مقال

خالد أبو أيوب الأنصاري ” جزء 2″

خالد أبو أيوب الأنصاري ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع خالد أبو أيوب الأنصاري، وحدث عبد الله بن عباس رضى الله عنهما فقال خرج أبو بكر الصديق رضى الله عنه في الهاجرة، ويعني نصف النهار في شدة الحر، فرآه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقال يا أبا بكر ما أخرجك هذه الساعة؟ قال ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع، فقال عمر وأنا والله ما أخرجني غير ذلك، فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال “ما أخرجكما هذه الساعة؟” قالا والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من شدة الجوع فقال النبي صلى الله عليه وسلم “وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غير ذلك، قوما معي فانطلقوا فأتوا باب أبي أيوب الأنصاري رضى الله عنه ” وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم طعاما، فإذا لم يأتي أطعمه لأهله.

 

فلما بلغوا الباب خرجت إليهم أم أيوب، وقالت مرحبا بنبي الله ومن معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أين أبو أيوب؟” فسمع أبو أيوب صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يعمل في نخل قريب له فأقبل يسرع وهو يقول مرحبا برسول الله وبمن معه، ثم قال يا رسول الله ليس هذا بالوقت الذي كنت تجيء فيه فقال “صدقت” ثم انطلق أبو أيوب إلى نخيله فقطع منه عذقا فيه تمر ورطب وبسر، وقال يا رسول الله كل من هذا وسأذبح لك أيضا، فقال “إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن” وقدم الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ منه رسول الله قطعة من لحم الجدي ووضعها في رغيف وقال “يا أبا أيوب بادر بهذه القطعة إلى فاطمة الزهراء فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام” فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم” خبز ولحم وتمر وبسر ورطب”

 

ودمعت عيناه، ثم قال “والذي نفسي بيده هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة” وبعد الطعام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب “ائتنا غدا” وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصنع له أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه فلما كان الغد ذهب أبو أيوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأهداه جارية صغيرة تخدمه وقال له “استوصي بها خيرا” وعاد أبو أيوب إلى زوجته ومعه الجارية وقال لزوجته هذه هدية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا ولقد أوصانا بها خيرا وأن نكرمها فقالت أم أيوب وكيف تصنع بها خيرا؟ لتنفذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أفضل شيء أن نعتقها ابتغاء وجه الله وقد كان، وكان لأابى أيوب الموقف فى حادثة الإفك مع السيده عائشه رضى الله عنها، فخلال حادثة الإفك، قالت أم أيوب لأبي أيوب الأنصاري.

 

ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال، بلى وذلك كذب، فقال أفكنتي يا أم أيوب فاعلة ذلك ؟ قالت لا والله، قال فعائشة والله خير منك، فلما نزل القرآن الكريم وذكر أهل الإفك، فقال الله تعالى “لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا، وقالوا هذا إفك مبين” وقد عاش أبو أيوب حياته غازيا حتى قيل إنه لم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ظل جنديا في ساحات الجهاد، وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية جيشا بقيادة ابنه يزيد لفتح القسطنطينية وكان أبو أيوب وقتها بلغ عمره ثمانين سنة، ولم يمنعه كبر سنه من أن يقاتل في سبيل الله، ولكن في الطريق مرض مرضا أقعده عن مواصلة القتال وكانت آخر وصاياه أن أمر الجنود أن يقاتلوا وأن يحملوه معهم وأن يدفنوه عند أسوار القسطنطينية .

 

ولفظ أنفاسه الأخيرة وهناك حفروا له قبرا ودفنوه فيه، وأمر يزيد بالخيل فجعلت تقبل وتدبر على قبره، حتى عفا أثر القبر، وقبره هنالك يستسقي به الروم إذا قحطوا، وقيل إن الروم قالت للمسلمين في صبيحة دفنهم لأبي أيوب لقد كان لكم الليلة شأن، قالوا هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا وأقدمهم إسلاما، وقد دفناه حيث رأيتم، ووالله لئن نبش لا ضرب لكم بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى