مقال

الدكرورى يكتب عن القائد محمد بن القاسم الثقفي ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن القائد محمد بن القاسم الثقفي ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع القائد محمد بن القاسم الثقفي، وهنا كانت الأسباب تلح على الحجاج في إرسال جيش كبير لفتح تلك البلاد التي كان قراصنتها يضايقون السفن العربية التجارية المارة بين موانئ البلاد العربية وموانئ بلاد الهند، وبالفعل قرر الحجاج فتح بلاد السند كلها، وقد وقع اختياره على محمد بن القاسم الثقفي ليقود الجيش العربي، وجهزه بكل ما يحتاج إليه في ميدان القتال، وتحرك البطل محمد بن القاسم بجيشه المكون من ستة آلاف مقاتل من العراق إلى الشيراز في سنة تسعين من الهجره، وهناك انضم إليه ستة آلاف من الجند، وبعد ذلك اتجه نحو بلاد السند، فبدأ بفتح مدينة بعد مدينة لمدة سنتين، حتى التقى الجيش العربي بقيادته مع الجيش السندي بقيادة الملك داهر، في معركة دامية مصيرية سنة اثنين وتسعين من الهجره.

 

وكان النصر للحق على الباطل، فقد انتصر المسلمون على المشركين، وقتل ملك السند في الميدان، وسقطت العاصمة السندية في أيدي العرب، واستمر محمد بن القاسم في فتوحاته لبقية أجزاء بلاد السند حتى انتهى منها سنة سته وتسعين من الهجره، وبذلك قامت أول دولة عربية في بلاد السند والبنجاب أي بلاد باكستان الحالية، وكان محمد بن القاسم الثقفى راجح الميزان في التفكير والتدبير، ثم لما كان محمد بن القاسم اليقفى، يفكر في أن يتوجه بجيش الفتح إلى حدود بلاد الهند، فقد وصله أمر الخليفة الجديد سليمان بن عبد الملك للتوجه إلى العراق، فرضخ الشاب المؤمن لقضاء الله، وهو يعلم أن مصيره الهلاك، لا لذنب اقترفه ولكن لسوء حظ وقع فيه، بسبب بعض تصرفات سياسية من قريبه الحجاج.

 

واستعد الفتى الحزين للسفر، فخرجت الجموع الحاشدة لتوديعه باكية حزينة، لم يكن العرب وحدهم يبكون على مصيره، بل أهل السند من المسلمين، وحتى البرهميين والبوذيين، كانون يذرفون الدموع الغزيرة، ويرجونه أن يبقى في بلاد السند، وسوف يقفون خلفه إذا دق الخطر بابه، ولكن نفسه الأبية رفضت مخالفة أمر الخليفة، ووصل محمد بن القاسم إلى العراق، فأرسله والي العراق صالح بن عبد الرحمن مقيدا بالسلاسل إلى سجن مدينة واسط بسبب عداوته للحجاج، وهناك عذبه شهورا بشتى أنواع التعذيب حتى مات البطل الفاتح رحمه الله في سنة خمسه وتسعين من الهجرة، وإن البطل محمد بن القاسم الثقفي فاتح بلاد السند، يعتبر من أعظم الأبطال في التاريخ الإسلامي، إنه بطل بما تحمله كلمة البطولة من معان.

 

فإنه قد أودع الله بين جنبيه نفسا بعيدة المطامح لخدمة الإسلام، وبلاد السند والبنجاب التي فتحها البطل محمد بن القاسم هي بلاد باكستان الحاضرة من أكبر البلاد الإسلامية، وتاريخها جزء عزيز من التاريخ الإسلامي الكبير، ويعتبر محمد بن القاسم الثقفي مؤسسا لأول دولة إسلامية في الهند، ولذلك يبقى اسمه شامخا في سجل الفاتحين الأبطال، وقد كان له نهاية أليمة، فقد ذهب ضحية للحقد، فتختلق الأكاذيب ضده لتلطخ بسوادها المنكر صحيفة بيضاء، ويمضي الشهيد إلى ربه صابرا محتسبا، فلم يكن للبطل محمد بن القاسم الثقفي من ذنب لدى الخليفة سليمان بن عبد الملك إلا أنه ابن عم غريمه الحجاج بن يوسف الثقفي، فانتقم الخليفة سليمان من الحجاج الذي عزله من قبلُ عن الخلافة في شخص محمد بن القاسم.

 

ووصل محمد بن القاسم الثقفي إلى العراق، بعد أن ادعت ابنة داهر ملك السند الذي قتله محمد بن القاسم أن محمد راودها عن نفسها ونالها قسرا، فأرسله والي العراق صالح بن عبد الرحمن مقيدا بالسلاسل إلى سجن مدينة واسط، وهناك عذبه شهورا بشتى أنواع التعذيب حتى مات البطل الفاتح، فخرجت الجموع الحاشدة لتوديعه باكية حزينة، ولم يكن العرب وحدهم يبكون على مصيره، بل أهل السند من المسلمين، وحتى البرهميين والبوذيين، كانون يذرفون الدموع الغزيرة، وصوره الهنود بالحصى على جدرانهم ليبقى شخصه ماثلا للعيون، وجزعوا لفراقه جزعا شديدا، ومات محمد بن القاسم الثقفي، ولم يبلغ الرابعة والعشرين من عمره بعد أن فتح الفتوح وقاد الجيوش وضم الباكستان العظيمة إلى رقعة الإسلام، فاستضاء بجهاده وبمن جاء بعده، ومازال ضريحه شاخصا في مدينة النعمانية في محافظة واسط في العراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى