مقال

الدكرورى يكتب عن بيعة الرضوان “جزء 4”

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن بيعة الرضوان “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع بيعة الرضوان، وزاد ابن عمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، وما في نفسي؟ قال، أضرب بسيفي بين يدك حتى يظهرك الله أو أقتل، فبايعه، وبايعه الناس على بيعة أبي سنان” وقد بايع جميع الحاضرين إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة وكانوا يعدّونه من المنافقين، فكان جابر بن عبد الله يقول والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد ضبأ إليها يستتر بها من الناس، وكان من أشهر من حضر البيعة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وأم سلمة، ومن الصحابة من بايع أكثر من مرة مثل سلمة بن الأكوع الذي بايع ثلاث مرات كما ورد في صحيح مسلم، ثم علم المسلمون أن خبر مقتل عثمان بن عفان كان باطلا، وكانت البيعة سبب من أسباب صلح الحديبية.

 

فلما علمت قريش بهذه البيعة خافوا وأشار أهل الرأي فيهم بالصلح، وكما يعدّ علماء المسلمين عثمان بن عفان ممن حضر البيعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، بايع عنه، فوضع يده اليمنى على اليسرى وقال ” اللهم هذه عن عثمان ” وقال في ذلك صاحب الهمزية مادحا عثمان بن عفان، وكما وردت عدة أحاديث نبوية في فضل أهل هذه البيعه، ومنها، ما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أنه قال ” كنا يوم الحديبية ألف وأربع مائة، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنتم خير أهل الأرض ” وما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أنه قال، أخبرتني أم مبشر، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول عند حفصة ” لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها” قالت، بلى يا رسول الله ” فانتهرها فقالت حفصة “وإن منكم إلا واردها”

 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم، قد قال الله عز وجل “ثم ننجى الذين أتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا” وما رواه مسلم، وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما ” أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية” وقد كانت شجرة الرضوان بفج نحو مكة بالقرب من بئر الحديبية، ولكن المسلمين نسوا مكانها ولم يجدوها حين خرجوا للعمرة في العام التالي لصلح الحديبية، فروى البخاري عن سعيد بن المسيب أنه قال “حدثنى أبى أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجره، قال فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها، فلم نقدر عليها ” وكذلك قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما” رجعنا من العام المقبل فما أجتمع منا اثنان على الشجره التى بايعنا تحتها، كانت رحمه من الله”

 

وكما ذكر الطبري أن عمر بن الخطاب مر بمكانها فبحث عنها فقال “أين كانت؟ فجعل بعضهم يقول هنا، وبعضهم يقول ههنا، فلما كثر اختلافهم قال ” سيروا، هذا التكلف ” فقيل أن الشجرة ذهبت وكانت سمُرة إما ذهب بها سيل، وإما شيء غير ذلك، ورجَّح الحاكم النيسابوري ذلك في كتابه معرفة علوم الحديث فقال ” ثم إن الشجرة فُقدت بعد ذلك، فلم يجدوها، وقالوا إن السيول ذهبت بها، وقد ذكر ابن حجر العسقلاني أن في اختفاء الشجرة وعدم معرفتها حكمة فقال، وبيان الحكمة في ذلك وهو أن لا يحصل بِها افتتان لما وقع تحتها من الخير، فَلو بقيت لما أمن تعظيم بعض الجهال لها، حتى ربما أَفضى بِهِم إلى اعتقَاد أَن لها قوة نفع أو ضر كما نراه الآن مشاهدا فيما هو دونها، وقد علق على ذلك ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري فقال.

 

” إنكار سعيد بن المسيّب على من زعم أنه عرفها معتمدا على قول أبيه، إنهم لم يعرفوها في العام المقبل، لا يدل على رفع معرفتها أصلا، وقد وقع عند المصنف من حديث جابر رضي الله عنه الذي قبل هذا “لو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة ” فهذا يدل على أنه كان يضبط مكانها بعينه، وإذا كان في آخر عمره بعد الزمان الطويل يضبط موضعها ففيه دلالة على أنه كان يعرفها بعينها، لأن الظاهر أنها حين مقالته تلك كانت هلكت إما بجفاف أو بغيره، واستمر هو يعرف موضعها بعينه، وفي خلافة عمر بن الخطاب كان الناس يأتون شجرة الرضوان ويصلون عندها، فعلم بذلك عمر فأمر بقطعها، ويرى بعض العلماء أن الشجرة التي قطعها عمر ليست هي شجرة الحديبية الّتي تمت عندها البيعة، لأنه لم يعد يعرف مكانها أحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى