دين ودنيا

المواطنة والسلام العالمي”

المواطنة والسلام العالمي”

متابعة السيد شحاتة

انطلاق الجلسات العلمية لليوم الثاني للمؤتمر الثاني والثلاثين.

خلال الجلسة العلمية السادسة بعنوان :

“المواطنة والسلام العالمي”

وزير الأوقاف :

الدولة أولا .. ومن خلالها تقر جميع الحقوق

وكيل مجلس النواب :

المواطنة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحقوق الشعوب ومواطنيها

ونعمل سويًا لتحقيق السلام العالمي

رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط :

مصر خير شاهد على تحقيق مبدأ المواطنة بين جميع طوائفها

وزير الثقافة التونسي الأسبق :

تتحقق المواطنة حين ترتكز على مقاصد الشريعة لرجوعها إلى الاعتدال والتوسط

رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب :

مستقبل الدول يرتبط بمفهوم المواطنة وحسن استيعاب هذا المفهوم وتطبيقه

رئيس الشئون العامة بوزارة الخارجية بغانا :

تطبيق مبدأ المواطنة بين أفراد الوطن الواحد يبرهن على قوة وصلابة أفراده

نائب المفتي العام لجمهورية كازاخستان :

التسامح يعني اللين في التعامل مع الآخر وتقبل ثقافته

************************

لليوم الثاني على التوالي لمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية انطلقت فعاليات الجلسات العلمية بالجلسة السادسة تحت عنوان : “المواطنة والسلام العالمي” برئاسة سيادة النائب الأستاذ/ محمد أبو العنين وكيل مجلس النواب ، وعضوية السيد/ جينور ميجيلور رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط ، ومعالي الدكتور/ محمد العزيز بن عاشور وزير الثقافة الأسبق ، وسيادة النائب/ كريم درويش رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب ، والسيد/ زكريا موسى رئيس الشئون العامة بوزارة الخارجية ، والسيد/ إرشات أونغار نائب المفتي العام لجمهورية كازاخستان.

وفي بداية الجلسة رحب الأستاذ/ محمد أبو العنين وكيل مجلس النواب بالحضور الكريم كما حيا كل الجهود المبذولة من رجال الفكر في هذا المؤتمر ، مؤكدًا أن عنوانه وأهدافه ومبادئه كلها تدعوا إلى غايات سامية ، وهي تُشكل قضية أمن قومي بالدرجة الأولى لكل بلاد وشعوب العالم ، موجهًا التحية للسيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على رعايته لهذا المؤتمر والذي كان له صولات وجولات في تحقيق هذا الهدف الأسمى ، مؤكدًا أن المواطنة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحقوق الشعوب ومواطنيها وعلاقتها بالدولة والعمل سويًا لتحقيق السلام العالمي ، والذي يعتبر من أسمى الأهداف التي يسعى إليها العالم ، مشيرًا إلى أن أهل الشر مازالوا يحاولون الطعن في هذه المبادئ وإثارة الفتن ونشر التعصب الأعمى.

مؤكدًا أننا نريد آراء ومقترحات سديدة نخاطب بها العالم انطلاقًا من هذا المؤتمر الذي يعقد تحت رعاية سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي وبحضور ممثلين عن الأزهر الشريف والعالم ، فهذا المؤتمر يضيف استراتيجية جديدة للمواطنة ، في رسالة للعالم أنه علينا أن نتحرك لتحقيق مبدأ المواطنة لحماية بلادنا من الذين يريدون فسادها ، وقد عشنا هذا من قبل ولكن حمى الله مصر من براثن هؤلاء الذين أسقطوا دولا ، وأنقذتنا العناية الإلهية بثورة ال 30 من يونيو ، التي كانت رسالة للعالم في أسمى صور المواطنة التي تقول للعالم “نحن هنا” فانضمت كل فئات الشعب مؤكدة بلسان واحد : “نحن نعرف المواطنة الحقيقية وسنلقن من أراد هدم دولتنا درسًا يشهد به العالم”.

مؤكدًا أننا جميعًا شعب واحد بغض النظر عن أي فروق أو تحزبات عرقية أو جنسية يقصد بها إسقاط الشعوب أو الدول ، وقد قال سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي بالأمم المتحدة كلمته الشهيرة عن المواطنة والتي سجلها له التاريخ بأحرف من ذهب “المواطنة هي حق الشعوب واللعب بحقيقة المواطنة هدم للشعوب” ، وأن مصر بمشروعاتها القومية تنمي الإحساس بالانتماء الوطني

وفي كلمته عبر السيد/ جينور ميجيلور رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط عن سعادته لحضور هذا المؤتمر ، موجهًا الشكر لمعالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف لدعوته لهذا المؤتمر ، مؤكدًا أن الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط تولي اهتماما كبيرًا بالحوار بين الأديان ، فالحوار يعزز مبادئ التواصل الفعال ، وأن التفاهم المتبادل بين طوائف المجتمعات ، مؤكدًا أن الشعوب تحتاج أن ترى قاداتها الدينين والسياسيين يعقدون مثل هذه اللقاءات والنقاشات حتي ينتقل هذا النقاش إلى الأفراد وينعم الجميع بالسلام المجتمعي ، وهذه مسئولية الجميع.

مبينًا أنه من الأهمية بمكان تعزيز مبدأ المواطنة ، وأن مصر خير شاهد على تحقيق مبدأ المواطنة بين جميع طوائفها ، ولتحقيق هذا الهدف لابد من التعاون الوثيق بين جميع أفراد المجتمع.

وفي كلمته أكد معالي الدكتور/ محمد العزيز بن عاشور وزير الثقافة الأسبق بتونس أنه من الأهمية بمكان الاستناد في موضوع المواطنة إلى كتاب : “أصول النظام الاجتماعي في الإسلام” لصاحبه العلامة الطاهر بن عاشور ، والذي سعى إلى إصلاح الفرد والمجتمع والبحث عن تأثير الإسلام في المدنية الصالحة ، والتي لا تختلف في مغزاها عن المواطنة التي نتحدث عنها ، ولكي تتحقق المواطنة ينبغي أن ترتكز على مقاصد الشريعة لرجوعها إلى الاعتدال والتوسط ، ولا يتيسر بناء صرح المواطنة المنشودة إلا إذا ارتبطت بالقيم والأخلاق الحسنة ليتحقق صلاح الفرد وصلاح المجتمع ، مع إصلاح الاعتقاد ، ونشر التسامح بين جميع البشر .

مشيرًا إلى أن التسامح هو مفهوم إبداء السماحة للمخالفين بحيث يظهر مبدأ التسامح في المواضع التي هي مظان ظهور ضده وهي التعصب ، وأن دور الدولة هو إقامة تلك المبادئ السامية ، ومن أهمها الدفاع عن الوطن وصون سيادته وحماية مجتمعه ، فمن مقاصد الاسلام أن تكون الأمة مصونة الجانب منظور إليها نظرة المهابة والوقار من الأمم الأخرى.

وفي كلمته عبر سيادة النائب/ كريم درويش رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن شكره لمعالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وجميع القائمين على هذا المؤتمر على هذا التنظيم الرائع وحسن اختيار عنوانه وتوقيته ، حيث جاء في وقت هام جدًا ، حيث أصبح مستقبل الدول مرتبطًا بمفهوم المواطنة وحسن استيعاب هذا المفهوم وتطبيقه ، فموضوع المواطنة يؤدي إلى السلام المجتمعي الذي يؤدي إلى السلام العالمي ، وبدون المواطنة الحقة لن يحدث أي نوع من السلام المجتمعي، وقد فهمنا هذا في مصر وطبقناه حين أرادت جماعة الشر إرهاب الشعب المصري وتغيير هويته وكنيته وثقافته فقام عليهم الشعب المصري بثورة مجيدة في الثلاثين من يونيو ، فأظهرت معدن الشعب المصري وحقيقته وإيمانه بالتسامح والمواطنة ، فالشعب المصري يضرب به المثل في المواطنة ، والحاضر يشهد أن لدينا جاليات متعددة من دول كثيرة كلها اندمجت في الكيان والهوية المصرية ولم يحدث بينهم أي تفريق ، وهي رسالة من مصر في تطبيق المواطنة الحقة عمليًا دون ادعاءات أو شعارات لا علاقة لها بالواقع ، فهناك أمور كثيرة تجمعنا مع اختلاف الثقافات ، ورسالة المؤتمر احترام الثقافات وهي الرسالة التي يوجهها المؤتمر للعالم كله ، رافضين الفرقة التي تحدثها بعض الجماعات من خلال هذا الحوار البناء المثمر .

وفي كلمته قدم السيد/ زكريا موسى رئيس الشئون العامة بوزارة الخارجية الشكر لجمهورية مصر العربية على تنظيم هذا المؤتمر الهام ، مؤكدًا أنه بدون تحقيق السلام لن تتحقق التنمية التي ترجوها الشعوب ، وأن المواطنة تعكس هوية الشعوب بغض النظر عن الدين والعرق ، فالناس متساوون جميعًا ، والجميع متحدون ، ولا يتم النظر إلى المجتمع كأفراد بل كوحدة واحدة مترابطة ، وأن تطبيق مبدأ المواطنة بين أفراد الوطن الواحد يبرهن على قوة وصلابة أفراده.

وفي كلمته عبر السيد/ إرشات أونغار نائب المفتي العام لجمهورية كازاخستان عن سعادته بالمشاركة في أعمال هذا المؤتمر العظيم ، وامتنانه لحسن الاستقبال وكرم الضيافة ، مشيدًا بالأعمال العظيمة التي تبذلها مصر لخدمة الدين الحنيف ، فالعلاقة الدينية والثقافية بين كازاخستان ومصر ممتدة لعقود طويلة وما أدل على ذلك من وجود مسجد الظاهر بيبرس بمصر العتيقة ، مع اهتمام مصر بعمارة المساجد لما يمثله من قيمة دينية وتاريخية للشعبين ، كما تم بناء جامعة نور مبارك بكازاخستان والتي تعد نقطة التقاء بين البلدين على مدار أكثر من عشرين عامًا ، وترسل وزارة الأوقاف أساتذتها إليها لتدريب الأئمة ورجال الدين في كازاخستان ، شاكرين تلك الجهود في تدريب أبنائنا وتثقيفهم ، مؤكدًا أن التسامح يعني اللين في التعامل مع الآخرين ، وتقبل ثقافات الجميع.

وفي مداخلته أشاد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة بانضباط هذه الجلسة العلمية ، مؤكدًا على وجوب استقاء الأخبار من مصادرها الأصلية وليس من مصادر جانبية ، فشتان بين من يسمع على البعد ومن يعيش الواقع ، وأن الهدف من هذه اللقاءات والمنتديات هو التقارب وأن يستمع بعضنا إلى بعض عن قرب ولنقل التجارب مما يسهم في عملية حراك فكري كبير ، مؤكدًا على وجوب ترسيخ فكرة أن الدولة أولًا ومن خلالها تُقر جميع الحقوق ، وأنه لا حياة بلا وطن ، ولا وطن بلا أمن ولا أمن بلا قوة تحميه ، ولا يُمكن أن تُقر حقوق أو تُقام حياة دون وطن آمن مستقر ، مشيرًا معاليه إلى أنه إذا سقطت الدولة أو أُسقطت فلا مجال للحديث عن حقوق الإنسان ولا غيرها ، وقد شاهدنا مآسي اللاجئين والأطفال يرتجفون من البرد فوق الثلوج ، والمذيع يسألهم : أين الحماية المدنية؟ فيقولون غير موجودة ، فهؤلاء فقدوا الأمن وأصبحوا لاجئين داخل بلادهم نظرًا لفقد الأمن ، وللأسف الشديد نرى بعض من صنعوا جماعات الإرهاب ومولوها وهم يتباكون على أحوال هؤلاء اللاجئين ، وهذه وصمة عار يبوء بها كل من دعم الإرهاب وصنعه وموله، فعلينا أن نتيقظ أنه لا وطن بلا أمن ، مؤكدًا معاليه أنه لا يمكن لأي دولة أن يكون فيها حقوق إنسان إلا إذا كان هناك وطن آمن مستقر ودولة تحمي هذه الحقوق، ولا يُدرك المعني الحقيقي لحقوق الإنسان إلا بإلقاء نظرة على حال الدول التي أُسقطت.

كما أكد معاليه أننا في حاجة إلى النفس الطويل ، وأن وزارة الأوقاف اتخذت سياسة البناء وجعلتها أصلًا ، أما الحروب الجانبية والهدم فلم تتخذه أبدًا نهائيًا ، لأنه في حالة الانسياق خلف المواجهات ربما تحيد بك عن الطريق الذي رسمته لنفسك ، ناصحًا معاليه باتخاذ البناء مسلكًا ومنهجًا ، وأنه كلما قويت الدولة تلفظ الظواهر السلبية ، وأنه علينا أن نواجه الجماعات المتطرفة بمختلف أنواعها سواء أكان التطرف يمينيًّا أم يسارًا ، مستشهدًا بقول الإمام الأوزاعي (رحمه الله) ما أمر الله في الإسلام بأمر إلا حاول الشيطان أن يأتيك من إحدى جهتين لا يبالي أيهما أصاب ؛ من جهة الإفراط أو من جهة التفريط ، مؤكدًا معاليه أن أهل الباطل لا يعملون إلا في غياب أهل الحق ، وأن المساحة التي يتركها أهل الحق هي التي يشغلها أهل الباطل ، ولو أن أي عاقل عرضت عليه الدين أو الوطنية عرضًا منطقيًا صحيحًا ، وجاء آخر وعرض عليه التطرف لا يمكن أن ينساق إليه ، لأن الإنسان مجبول على الفطرة السليمة التي فطره الله (عز وجل) عليها ، وينشأ هذا التطرف غالبًا من غياب التيار الوسطي ، وأن أي دولة تعاني من حالة ضعف تتقاذفها كل التيارات المتطرفة ، وكلما قويت الدولة تحدث حالة التوازن ، ولذلك نؤكد دائمًا على مفهوم الدولة أولًا.

مشيرًا إلى أن سنة الله في الكون أن الصراع بين الحق والباطل قائم ، وأن الخوف كل الخوف من أن تجتذب الجماعات المتطرفة البعض من أهل الحق ، وأن الأصوات المناوئة لا تزيد أهل الحق إلا قوة وصلابة وتمسكًا بالحق ، وفي هذا يقول شوقي:

عِداتي لَهُم فَضلٌ عَليَّ وَمِنَّةٌ

فَلا أَذهبَ الرَحمنُ عَنّي الأَعاديا

همُ بَحَثوا عَن زلَّتي فَاجتَنَبتُها

وَهُم نافَسُوني فَاكتَسَبت المَعاليا

فعلينا أن نتمسك بصوت الحكمة والعقل ، وأن تظل كلمتنا راقية وموضوعية وأن منهجنا أن لا نتعرض للأشخاص ولا للمؤسسات لا تصريحًا ولا تلميحًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى