مقال

نفحات إيمانية ومع الرّجّال بن عنفوة ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع الرّجّال بن عنفوة ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الرّجّال بن عنفوة، ولما رأى الرَّجَّال ما فيه مسيلمة من النعيم وكان من فقراء العرب، ضعُف ونسي إيمانه وصلاته وصيامه وزهده، وخرج إلى الناس الذين كانوا يعرفون أنه من رفقاء النبي صلى الله عليه وسلم، فشهد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول إنه قد أشرك معه مسيلمة بن حبيب في الأمر، فكانت فتنة الرَّجَّال أشد من فتنة مسيلمة الكذاب، وقد ضل خلق كثير بسببه، واتبعوا مُسيلمة، حتى تعدى جيشه أربعين ألفا، فجهّز أبوبكر الصديق جيشا لحرب مسيلمة فهُزم في بادئ الأمر، فأرسل مددا، وجعل على رأسه سيف الله خالد بن الوليد، وكان من ضمن الجيش هو وحشي بن حرب.

 

الذي قتل أسد الله وسيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ثم أسلم و ذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما ذهب في جيش خالد قرر أن يترصد مُسيلمة فيقتل شر خلق الله، وذلك تكفيرا عن قتل حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، و بدأت معركة وكان لم يعرف العرب مثلها، وكان يوما شديد الهول، وانكشف المسلمون في البداية مع كثرة عدوهم وكثرة عتاده، ولولا ثبات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل القرآن الذين نادوا في الناس ، فعادوا إليهم وحملوا على جيش مسيلمة حتى زحزحوه و تتبع وحشي بن حرب، مُسيلمةَ الكذاب حتى قتله بحصن قد تحصّن فيه، وانهزم بنو حنيفة، وقتل الرَّجَّال بن عنفوة.

 

مع مَن قتل من أتباع مُسيلمة، فمات على الكفر مذموما مخذولا، ولما علم أبوهريرة خر ساجدا شكرا لله، بعد أن أدرك أخيرا أنه قد نجا، وهكذا فإن الرَّجَّال بن عنفوة قد رافق النبي صلى الله عليه وسلم، ولزم العبادة والقرآن والزهد، ولكنه خُتم له بشرّ، فضلَّ وأضل، ومات على الكفر، وكان وحشي بن حرب هو الذى قتل حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن هداه الله فختم له بخير وصار من خيرة المجاهدين، فكان وحشي بن حرب الذي قتل أسد الله وسيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ثم أسلم و ذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان كلما رآه تذكر مافعله بعمه حمزة أسد الله فيتألم، فقرر وحشي أن يترك المدينة.

 

ويسيح في الأرض مجاهدا في سبيل حتى يكفر عن ذنبه الكبير ولما ذهب في جيش خالد قرر أن يترصد مسيلمة فيقتل شر خلق الله، تكفيرا عن قتل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مرت المقدمة في الليل بنحو من أربعين، وقيل : ستين فارسا، عليهم مجاعة بن مرارة ، وكان قد ذهب لأخذ ثأر له في بني تميم وبني عامر وهو راجع إلى قومه، فأخذوهم فلما جيء بهم إلى خالد بن الوليد، سألهم عن خبرهم فاعتذروا إليه فلم يصدقهم، وأمر بضرب أعناقهم كلهم سوى مجاعة فإنه استبقاه مقيدا عنده لعلمه بالحرب والمكيدة، وكان سيدا في بني حنيفة شريفا مطاعا ويقال إن خالدا لما عرضوا عليه قال لهم ماذا تقولون يا بني حنيفة ؟ قالوا نقول منا نبي ومنكم نبي.

 

فقتلهم إلا واحدا اسمه سارية، فقال له أيها الرجل، إن كنت تريد غدا بعدول هؤلاء خيرا أو شرا فاستبق هذا الرجل، يعني مجاعة بن مرارة، فاستبقاه خالد مقيدا، وجعله في الخيمة مع امرأته، وقال استوصي به خيرا، فلما تواجه الجيشان قال مسيلمة لقومه اليوم يوم الغيرة، اليوم إن هزمتم تستردف النساء سبيات، وينكحن غير حظيات، فقاتلوا عن أحسابكم وامنعوا نساءكم، وتقدم المسلمون حتى نزل بهم خالد على كثيب يشرف على اليمامة فضرب به عسكره، وراية المهاجرين مع سالم مولى أبي حذيفة، وراية الأنصار مع ثابت بن قيس بن شماس، والعرب على راياتها، ومجاعة بن مرارة مقيد في الخيمة مع أم تميم امرأة خالد، فاصطدم المسلمون والكفار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى