مقال

نفحات إيمانية ومع عبد الرحمن بن الأشعث الكندي “جزء 6”

نفحات إيمانية ومع عبد الرحمن بن الأشعث الكندي “جزء 6”

بقلم/ محمــــد الدكــــــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع عبد الرحمن بن الأشعث الكندي، وجاء الحجاج حتى نزل البصرة، وبلغ المهلب خبر ابن الأشعث، وكتب إليه يدعوه إلى ذلك فأبى عليه، وبعث بكتابه إلى الحجاج، وكتب المهلب إلى ابن الأشعث يقول له إنك يا ابن الأشعث قد وضعت رجلك في ركاب طويل، أبق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، الله الله، انظر لنفسك فلا تهلكها، ودماء المسلمين فلا تسفكها، والجماعة فلا تفرقها، والبيعة فلا تنكثها، فإن قلت أخاف الناس على نفسي، فالله أحق أن تخافه من الناس، فلا تعرضها لله في سفك الدماء، أو استحلال محرم، والسلام عليك، وكتب المهلب إلى الحجاج، أما بعد، فإن أهل العراق قد أقبلوا إليك مثل السيل المنحدر من عل.

 

ليس شيء يرده حتى ينتهي إلى قراره، وإن لأهل العراق شرة في أول مخرجهم وصبابة إلى أبنائهم ونسائهم، فليس شيء يردهم حتى يصلوا إلى أهليهم، ويشموا أولادهم، ثم واقعهم عندها، فإن الله ناصرك عليهم إن شاء الله، فلما قرأ الحجاج كتابه قال فعل الله به وفعل، فقال لا والله ما لي نظر، ولكن لابن عمه نصح، ولما وقع كتاب الحجاج إلى عبد الملك هاله ذلك، ثم نزل عن سريره ، وبعث إلى خالد بن يزيد بن معاوية، فأقرأه كتاب الحجاج، فقال يا أمير المؤمنين، إن كان هذا الحدث من قبل خراسان فخفه، وإن كان من قبل سجستان فلا تخفه، ثم أخذ عبد الملك في تجهيز الجنود من الشام إلى العراق في نصرة الحجاج، وتجهيز الحجاج للخروج إلى ابن الأشعث.

 

وعصى رأي المهلب فيما أشار به عليه، وكان فيه النصح والصدق، وجعلت كتب الحجاج لا تنقطع عن عبد الملك بخبر ابن الأشعث صباحا ومساء، أين نزل ؟ ومن أين ارتحل ؟ وأي الناس إليه أسرع ؟ وجعل الناس يلتفون على ابن الأشعث من كل جانب، حتى قيل إنه سار معه ثلاثة وثلاثون ألف فارس، ومائة وعشرون ألف راجل، وخرج الحجاج في جنود الشام من البصرة نحو ابن الأشعث، فنزل تستر، وقدم بين يديه مطهر بن حي العكي أميرا على المقدمة، ومعه عبد الله بن زميت أميرا آخر، فانتهوا إلى دجيل، فإذا مقدمة ابن الأشعث في ثلاثمائة فارس عليها عبد الله بن أبان الحارثي، فالتقوا في يوم الأضحى عند نهر دجيل.

 

فهزمت مقدمة الحجاج ، وقتل أصحاب ابن الأشعث منهم خلقا كثيرا، نحو ألف وخمسمائة، واحتازوا ما في معسكرهم من خيول وقماش وأموال، وجاء الخبر إلى الحجاج بهزيمة أصحابه فأخذه ما دب ودرج ، وقد كان قائما يخطب، فقال أيها الناس، ارجعوا إلى البصرة، فإنه أرفق بالجند، فرجع بالناس، واتبعتهم خيول ابن الأشعث لا يدركون منهم شاذا إلا قتلوه، ولا فاذا إلا أهلكوه، ومضى الحجاج هاربا لا يلوي على شيء، حتى أتى الزاوية، فعسكر عندها، وجعل يقول لله در المهلب، أي صاحب حرب هو ؟ قد أشار علينا بالرأي، ولكنا لم نقبل، وأنفق الحجاج على جيشه وهو بهذا المكان مائة وخمسين ألف ألف درهم.

 

وخندق حول جيشه خندقا، وجاء أهل العراق فدخلوا البصرة، واجتمعوا بأهاليهم وشموا أولادهم، ودخل ابن الأشعث البصرة، فخطب الناس بها، وبايعهم وبايعوه على خلع عبد الملك ونائبه الحجاج بن يوسف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى