مقال

الدكرورى يكتب عن أهل الأعراف ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن أهل الأعراف ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع أهل الأعراف، هكذا يأتي النداء، ينادي أهل الجنة أهل النار، أن وجدنا النعيم، وجدنا الحضور، وجدنا الحور الحِسان، وجدنا الأنهار التي تجري وهم يرونهم، يرونهم في النار ولكن يُحبون أن يُستنطقوا، فقال أصحاب النار بصوت واحد، نعم، وجدنا ألا ترون إلى عذابنا؟ ألا ترون إلى حالنا؟ وقد اختلف العلماء في أصحاب الأعراف مَن هم؟ قوم استوت حسناتهم مع سيئاتهم ، فكانوا في الدنيا يُصلون لكن يمنعون الزكاة، كانوا في الدنيا يصومون لكن يغتابون ويسبّون، كانوا في الدنيا يحجون لكن يمنعون الخيرات ويمنعون النفقات على أهلهم وأصحابهم، كانوا يُجاهدون لكن يعقون والديهم، وهكذا يعملون الصالحات ولكن مع ذلك يعملون السيئات، وأهل الأعراف لم يدخلوا الجنة بعد، ولكن هم يطمعون.

 

ويرجون من الله عز وجل أن يدخلوها وأن الله الكريم الرحيم لم يذكر أنهم طمِعوا في دخول الجنة إلا أنه سبحانه وتعالى سوف يحقق طمعهم ورجاءهم، وسوف يدخلهم الجنة بإذنه سبحانه وتعالى، ثم نادى أصحاب الأعراف على أصحاب من أهل النار يا فلان يا هامان يا فرعون، يا قارون أيها الظلمة ما أغنى عنكم جمعكم في الدنيا كانت لكم جموع وقوة وأموال ومناصب، أين هي؟ لم تغني عنكم شيئا، ماذا استفدتم من الأموال التي أمضيتم أوقاتكم لأجلها، التي حاربتم المسلمين وحاربتم أهل الخير ومنعتم الخير لأجل تلك الأموال وجمع الرجال؟ نراكم الآن أذلاء؟ أين جبروتكم؟ أين تكبّركم؟ وقال ابن عباس رضي الله عنهما لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة طمع اهل النار بفرج بعد اليأس، فقالوا ياربنا، إن لنا قرابات من أهل الجنة.

 

فأذن لنا حتى نراهم ونكلمهم، فأمر الله الجنة فتزحزحت، ثم نظر أهل جهنم إلى قراباتهم في الجنة وما هم فيه من النعيم فعرفوهم، ونظر أهل الجنة إلى قراباتهم من أهل جهنم فلم يعرفوهم، وقد اسودت وجوههم وصاروا خلقا آخر، فنادى أصحاب النار أصحاب الجنة بأسمائهم وقالوا ” أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله” وينادي الرجل أباه أو أخاه فيقول له قد احترقت فأفض علي من الماء فيقال لهم أجيبوهم، فيقولون ” إن الله حرمهما علي الكافرين” وذلك جزاء لهم على كفرهم بآيات الله، واتخاذهم دينهم الذي أمروا أن يستقيموا عليه بزينتها وزخرفها وكثرة دعاتها، فاطمأنوا إليها ورضوا بها، وأعرضوا عن الآخرة ونسوها‏، فكأنهم لم يخلقوا إلا للدنيا.

 

وليس أمامهم عرض ولا جزاء‏، وكانت نتيجة هذا اللعب واللهو وحب الدنيا أنهم جحدوا بآيات الله البينات، فتخيل انك في يوم القيامة والخلائق موقوفون للحساب وقد حان وقت الفصل بينهم وبينما أهل الجنة ذاهبون اليها متشوقون وأهل النار اليها يساقون وجدت نفسك في مكان ربما لم تتخيل نفسك فيه، أو ربما لم يخطر لك ببال أبدا ، أتعرف أين أنت الآن؟ انك واقف على الأعراف، لقد تساوت حسناتك وسيئاتك وبقيت في هذا المكان حتى يفصل الله عز وجل في أمرك، تخيل نفسك وأنت تقف وتنظر لأهل الجنة وهم ينعمون وتتمني أن تكون معهم والى أهل النار في السموم والزقوم وتدعو الله عزوجل أن لا يجعل مصيرك مثلهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى