مقال

أبو العريف في زماننا .. بقلم/السيد شحاتة

أبو العريف في زماننا

بقلم/السيد شحاتة

بداية نوضح بأن الحياة هي أكبر مدرسة يتعلم منها الإنسان مهما بلغ من مراحل التعليم والشهادات.

فالعلم ليس له مرحلة ينتهي فيها أو وقت زمني يقول فيه أيا منا لست في حاجة إلى علم آخر فقد وصلت إلى أقصى درجاته.

فإذا كنت ذو شهادة حتى ولو وصلت إلى مرحلة الدكتوراة وادعيت أنك بعالم فأنت أجهل الناس.

وإن من سمة الجهلاء الأساسية هي التكبر والتعالي على العلم والحقائق ومن سماتهم أيضا أنهم يتكلمون أكثر مما يستمعون بل ويؤمنون إيمانا يقينا بأنهم يمتلكون أسس الحقيقة والعلم الكامل المطلق.

ولايمكن لأي منا أن يتعلم وفي نفسه ذرة كبرياء ولا احترام أو تبجيل لمن علمه.

واذا اعتقد من يدعي العلم بأنه اكتفى بما وصل إليه فقد أعلن عن جهالته.

وما قصة نبي الله وكليمه موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم ببعيد وقد ذكرها الله تعالى في سورة الكهف.

حيث خطب كليم الله في جمع من بني إسرائيل حيث سئل سؤال هل هناك من هو أعلم منك ياموسي ؟ فقال لا اعتقاداً منه أنه نبي الله ويأتيه الوحي ليعرف ما لا يعرفه الآخرون.

فأوحي الله إليه بأن هناك من هو أعلم منك يا موسي وكان ذلك هو الخضر عليه السلام.

فادعاء المعرفة أشد خطراً من الجهل ومن يدعي لنفسه أنه أعلم الناس فهو أجهلهم حتى لو كان بالفعل عالما.

فالعالم إذا رأى نفسه أنه أعلم الناس فقد اغتر بلا شك.

وللأسف من الملاحظ في عصرنا المعاصر أنه انتشرت طائفة من الأشخاص يدعون المعرفة والعلم وهم في الأصل لا يعلمون الكثير ممن يدعون معرفته والعلم به وهؤلاء مدعي المعرفة أو كما يقال عليهم أبو العريف.

فهم قد يسببون العديد من المشاكل سواء لأنفسهم أو للمحيطين بهم فقد لا يعرف أبو العريف عما يتكلم أو يعلم عنه القليل مما قد لا يؤهله لذلك بل ويقوم بنشره بما فيه من معلومات خاطئة مغلوطة بين الناس.

فهو لا يعترف بأنه يجهل ويرى نفسه الأفضل والأجدر لا يصدق رأي الآخرين بل ويحاول أن يتصدر المشهد بنفسه.

ويوصف بأنه عنيد ورافض لآراء الآخرون ويتعصب لرأيه ولديه من الغرور ما يكفي.

هو موجود بيننا يبني علاقاته الاجتماعية على دعائم معرفته الزائفة.

هذا الشخص يوجد في كل مكان ولكن في بيئة العمل يعتبر من أخطر الموظفين فقد يسبب أضراراً للجهة التي يعمل بها فيقابل آراء الآخرون بأسلوب الدفاع؛ كي يثبت عدم صحتها ويرفض أي فكرة تتناقض مع توجهاته ودائما يكون الحوار معه غير منتج بل وعقيم لأنه يعتقد أنه معصوم من الخطأ.

الخلاصة يا سادة أن العلم والمعرفة ليس لهما نهاية وسيظل الإنسان منا يتعلم مادامت الحياة مستمرة.

والحياة مليئة بالعديد من النماذج فكم من أناس يحملون درجات علمية كالماجستير والدكتوراة وهم لا يعلمون شيئا خاصة ونحن نعلم بأن تلك الدرجات العلمية ممكن أن تباع بدراهم معدودة.

وكم من أناس لا يحملون أدنى الشهادات ولكنهم يحملون من العلم والخبرة ما يؤهلهم لقيادة العالم.

فالشهادات ليست معيارا للعلم والمعرفة فهناك الملايين من البشر استطاعوا بفضل خبراتهم في الحياة وتصميمهم علي إثبات النجاح وهم لا يحملون شهادة البكالوريا وليست الدكتوراة استطاعوا أن يؤسسوا لعالم كبير في كافة المجالات اسما لهم مازال الجميع يتذكره رغم مرور مئات السنين عليهم بل من وضع وأسس علم الطب أو الفلك أو الهندسة أو الطيران أو الكيمياء أو غيرهم من كافة المجالات لم يحملون شهادة ولم يلتحقوا بمدارس التعليم المختلفة على كافة أنماطها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى