دين ودنيا

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 10″

جريدة الاضواء

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع رمضان شهر العبادة والغفران، فيا شهر العطاء أهلا، فأنت الرجاء والأمل، فيك الخطايا تغتفر، وبك الذنوب تطهر، وأما عن خطورة الفساد في رمضان، وكيف نقاوم ذلك؟ فإن المصيبة إذا أشغل اللهو عن الطاعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم ” كل لهو باطل” واستثنى منه أمورا من المباحات، من ملاعبة الزوجة، والرماية، وتأديب الفرس، واللهو الباطل ما أشغل عن ذكر الله، فقال البخارى رحمه فى صحيحه “باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله” وإذا كانت الشياطين تصفد فإن المصيبة فى شياطين الإنس، فإن كل الشياطين قد باتت مصفدة فما السبيل إذا الشيطان إنسان، ولذلك فقد حرص أرباب الفساد، وأعداء الأمة، لما عرفوا فضل الشهر، وكثرة من يتوب فيه، واجتهاد الناس فيه بالطاعة، والإقبال على الله، والترك للمنكرات.

عمدوا إلى إفراغ الشهر من محتواه ومضمونه، وإلى قطع الطريق، فهم لصوص في الحقيقة، لصوص رمضان، يشغلون الناس بالطرب والألحان، والأمسيات الفارغات، وهكذا الأفلام والمسلسلات، حتى غدا الإنتاج لهذا الشهر في البرامج الملهية لا يقارن ببقية شهور السنة، فعمد أصحاب شركات الإنتاج والقنوات إلى ملء هذا الشهر بما يغضب الله تعالى، ويقطع الطريق على الناس، وأموال طائلة، وأجور لهؤلاء الممثلين والممثلات متصاعدة، وهذا شهر التوبة والإنابة إلى الله، فكيف يملئ بمثل هذا، وإذا نظر المرء في محتواه فإنه يجد فيها ما يسمى بالكوميديا، الفكاهة والضحك، وفيها ما يخدش الإيمان والحياء، وفيها قمار وميسر، واتصالات مدفوعة الثمن، للاشتراك في مسابقات يعلن عنها، وميسر فى رمضان، فما أعظم الإثم وأيضا إشغال بتشويه شخصيات المسلمين العظيمة عبر التاريخ.

كما فعلوا في أمير المؤمنين والخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، وسيف الله المسلول خالد بن الوليد، والقائد الفاتح صلاح الدين، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشافعى رحمه الله، ولا شك أن تقديم الشخصيات العظيمة للأمة بهذا الشكل المهلهل، بل السيئ، والذى فيه معاصي واضحة يهون من قدرها في نفوس من ينظر إليها، بل ويمثل أدوارهم من أهل المجون والفسق من يشارك في هذه السلسلة الخطيرة من الإغارة على تراث الأمة، وشخصيات الأمة، وأبطال الأمة، وعلماء الأمة، وهكذا توظيف للباطل، وإشغال للناس، ساعات هائلة حتى يبيت الناس فى حيرة، يثبتون على أى قناة، وينظرون إلى أى فيلم، ومسلسل، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم، فإذا كان الأمر كذلك، فإنهم ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، فوزر هؤلاء عليهم.

ومثل ذلك أوزار الذين التهوا بما قدموه من الباطل دون أن ينقص من أوزار المشاهدين شيء، والواجب مقاطعة كل قناة تصد عن سبيل الله، وتلهى عن طاعة الله، وتعرض ما يغضب الله تعالى، وينبغي أن يغار المسلم على صومه، وأن يحفظه، وهذا الصوم عبادة عظيمة، وركن ركين من أركان الدين، لسلفنا فيه حياة الليل والنهار، ويحيون ليلهم بطاعة ربهم بتلاوة وتضرع وسؤال، وعيونهم تجرى بفيض دموعهم مثل انهمال الوابل الهطال، وإن الله قال ” أياما معدودات” فلا تستطيلوها، ولا تستكثروها، فإنها تنقضي سراعا، وهكذا ما أن يبدأ الشهر حتى يتصرم الثلث، ثم الثلثان، ثم تنقضي العشر الأواخر، وإذا كان الله تعالى قد فرضه لأجل التقوى، فقال تعالى ” لعلكم تتقون” وذكرنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله” رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر”

فلا بد من صيانة العبادة عما يبطلها، وعما يحبطها، وحتى عما ينقص أجرها، فلماذا لا نلغي في رمضان كل شيء يلهى عن ذكر الله، ويجر الناس حتى للتأخر عن صلاة العشاء والتراويح لتسمرهم وانجذابهم إلى مثل هذه الملهيات، ولماذا لا يكون عندنا صبر، وإرادة، فلا نفتح أى باب للشر، فقال تعالى ” تلك حدود الله فلا تقربوها ” فينبغى أن يكون هذا الشهر فرصة لتربية أنفسنا، وأولادنا، وأهلينا على طاعة الله تعالى، وليس المطلوب أن يفاجئ الأئمة بظهور الناس بكثرة فى رمضان فى أوله، فلماذا لا تكون هذه المفاجئة الآن؟ وهل المطلوب أن ننتظر حتى يبدأ الشهر لنتحمس للمساجد؟ ولقد كان السلف يجتهدون في شعبان أيضا، والتوبة لا تؤخر إلى رمضان، بل الآن حتى قبل دخول رمضان، وتعظم في رمضان، والدعاء الآن، ويعظم إذا دخل رمضان، والقرآن الآن، ويكثر إذا دخل رمضان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى