مقال

نفحات إيمانية ومع الصابرة والمحتسبة المكابدة “جزء 2”

نفحات إيمانية ومع الصابرة والمحتسبة المكابدة “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الصابرة والمحتسبة المكابدة، فإنها الصابرة العفيفة الخدومة، لذلك لا تذكر قصة السيده ليا، إلا وكانت مقترنة بقصة نبى الله أيوب عليه السلام، ولا تذكر قصة أيوب عليه السلام إلا وذكرت قصة زوجته الصابرة العابدة المخلصة لزوجها ودينها والتي تعطي لكل زوجة درسا في الإخلاص لزوجها والصبر على تحمل المحن، ويذكر المفسرون قصة حلف نبى الله أيوب عليه السلام أن يجلد زوجته مائة جلدة في تفسير قول الله عز وجل فى سورة ص “وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب” غير أنه لم يرد في بيان سبب حلف نبى الله أيوب عليه السلام.

 

هذا اليمين حديث مرفوع صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله، بأن هذا له قصة أخرى أشارت إليها الآية إجمالا، ولم يرد في تعيينها أثر صحيح، وإنما ورد ذلك في تفسير بعض التابعين، واختلفوا في ذكر السبب، غير أن أكثرهم قالوا، إن زوجة نبى الله أيوب عليه السلام طلبت منه عليه السلام أن يتكلم بكلمة كان إبليس عليه لعنة الله قد طلب من أيوب عليه السلام أن يتكلم بها، وهي كلمة غير شرعية، إما فيها تسخط على أقدار الله عز وجل، أو نسبة الشفاء لغير الله، فأبى أيوب عليه السلام، وحلف إن شفاه الله أن يعاقب زوجته التي استجابت لما وسوس به إبليس اللعين.

 

وقال قتادة رحمه الله، كانت امرأته قد عرضت له بأمر، وأرادها إبليس على شيء، فقال لو تكلمت بكذا وكذا، وإنما حملها عليها الجزع، فحلف نبي الله، لئن الله شفاه ليجلدنها مئة جلدة، قال، فأمر بغصن فيه تسعة وتسعون قضيبا، والأصل تكملة المائة، فضربها ضربة واحدة، فأبرّ نبي الله قسمه، وخفف الله تعالى عن أمَته، والله غفور رحيم، ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله، فى قوله تعالى ” وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث” وذلك أن أيوب عليه السلام كان قد غضب على زوجته، ووجد عليها في أمر فعلته، وقيل إنها باعت ضفيرتها بخبز، فأطعمته إياه، فلامها على ذلك، وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة.

 

وقيل أيضا لغير ذلك من الأسباب، فلما شفاه الله تعالى، وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب، فأفتاه الله عز وجل، أن يأخذ ضغثا، وهو الشمراخ، فيه مائة قضيب، فيضربها به ضربة واحدة، وقد برّت يمينه، وخرج من حنثه، ووفى بنذره، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله تعالى، وأناب إليه، ولهذا قال الله تعالى ” إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب” وقد أثنى الله تعالى عليه ومدحه بأنه ” نعم العبد إنه أواب” أي أنه رجّاع منيب، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى فى سورة الطلاق ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب”

 

وقد استدل كثير من الفقهاء بهذه الآية الكريمة على مسائل في الأيمان وغيرها، وأخذوها بمقتضاها، ومنعت طائفة أخرى من الفقهاء من ذلك، وقالوا، لم يثبت أن الكفارة كانت مشروعة في شرع نبى الله أيوب عليه السلام، فلذلك رخص له في ذلك، وقد أغنى الله تعالى، هذه الأمة بالكفارة، وأما عن السيده رحمه أو ليا بنت إفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وأبوها إفرايم بن يوسف هو الابن الثاني للنبي يوسف عليه السلام، من زوجته أسينات بنت كابوسيس، وله أخ أكبر منه اسمه مانيسا، وهو جد النبي يوشع بن نون، عليه السلام، والسيده ليا، هى زوجة نبى الله أيوب، وهى امرأة خلدها التاريخ في صبرها، وقد أخلصت لزوجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى