف ان يدخلني ما دخلك” فكان سعد بن معاذ صحابيا جليلا مجاهدا في سبيل الله حتى اصيب بجرح خطير في المعركة واستشهد بعد فترة من المعاناة والالم، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم في حقه حين عاده في مرضه قائلا “اللهم ان سعدا قد جاهد في سبيلك، وصدق رسولك، وقضى الذي عليه، فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى