مقال

الدكرورى يكتب عن غزوة بدر الكبري “جزء 3”

الدكرورى يكتب عن غزوة بدر الكبري “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع غزوة بدر الكبري، وأقام سعد بن معاذ كتيبة لحراسة العريش مقر القيادة، وقضى الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة في الصلاة والدعاء والتبتل والتضرع لله وقد عبأ جيشه ومشى في أرض المعركة وهو يقول “هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله غدا” وقد استبشر الناس بالنصر، أما الجيش المكي فقد وقع في صفهم انشقاق بدأ عندما طلبوا من عمير بن وهب الجمحي أن يدور دورة حول المعسكر الإسلامي ليقدر تعداده، فدار دورة واسعة أبعد فيها ليتأكد من عدم وجود كمائن للجيش الإسلامي، ثم عاد فقال لهم “عددهم ثلاثمائة رجل، ولكني رأيت يا معشر قريش المطايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم فوالله ما أرى أن يُقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم”

 

وهنا دب الرعب في قلوب الكافرين وقامت حركة معارضة بقيادة حكيم بن حزام الذي أقنع عتبة بن ربيعة أن يتحمل دية عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية نخلة رجب في العام الثاني من الهجرة، ولكن فرعون الأمة الذي كان يسعى لحتفه بظلفه أفسد هذه المعارضة، وأثار حفائظ عامر بن الحضرمي، فقال “هذا حليفك، أي عتبة، يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك ومقتل أخيك” فقام عامر وكشف عن استه، وصرخ قائلا “واعمراه واعمراه” فحمي الناس وصعب أمرهم واستوثقوا على ما هم عليه من الشر” وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد المخزومي التي وردت بعض الآثار أنه أول من يأخذ كتابه بشماله يوم القيامة وكان رجلاً شرسا سيئ الخلق أراد أن يشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم.

 

فقتله حمزة بن عبد المطلب قبل أن يشرب منه، ثم خرج ثلاثة من فرسان قريش هم عتبة وولده الوليد وأخوه شيبة وطلبوا المبارزة، فخرج ثلاثة من الأنصار فرفضوهم، وطلبوا مبارزة ثلاثة من المهاجرين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وكانوا أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم واستطاع المسلمون قتل الكافرين، واستشاط الكافرون غضبا لمقتل فرسانهم وقادتهم فهجموا على المسلمين هجمة رجل واحد ودارت رحى حرب طاحنة في أول صدام بين الحق والباطل وبين جند الرحمن بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وجند الشيطان بقيادة فرعون الأمة أبو جهل، والرسول صلى الله عليه وسلم قائم يناشد ربه ويتضرع ويدعو ويبتهل، وقال “اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم”

 

وبالغ الاجتهاد والتضرع حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وقد أغفى رسول الله إغفاءة واحدة ثم رفع رأسه، فقال “أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع” فلقد جاء المدد الإلهي ألف من الملائكة يقودهم جبريل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو يثب في الدرع ويقول “سيهزم الجمع ويولون الدبر” ثم أخذ حفنة من الحصى فاستقبل بها قريش، وقال ” شاهت الوجوه ” ورمى بها في وجوههم فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه، ودنت ساعة الصفر، وبدأ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف بقدح كان في يده، فإذا بسواد بن غزيّة مائل عن الصف، فطعن في بطنه بالقدح وقال استوي يا سواد، فقال يا رسول الله أوجعتني فقدني، يعني يريد القصاص، فكشف صلى الله عليه وسلم عن بطنه.

 

وقال استقد يا سواد، فاعتنقه سواد وأخذ يقبل بطنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حملك على هذا؟ قال يا رسول الله، قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخرُ العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وقام الرسول صلى الله عليه وسلم يحرض المسلمين على القتال، فقال لهم “والذي نفسي بيده لا يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض” فقال عمير بن الحمام “لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة” فرمى بما كان معهمن التمر ثم قاتلهم حتى قتل رحمه الله، وسأل عوف بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده؟” قال الرسول صلى الله عليه وسلم “غمسه يده في العدو حاسرا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى