مقال

الدكروري يكتب عن خطورة كلام الناس ” جزء 1″ 

الدكروري يكتب عن خطورة كلام الناس ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

نسمع فى هذه الأيام كثير من الكلام والذى يعد خطرا على المجتمع وقد يعود بالسلب على الفرد والجماعه، وأصبح الخوف من كلام الناس، ظاهرة اجتماعية متفشية في المجتمع، تربى عليها الصغير، وشاب عليها الكبير، وأصبحت هاجسا لدى كثير من الناس، ويُحسب لها ألف حساب، فأثرت سلبا على حياة كثير من الناس، فأثنت عزائم المجتهدين، وأوقعت البعض في ارتكاب الإثم المبين، وإن الخوف من كلام الناس قضية اهتم بها الدين وضبطها، فهل الخوف من كلام الناس كله ممدوح أم مذموم؟ فيجب أن نعلم أن كلام الناس له تأثير عجيب على النفوس، قد يثني العزائم، ويعيق المسلم عن تحقيق الاستقامة في حياته، إلا أن له بعض الفوائد في منع المسلم من اقتراف ما لا يليق، ولقد أمرنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بترك الشبهات.

 

وأماكن الريبة خوفا من الوقوع في كلام الناس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ” إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقي الشبهات استبرأ لدينة وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، ومعني استبرأ لدينه وعرضه؟ أي صان عرضه من أن يتكلم الناس فيه، ولذلك عندما كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ذات يوم معتكفا في العشر الأواخر من رمضان في مسجده زارته ليلا أم المؤمنين صفية، ثم قام صلى الله عليه وسلم معها ليوصلها، حتى إذا بلغت باب المسجد، مر رجلان من الأنصار، فسلما علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما ” علي رسلكما إنما هي صفية بنت حيي” فقالا سبحان الله يا رسول الله وكبر عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا”

 

فالنبي صلى الله عليه وسلم دفع عن نفسه الريبة وكلام الناس عنه، ولعله فعل ذلك أيضا شفقة عليهما لأنهما لو ظنا به ظن سوء كفرا، إلي إعلامهما بأنها زوجته ليلا يهلكا، لذلك من رؤي مع زوجته في خلوة مريبة فرآه بعض أصحابه عليه أن يخبره بأنها زوجته لئلا يسيء الظن به فيتكلم الناس في عرضه، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع أحيانا عن فعل بعض الأشياء خوفا من كلام الناس، ولكن معظم خوفه صلى الله عليه وسلم كان لصالح الدعوة الإسلامية، فقد روي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا في غزاة، فكسع رجل، أي ضرب رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري، ياللأنصار، وقال المهاجري، يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ” ما بال دعوي الجاهلية؟

 

قالوا يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال صلى الله عليه وسلم ” دعوها فإنها منتنة” فسمع بذلك عبد الله بن أبي، فقال فعلوها، أما والله لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عمر فقال يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” دعه لا يتحث الناس أن محمدا يقتل أصحابة” متفق عليه، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين خوفا أن يتحدث الناس في مجالسهم، بأن محمدا يقتل أصحابه، فيمتنعون عن الدخول في الإسلام، وذات يوم جاءت امرأة من قضاعة تدعى أم كبشة فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تغزو معه، فقال لها لا، فقالت يا رسول الله إني أداوي الجريح، وأقوم على المريض.

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اجلسي، لا يتحدث الناس أن محمدا يغزو بامرأة ” رواه ابن سعد وصححه الألباني، فمنع مشاركتها في الغزو خوفا أن يعيره المشركون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين يأمر الناس بأمر أو ينهاهم عنه، يحرص أن يكون أهل بيته أول من يعمل بذلك ليكون هو وأهل بيته أسوة للجميع، فلا يترك ثغرة للمنافقين كي يتكلموا فيه أو في أهل بيته، ونعلم جميعا بأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان زاهدا ويأمر أهله بالزهد، فذات يوم رأى ابنته فاطمة رضي الله عنها لابسة سلسلة من ذهب أهداها لها زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم ” يا فاطمة أيسُرّك أن يقول الناس فاطمة بنت محمد في يدها سلسلة من نار” ؟ فخرج ولم يقعد فعمدت فاطمة إلى السلسلة فباعتها فاشترت بها نسمة فأعتقَتها، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحمد لله الذي نجّى فاطمة من النار” رواه الحاكم والنسائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى