مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول في غزوة نجد “جزء 3”

نفحات إيمانية ومع الرسول في غزوة نجد “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الرسول في غزوة نجد، وقيل أن نجد المشهورة هي الأرض المرتفعة الفاصلة بين اليمن وتهامة وبين العراق والشام، وتعتبر نجد منطقة معزولة نسبيا، فالكثبان الرملية تحيط بها من ثلاث جوانب ويفصل بينها وبين الحجاز سلسلة من الجبال، في السابق، وكان القادم من العراق أو البحرين يضطر للمرور عبر نجد ولكن من القرن الثالث عشر الميلادي، وقد أصبح بإمكان الحجيج والقوافل الالتفاف حول نجد بسهولة ومحاذاة البحر الأحمر نحو مكة أو جدة وهو ماساهم في زيادة عزلة المنطقة أكثر، لذلك فإن سرد تاريخ نجد المظلم ليس بالأمر السهل حتى القرن الثامن عشر الميلادي، وفي القرن السادس عشر بسطت الدولة العثمانية سلطتها على الحجاز.

 

وكان وجودها في تلك البلاد امتدادا لسلطتها على مصر، وامتد نفوذها ليشمل الأجزاء الشرقية من شبه الجزيرة العربية وأسسوا لهم إيالة في الإحساء، وإن نجد لم تخضع لسلطة العثمانيين وظهرت إمارات حضرية صغيرة متعددة مكتفية ذاتيا تعتمد على الزراعة وأبقت القبائل النجدية على إستقلالها التام، وفي القرن السابع عشر الميلادي كانت القبائل المنتشرة في نجد قبائل بني لام وسبيع والسهول وعنزة وعائذ، وفي فترة ما من القرن السابع عشر الميلادي ارتحلت قبائل الدواسر من بادية اليمن في مأرب لعقيق بني عقيل وسمي الوادي باسمهم بعد ذلك وادي الدواسر، وسرعان مالفتوا أنظار الإمارات المحلية الصغيرة لإن الدواسر كانوا يكثرون غزو القبائل البدوية قرب الإحساء.

 

ويعتدون على القوافل وتحالفوا مع قبيلة قحطان لاحقا ولم تنجح أي من القبائل أو الإمارات من الوصول لمناطقهم وأجبروا آل صباح وآل خليفة على ترك نجد والهجرة إلى سواحل الخليج العربي، ثم ارتحلت أعداد كبيرة من قبائل عتيبة وقبيلة قحطان وحرب ومطير وسبيع والدواسر وبني رشيد لأجزاء من نجد وأستقرت بها، وهكذا كان وضع نجد حتى القرن الثامن عشر، وهى إمارات حضرية صغيرة وقبائل بدوية كبيرة متحاربة لم يكن الدين أول اهتماماتها، بل كانوا يحالفون أي إمارة مهما كان مذهبها لإبقاء إستقلاليتهم، وأيضا يسمون غزوة نجد، بغزوة ذات الرقاع، وغزوة ذات الرقاع هي غزوة قام بها النبي صلى الله عليه وسلم، في السنة الرابعة للهجرة ضد بني ثعلبة.

 

وبني محارب من غطفان بعد أن بلغه انهم يعدون العدة لغزو المدينة فخرج إليهم في أربعمائة من المسلمين، وقيل في سبعمائة، واستخلف على المدينة أبو ذر الغفاري، وإن عامة أهل المغازي يذكرون هذه الغزوة في السنة الرابعة من الهجرة، ولكن حضور أبي موسي الأشعري وأبي هريرة رضي الله عنهما في هذه الغزوة يدل على وقوعها بعد غزوة خيبر، والأغلب أنها وقعت في شهر ربيع الأول فى السنة السابعة من الهجرة، وقد دخل النبى صلى الله عليه وسلم، بجيشه من المدينة ، واتضحت منذ البداية الصعوبات التي تنتظرهم، فهناك نقص شديد في عدد الرواحل، حتى إن الستة والسبعة من الرجال كانوا يتوالون على ركوب البعير، ومما زاد الأمر سوءا، هو وعورة الأرض وكثرة أحجارها الحادة.

 

التي أثرت على أقدامهم حتى تمزقت خفافهم، وسقطت أظفارهم، فقاموا بلف الخرق والجلود على الأرجل، ومن هنا جاءت تسمية هذه الغزوة بهذا الاسم، ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال ” وكنا نلفّ على أرجلنا الخرق ، فسُمِيت غزوة ذات الرقاع ” و قال ابن هشام “وإنما قيل لها غزوة ذات الرقاع ، لأنهم رقعوا فيها راياتهم ويقال أن ذات الرقاع، هى شجرة بذلك الموضع يقال لها ذات الرقاع ” وقد سار النبي صلى الله عليه وسلم، متوغلا في بلادهم حتى وصل إلى موضع يقال له نخل، ولقي جمعا من غطفان، إلا أنه صلى بالصحابة صلاة الخوف لأول مرة في الإسلام، فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال”خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذات الرقاع من نخل، فلقي جمعا من غطفان، فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الخوف” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى