مقال

نفحات إيمانية ومع الزواج وتنظيم النسل ” جزء 10

نفحات إيمانية ومع الزواج وتنظيم النسل ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع الزواج وتنظيم الأسرة، وإن النفس بطبعها ملول، وهي عن الحق نفور لأنه على خلاف طبعها، فلو كُلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها جمحت وثابت، وإذا رُحت باللذات في بعض الأوقات قويت ونشطت، وفي الاستئناس بالنساء من الاستراحة، ما يزيل الكرب، ويروح القلب، وإن النكاح بقصد تفريغ القلب عن مشاغل تدبير المنزل، والتكلف بشغل الطبخ، والكنس، وتنظيف الأواني ونحو ذلك من الأعمال المنزلية، والمرأة الصالحة لزوجها المصلحة لبيتها عون على الدين، ومتاع في الدنيا كما قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحه ” وإن النكاح بقصد مجاهدة النفس.

 

ورياضتها بالرعاية والقيام بحقوق الزوجة، والصبر على أخلاق النساء، واحتمال الأذى منهن، والسعي في إصلاحهن وإرشادهن، والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن، وقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” الرجل راع فى أهله وهو مسئول عن رعيته” وقال صلى الله عليه وسلم ” استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شئ فى الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء” والمعنى هنا هو أوصيكم بهن خيرا، فاقبلوا وصيتي فيهن، فإنهن خُلقن من ضلع، واستعير الضلع للعوج أي إنهن خُلقن خلقا فيه اعوجاج، فكأنهن خلقن من أصل مُعوج فلا يتهيأ الانتفاع بهن إلا بمداراتهن، والصبر على اعوجاجهن.

 

وأما عن تحريم قطع النسل وقتل الولد، فقد حرمت الشريعة الإسلامية قطع النسل، والتبتل، والاختصاء وغيرها من طرق قطع النسل، ومن أدلة ذلك ما جاء عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه، قال ” رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل” ولو أذن له لأختصينا” كما حرمت الشريعة الإسلامية الاعتداء على النسل في مراحله المختلفة، بدءا بمرحلة الجنين وحتى يمكنه الدفاع عن نفسه وإدراك ما يضره وما ينفعه، ومن أدلة ذلك قول الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الإسراء ” ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا ” إذ أن مقصد حفظ النسل يناط به عمارة الأرض، وبناء الحضارة.

 

وقيام النهضة، ومن ثَم فيجب رعاية هذا النسل والحفاظ عليه، وتعهده بما يحقّق مصلحته من توفير مطالبه الأساسية من المأكل والملبس والمشرب وتوفير الرعاية الصحية اللازمة له، ومن أدلة ذلك قول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم” كفى بالمرء إثما أن يضيع من يفوت ” وكذلك تعليمه وتأديبه ليكون عضوا نافعا لأمته، ومن أدلة ذلك هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الرجل راع فى أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأه راعيه فى بيت زوجها ومسئوله عن رعيتها” وكما يجب أيضا المحافظة على النسل بدفع المفاسد، فإن كل شرع حكيم إذا فتح بابا لجلب مصلحة، لا بد له من أن يسد بقية الأبواب التي تعارض هذا الباب، وقد مضى في الوسيلة الأولى.

 

وهو مشروعية النكاح الذي جعله الله تعالى وسيلة لإنجاب النسل، ووسيلة صالحة لرعايته، والقيام بتربيته تربية صالحة، فكان لا بد من قفل جميع الاتجاهات التي تناقضه أو تعارضه، لذا حرم الله تعالى الزنا تحريما مؤبدا مع وصفه بأنه أسوأ سبيل لأنه يعارض السبيل المستقيم، وأوعد فاعليه بالعقاب الأليم في الآخرة، وشرع له أشد الزواجر بالرجم أو الجلد مائة جلدة، وقال ابن القيم رحمه الله ” ولما كان الزنا من أمهات الجرائم وكبائر المعاصى، لما فيه اختلاط الأنساب الذى يبطل معه التعارف والتناصر على إحياء الدين وفى هذا هلاك الحرث والنسل، فشاكل فى معانيه أو أكثرها القتل، الذى فيه هلاك ذلك، فزجر عنه بالقصاص ليرتدع عن مثل فعله من يهم به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى