مقال

نفحات إيمانية ومع التقوي مفاتيح الفرج ” جزء 8″

نفحات إيمانية ومع التقوي مفاتيح الفرج ” جزء 8″

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع التقوي مفاتيح الفرج، إن الذي يظهر أن التراحم والتواد والتعاطف وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف، فأما التراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شي ء آخر، وأما التواد فالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادى، وأما التعاطف فالمراد به إعانة بعضهم بعضا، كما يعطف الثوب عليه ليقويه” وقد نعت الله تعالى الصحابة رضي الله عنهم بهذا الخلق فقال فى سورة الفتح ” محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ” وإن من أجلّ نعم الله أن يجعلك من المرحومين، فقال تعالى فى سورة آل عمران ” لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون”

 

وممن ينال رحمة الله تعالى الذين امتلأت قلوبهم بالرحمة للناس، فقد ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم” رواه أحمد، والجزاء من جنس العمل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من فى السماء” رواه أبو داود والترمذى، ومن لا يرحم لا يرحم وإن الذي خلا قلبه من الرحمة والشفقة شقي بعيد عن الله تعالى، واسمع إلى نبيك صلى الله عليه وسلم وهو يقول فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه “لا تنزع الرحمة إلا من شقي” رواه أبو داود، وكيف لا يكون شقيا وقد حُرم رحمة الله؟ فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يرحم الله من لا يرحم الناس” رواه البخاري ومسلم، والغليظ القاسي الذي لا تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلا دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة يمشي في الناس، فقال تعالى فى سورة الأنبياء ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تأويلها “من آمن بالله واليوم الآخر كتب له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله، عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف” فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة بالمؤمنين والكافرين، فصدق القائل وإذا رحمت فأنت أم أو أب، هذان في الدنيا هما الرحماء، ودعا صلى الله عليه وسلم مرة أبا بكر.

 

فاستعذره من عائشة، فبينما هما عنده قالت إنك لتقول إنك لنبي فقام إليها أبو بكر فضرب خدها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” مه يا أبا بكر، ما لهذا دعوناك” وإن الزوجة من أولى الناس بالمعاملة الكريمة، قال صلى الله عليه وسلم ” خيركم خيركم لأهله” رواه الترمذي، وأيما علاقة زوجية لا تقوم على المودة والرحمة فلا خير في بقائها، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل ومعه صبي، فجعل يضمه إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أترحمه؟” قال نعم، قال ” فالله أرحم بك منك به، وهو أرحم الراحمين” وقيل عزّى أعرابي خليفة في وفاة ابنته الصغيرة فقال “يا أمير المؤمنين، رحمة الله خير لها منك، وثواب الله خير لك منها”

 

إن بيوتنا لابد أن تسودها الرحمة، ويملؤها الرفق لنهنأ بها، ونسعد فيها، والبيت الذي يعلو فيها الصراخ، ويُسمع فيه السب والشتم واللعن، وتكثر فيه الخلافات بين الزوجين، ويضرب فيه الأطفال لأتفه الأسباب، هذا بيت لا يطاق فيه عيش، ولا يطيب به مكث، وقد ارتحلت البركة منه، وما أجملَ حديث نبينا صلى الله عليه وسلم ” إذا أراد الله عز وجل بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق” رواه أحمد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا” رواه الترمذى، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه، فقال “أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلن قلبك، وتدرك حاجتك” رواه الطبراني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى