مقال

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 6″

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع نبي الله داود عليه السلام، وكانت الهيئة الثانية بعد حسن الصوت التي وهبها الله لداود هي ” وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ” لقد علمه الله تعالى صناعة الدروع لتقى المحاربين من سهام الأعداء قال تعالى ” واقدر في السرد” أي لا تدق المسمار فيفلق ولا تغلظه فينفصم، ومعنى ذلك أن الله تعالى علمه صناعة الدروع في اجمالها وتفاصيلها، وكانت صناعة الدروع مهنته التي يتكسب منها عيشه، ورغم ما كان عنده من ملك وغيره كان يعيش من عمل يده عليه السلام، ومن الهبات التي منحها الله تعالى لداود عليه السلام هبة القوة يقول سبحانه ” واذكر عبدنا داود ذا الأيد” والأيد تعنى القوة، ولقد كان داود عليه السلام قويا في كل ما يأتي من الأمور فكان قويا في أمور العبادة في الصلاة والصيام وغيرهما.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي “أحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر اذا لاقى ، وكان قويا في بكائه حينما كان يرتل الزبور وكان قويا في السيطرة على مملكته، فقال تعالى ” وشددنا ملكه” أما العقل والمنطق فيقول تعالى ” واتيناه الحكمة وفصل الخطاب” وهذا من القوة وهو الذي قتل جالوت وكان جالوت جبارا قويا، وكذلك قضاؤه في الخصومة يقول تعالى ” وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب ، قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب”

 

ولقد كان داود عليه السلام يعتكف أحيانا ويترك أمر الملك دون تصريف وللناس مصالح وعلى الملك للجمهور تبعات وبينما هو معتكف إذ دخل عليه رجلان واشتكى أحدهما من الآخر، وفصل داود بينهما فلما ذهبا فكر داود في الأمر وظن أن الله تعالى فتن بأن حبب إليه الإعتكاف حتى بلغت حاجة الناس إليه أن يتسوروا عليه المحراب وظن داود أنه اساء اساءة بالغة فأخذ في الاستغفار وخر راكعا وأناب فيقول الله تعالى ” فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب، اي له قربة عند الله ومرجعا حسنا وكرامة في الآخرة، ويقول الله تعالى ” ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب” ولقد تحدث القرآن الكريم وتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

والصحابة وعلماء الإسلام عن العدالة في كثير من المواقف فعن العدالة مع الأعداء يقول الله تعالى ” ولا يجرمنكم شنان قوم أن صدركم عن المسجد الحرام أن تعتدوا” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يقسطون في أهليهم وحكمهم وماولوا” رواه مسلم، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا “إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة واقربهم منه مجلسا إمام عادل وإن أبغض الناس الى الله يوم القيامة وأشدهم عذابا، إمام جائر” رواه أحمد والترمذي، أما عن عدل نبى الله داود عليه السلام فلقد خاطبه ربه ياداود إنا جعلناك خليفة في الارض فلا بد أن تقيم عدل الله بين الرعية ويكون الحق هو ميزان حكمك، ويحذره من أن يحكم بهواه أو من تلقاء نفسه فيضل عن الطريق الحق.

 

ويبتعد عن المنهج الذي رسمه الله تعالى له ثم بين له جزاء من يبتعد عن دين الله وعن الحق والعدل ” إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب” وهذه وصية من الله عز وجل لولاة الأمور أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده تبارك وتعالى، ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيله، ولقد روت كتب التفسير وكتب التاريخ شيئا من حكمه من ذلك، مارواه عبدالله بن المبارك في كتاب الزهد عن وهب بن منبه قال إن في حكمة آل داود عليه السلام، على العاقل أن لا يغفل أربع ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يصغي فيها إلى اخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدفونه عن نفسه وساعة يخلى بين نفسه وبين لذاته فيما يحل ويجمل، فإن هذه الساعة عون على هذه الساعات، واجمام للقلوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى