مقال

الرسول في غزوة العشيرة “جزء 3”

الرسول في غزوة العشيرة “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الرسول في غزوة العشيرة، وقبيلة مدلج المدالجة هى تنسب إلى مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهو أحد القبائل العربية وتشتهر هذه القبيلة بالقيافة، وبني مدلج بطن من كنانة قليل العدد، وهم مستقرون في العشيرة، ويعملون في الزراعة، وخاصة زراعة النخيل، ويسكن بجوارهم بنو ضمرة، وبينهما حلف، وتقع منازلهم غرب المدينة المنورة بقرب الساحل، وكانت أهداف غزوة العشيرة هو الوصول إلى قافلة قريش واعتراض طريقها والظفر بها، وذلك لاسترداد جزء من أموال المسلمين التي استولى عليها كفار قريش عندما ترك المهاجرون مكة، وكان هذا هو الهدف المباشر من الغزوة.

 

أما الهدف غير المباشر فكان لتخويف قريش وإربكاها وإدخال القلق إلى نفوس كفار قريش ليعلموا أن المسلمين أصبحوا يُشكلون قوة في المدينة المنورة، كما كان الهدف من غزوة العشيرة أيضا هو أن تكون ممهدة لغزوات أخرى أكبر في المستقبل، وهذا ما حدث تماما، إذ حدثت على إثرها غزوة بدر الكبرى في العام نفسه، والتي قامت على نفس القافلة أيضا، ولكن في طريقة عودتها من الشام إلى مكة، وقد وقعت غزوة العشيرة في منطقة العشيرة، وهي منطقة موجودة قرب ينبع حاليا، وتبعد مسافة اثنين كيلو مترا عن قرية المبارك باتجاه الشرق، وكان ذلك في أواخر شهر جمادى الأولى وأوائل جمادى الآخرة من العام الثاني للهجرة، إذ ان الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

وصل إلى موقع ذي العشيرة في أواخر جمادى الأولى وأقام فيه عدة أيام من جمادى الآخرة قبل أن يعود إلى المدينة ومن معه من صحابته الكرام، وخرج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بنفسه في هذه الغزوة، وكان قائدا للمسلمين، وكان معه مائة وخمسين مهاجرا، يركبون ثلاثين بعيرا، وكان حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، هو حامل لواء المسلمين، وقد كان الخروج في هذه الغزوة اختياريا، من شاء منهم خرج ومن شاء بقي، ولم يُكره الرسول صلى الله عليه وسلم، أحدا من المسلمين على الخروج في هذه الغزوة، وأما قوات قريش فكانت قافلة متوجهة إلى الشام بعيرها ورجالها بقيادة أبي سفيان، بالإضافة إلى بعض الحلفاء وهم بني مدلج وبني النضير.

 

الذين كانوا حلفاء لقريش، وعندما بلغ المسلمون موقع ذي العشيرة وجدوا أن العير قد فاتتهم وسبقتهم بأيام ولم يجدوها، فعاد الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، وخرج مرة ثانية في طلب القافلة في رحلة عودتها من الشام، ونجت القافلة مرة أخرى، واستطاع أبو سفيان تغيير مسارها، فكان هذا سببا مباشرا لخوض غزوة بدر الكبرى، ولم تحدث أي مواجهة بين المسلمين وكفار قريش في هذه الغزوة، وعند وصول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى موقع ذي العشيرة، وقد علم أبو سفيان أن المسلمين قد خرجوا لمواجهتهم، فغيّر مسير القافلة وسلك طريقا آخر غير الطريق المعتاد، ووصلت القافلة إلى مكة سالمة، وحافظ عليها، ولم يستطع المسلمون الظفر بالقافلة وإدراكها.

 

وقد بقي الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في موقع ذي العشيرة عدة أيام هو ومن معه من المسلمين، ثم عادوا إلى المدينة، وقد نتجت عن غزوة العشيرة عدة نتائج مهمة، وأهمها هو عقد معاهدة مع بني مدلج وحلفائهم من بني النضير، وأصبحوا في صف المسلمين وتخلوا عن حلفهم مع كفار قريش، كما استطاع المسلمون إدخال الخوف إلى نفوس كفار قريش وإيصال رسالة لهم بأن الدعوة الإسلامية ورسالة الإسلام باقية، كما بدأت القبائل العربية بالتحالف مع المسلمين، مما زاد في إضعاف معنويات قريش وإرباكهم، وهذا سبب ضرب النشاط التجاري لقريش، وزيادة الثقة في نفوس المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى