مقال

نفحات إيمانية ومع يوشع بن نون عليه السلام ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع يوشع بن نون عليه السلام ” جزء 1″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

إن اسم نبى إذا ذكر أختلف الجميع على استقباله، المتدينون سوف يتبعون ذكر اسمه بجملة عليه السلام، أما المهتمون بقصص التراث الإنسانى أكثر فسوف يأتى على أذهانهم القتلة والسفاحين وقاتلى الأبرياء، ويتصورن أنه الأب الروحى لهولاء القتلة، وقد ذكر الرازي رحمه الله تعالى، بإتفاق جميع المفسرين على أن إسرائيل هو نبى الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا الصلاة والسلام، ويقولون إن معنى إسرائيل عبد الله لأن إسرا، في لغتهم هو العبد وإيل، هو الله، وكذلك جبريل وهو عبد الله، وميكائيل عبد الله، وقال القفال قيل إن إسرا بالعبرانية في معنى إنسان فكأنه قيل رجل الله، وذكر فيه ابن كثير رحمه الله تعالى حديثا مسندا فقال فإسرائيل هو يعقوب بدليل ما رواه أبو داود الطيالسي حدثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال.

 

حدثني عبد الله بن عباس قال حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم “هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب؟” قالوا اللهم نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” اللهم اشهد” وقال الطبري رحمه الله تعالى وكان نبى الله يعقوب يدعى إسرائيل بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه وإيل هو الله، وإسرا هو العبد، كما قيل أن جبريل، بمعنى عبد الله، ثم أسند إلى ابن عباس رضي الله عنهما قوله إن إسرائيل كقولك عبد الله، وعن ابن الجوزي قوله وليس في الأنبياء من له اسمان غيره إلا نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإن له أسماء كثيرة ذكره في كتاب فهوم الآثار له، ثم قال القرطبي، قلت وقد قيل في المسيح عليه السلام إنه اسم علم لعيسى عليه السلام غير مشتق، وقد سماه الله روحا، وكلمة، وكانوا يسمونه أبيل الأبيلين.

 

وقد ذكره الجوهري في الصحاح، وذكر البيهقي في دلائل النبوة عن الخليل بن أحمد خمسة من الأنبياء ذوو أسمين محمد وأحمد نبينا صلى الله عليه وسلم، وعيسى والمسيح، وإسرائيل ويعقوب، ويونس وذو النون، وإلياس وذو الكفل صلى الله عليهم وسلم، وقال السهيلي أنه سمي إسرائيل لأنه أسرى ذات ليلة حين هاجر إلى الله تعالى فسمى إسرائيل أي أسرى إلى الله ونحو هذا فيكون بعض الأسم عبرانيا وبعضه موافقا للعرب، ولقد شرع الله عز وجل الجهاد والقتال في سبيله لمقاصد عظيمة، وغايات نبيلة، منها إعزاز الدين وتعبيد الناس لله رب العالمين، وإزالة الحواجز والقيود التي تحول بين الناس وبين الدعوة وقيام الحجة، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، والجهاد عبادة كغيرها من العبادات فهى تحتاج لكي تؤتي أكلها.

 

ويجني العبد ثمارها ألا يقدم عليها إلا وهو في حالة من التهيؤ النفسي والتفرغ القلبي من الشواغل والملهيات التي تحول بينه وبين أداء هذه العبادة وتحقيق مقاصدها على الوجه الأكمل، وقد قص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، علينا قصة نبي من أنبياء بني إسرائيل خرج للجهاد والغزو وذلك في الحديث الذي أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو أنه في يوم من الأيام خرج هذا النبي غازيا لفتح إحدى القرى، وقبل خروجه حرص على أن لا يتبعه في غزوته تلك إلا من تفرغ من جميع الشواغل، والارتباطات الدنيوية التي من شأنها أن تقلق البال وتكدر الخاطر، وتعيق عن الجهاد والتضحية في سبيل الله، فاستثنى من جيشه ثلاثة أصناف من الناس، الأول رجل عقد نكاحه على امرأة ولم يدخل بها، والثاني رجل مشغول ببناء لم يكمله.

 

والثالث رجل اشترى غنما أو نوقا حوامل وهو ينتظر ولادها، فإن الذي انشغل بهذه الأمور وتعلق قلبه بها لن يكون عنده استعداد لأن يثبت في أرض المعركة ويتحمل تبعات القتال، بل ربما كان سببا للفشل والهزيمة، ولما خرج متوجها نحو القرية، دنا منها وقت صلاة العصر أو قريبا منه، وكان الوقت المتبقي إلى الغروب لا يتسع للقتال، فقد يدخل عليه الليل قبل أن ينهي مهمته، واليوم يوم جمعة، وبدخول الليل يحرم القتال على بني إسرائيل الذين حرم عليهم الاعتداء في السبت، وعندها توجه هذا النبى الكريم إلى الشمس مخاطبا لها بقوله إنك مأمورة وأنا مأمور، ثم دعا الله عز وجل أن يحبسها عليهم ، فأخر الله غروبها وحبسها حتى تم له ما أراد وفتح الله عليه، وقد كانت الغنائم محرمة على الأمم قبلنا، فكانت تجمع كلها في نهاية المعركة في مكان واحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى