مقال

والد الرسول عبد الله بن عبد المطلب ” جزء 1″

والد الرسول عبد الله بن عبد المطلب ” جزء 1″

بقلم / محمــد الدكــرورى

 

إن عبد المطلب لما قال لولده الحارث ذد عني، أي امنع عني حتى أحفر، وعلم أنه لا قدرة له على ذلك قام بنذر إن رزق عشرة من الولد الذكور يمنعونه ممن يتعالى عليه ليذبحن أحدهم عند الكعبة، وقيل إن سبب ذلك أن عدي بن نوفل بن عبد مناف أبا المطعم قال له يا عبد المطلب تستطيل علينا وأنت فذ لا ولد لك أي متعدد، بل لك ولدا واحدا ولا مال لك، وما أنت إلا واحد من قومك، فقال له عبد المطلب أتقول هذا، وإنما كان نوفل أبوك في حجر هاشم أي لأن هاشما كان خلف على أم نوفل وهو صغير، فقال له عدي وأنت أيضا قد كنت في يثرب عند غير أبيك كنت عند أخوالك من بني النجار، حتى ردك عمك المطلب، فقال له عبد المطلب أو بالقلة تعيرني، فالله علي النذر لئن آتاني الله عشرة من الأولاد الذكور لأنحرن أحدهم عند الكعبة.

 

وقيل إن عبد المطلب نذر أن يذبح ولدا إن سهل الله تعالي له حفر زمزم، فعن معاوية رضي الله عنه أن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر الله إن سهل الأمر بها أن ينحر بعض ولده، فلما صاروا عشرة أي وحفر زمزم أمر في اليوم بالوفاء بنذره أي قيل له قرّب أحد أولادك، أي بعد أن نسي ذلك وقد قيل له قبل ذلك أوفي بنذرك، فذبح كبشا أطعمه الفقراء ثم قيل له في النوم قرب ما هو أكبر من ذلك فذبح ثورا، ثم قيل له في النوم قرب ما هو أكبر من ذلك فذبح جملا، ثم قيل له في النوم قرب ما هو أكبر من ذلك فقال وما هو أكبر من ذلك؟ فقيل له قرب أحد أولادك الذي نذرت ذبحه، فضرب القداح على أولاده بعد أن جمعهم وأخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء وأطاعوه، ويقال إن أول من أطاعه عبد الله وكتب اسم كل واحد على قدح، ودفعت تلك القداح للسادن.

 

والقائم بخدمة هبل، وضرب تلك القداح، فخرجت على عبد الله أي وكان أصغر ولده، وأحبهم إليه مع ما تقدم من أوصافه، فأخذه عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة، ثم أقبل به على إساف ونائلة وألقاه على الأرض، ووضع رجله على عنقه، فجذب العباس عبد الله من تحت رجل أبيه حتى أثر في وجهه شجة لم تزل في وجه عبد الله إلى أن مات، وكان عبد الله بن عبد المطلب من أحب ولد أبيه إليه، ولما نجا من الذبح وفداه عبد المطلب بمائة من الإبل، زوجه من أشرف نساء مكة نسبا، وهي السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ولم يلبث أبوه أن توفي بعد أن حملت به آمنة، ودُفن بالمدينة عند أخواله بني عدي بن النجار، فإنه كان قد ذهب بتجارة إلى الشام فأدركته منيته بالمدينة وهو راجع، وترك هذه النسمة المباركة، وكأن القدر يقول له.

 

قد انتهت مهمتك في الحياة وهذا الجنين الطاهر يتولى الله سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته تربيته وتأديبه وإعداده لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور، ولم يكن زواج عبد الله بن عبد المطلب من السيدة آمنة بنت وهب هو بداية أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ما كان أول بدء أمرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام ” ودعوة نبى الله إبراهيم عليه السلام وهي قوله تعالي كما جاء في سورة البقرة ” ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم” وكما قال صلي الله عليه وسلم أنه بشرى نبى الله عيسى عليه السلام كما أشار إليه قول الحق عز وجل حاكيا عن المسيح عليه السلام.

 

كما جاء في سورة الصف ” وإذ قال عيسي ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراه ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد” وقوله صلى الله عليه وسلم ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام فقال ابن رجب ” وخروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض، وزالت به ظلمة الشرك منها، وكما قال الله عز وجل في سورة المائدة ” يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلي النور بإذنه ويهديهم إلي صراط مستقيم” وتخصيص الشام بظهور نوره صلي الله عليه وسلم هو إشارة إلى استقرار دينه وثبوته ببلاد الشام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى