الطقسمقال

نفحات إيمانية ومع سراف بن صُبح الأَزدي ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع سراف بن صُبح الأَزدي ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع سراف بن صُبح الأَزدي، وكان بليغا حكيما فى آرائه له كلمات لطيفة وإشارات مليحة تدل على مكارمه، ومن ذلك حين حضرته الوفاة، دعا إليه ابنه حبيب ومن حضره من ولده، ودعا بسهام فحزمت ثم قال أفترونكم كاسريها مجتمعة؟ قالوا لا، قال فهكذا الجماعة، فأوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم، فإن صلة الرحم تنسئ فى الأجل وتثرى المال وتكثر العدد، وأنهاكم عن القطيعة فإن القطيعة تعقب النار وتورث الذلة والقلة، فتحابوا وأجمعوا أمركم ولا تختلفوا وتباروا تجتمع أموركم، وكانت الحكمة تجرى علي لسانه، كيف لا وهم الجيل الذى شاهد صحابة رسول الله رضى الله عنهم أجمعين، ومن كلماته قوله”عجبت لمن يشترى العبيد بماله، ولا يشترى الأحرار بأفضاله”

 

وقال الحياة خير من الموت، والثناء خير من الحياة، ولو أعطيت ما لم يعطه أحد لأحببت أن تكون لى أذن أسمع بها ما يقال فى غدا إذا مت، وقد أثني عليه الصحابة رضوان الله عليهم، لما وجدوا فيه من كريم الخلال، فقد قال عبد الله بن الزبير عن المهلب “هذا سيد أهل العراق” وقال عنه قطرى بن الفجاءة، المهلب من عرفتموه إن أخذتم بطرف ثوب أخذ بطرفه الآخر، يمده إذا أرسلتموه ويرسله إذا مددتموه ولا يبدؤكم إلا أن تبدؤوه لا أن يرى فرصة فينتهزها فهو الليث المبر والثعلب الرواغ والبلاء المقيم، وقال عنه أبو إسحاق السبيعى، لم أرى أميرا أيمن نقيبة ولا أشجع لقاء ولا أبعد مما يكره ولا أقرب مما يحب من المهلب، وقد أنشد فيه المغيرة بن حبناء، فقال أمسى العباد لعمرى لاغياث لهم.

 

إلا المهلب بعد الله والمطر، هذا يجود ويحمى عن ديارهم، وذا يعيش به الأنعام والشجر، وقد عزل الحجاج أمية بن عبد الله عن خراسان واستعمل عليها المهلب بن أبى صفرة، وقد مات المهلب بها سنة اثنتين وثمانين وكانت ولايته عليها سنة سبع وسبعين، وقد اشتهرت أسرة المهلب بشجاعة فائقة، وأصبحت هذه الصفة ملازمة لهم، فإذا ذكرت الشجاعة وردت أسماء هذه الأسرة إلى جانبها، فكان المهلب مثلا أعلى لأبنائه، فقد استطاع أن يقارع الخوارج الأزارفة سنوات طوالا، وسار على هذا المنوال أبناؤه من بعده من أشهر ما قاله المهلب بن أبي صفرة، وصايته لابنه يزيد من بعده يا بنى، استعقل الحاجب، واستظرف الكاتب، فإن حاجب الرجل وجهه وكاتبه لسانه، وهو المهلب بن أبي صفيرة العتكى.

 

ويقال الأزدى، وكنيته أبا سعيد، ولد العام الثامن من الهجرة ويعود نسب المهلب بن أبى صفيرة إلى قبيلة الأزد اليمانية، واختلفت الأقوال في اسم ابيه، فيقال ظالم بن سارق، وقيل ظالم بن سارف، وقيل قاطع بن سارق بن ظالم، وقيل غالب بن سارق، واختلفت الأقوال في صحبة والده للنبى صلى الله عليه وسلم فروى أنه أسلم فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغير اسمه من ظالم، إلى أبا صفرة ، وروى أنه وقومه ممن ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فهزموا في حرب الردة، ووقعوا في الأسر ولما عفا عنهم أبى بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم انطلقوا إلى أي البلاد شئتم، فأنتم قوم أحرار، فخرجوا فنزلوا بالبصرة.

 

وروى أيضا أنه كان أبو صفرة مسلما على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفد عليه، وإنما قدم هو وأبوه المدينة في زمن عمر بن الخطاب، فلما وفد أبو صفرة على عُمر بن الخطاب في عشرة من ولده ، أصغرهم المهلب، قال له عمر هذا سيد ولدك، وتمتع المهلب بن أبي صفرة منذ صباه ونعومة أظافره، بكثير من الصفات الحميدة، والتي لا تتوفر في كثير من الرجال، فكان يتمتع بالشجاعة والقدرة على القتال، وكان له من الإدارة ما يجعله يخوض المعارك بكفاءة منقطعة النظير، وله من الكرم والحلم مواقف كثيرة، وكان بليغا حكيما في آرائه، وقد شارك المهلب بن أبى صفرة في أولى معاركه، مع والده ضمن جيش عبدالرحمن بن سمرة على مدينة سجستان في سنة، اثنين وأربعين من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى