مقال

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 6″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن رمضان شهر العبادة والغفران ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس مع رمضان شهر العبادة والغفران، وحينما تفتقر إليه يتولاك بالحفظ والرعاية والتوفيق، فنحن بين امتحانين، فلعل في رمضان كشفا لافتقارنا إلى الله عز وجل، ولعل فى رمضان تقوية لإرادتنا على طاعة الله سبحانه وتعالى، لأننا تركنا المباح، فلأن ندع غير المباح فمن باب أولى، فلعلنا في رمضان نصون كل جوارحنا وكل أعضائنا، وكل ما حولنا عن معصية الله تبارك وتعالى، فإن العبادة الشعائرية تنبع قيمتها من العبادة التعاملية فعن أبى هريرة رضى الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن رب العزة سبحانه وتعالى ” وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته، كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها” رواه البخارى، وهذا يعني لا يستمع إلى شيء إلا وفق الوحيين.

لا يقبل شيئا يتناقض مع الوحى، ولا يرى شيئا إلا بمقياس الدين، ولا يرى الدنيا في أبهى زينتها، بل ويرى ما وراءها كذلك، الموت، لا يرى المعصية وكيف أنها جذابة، بل يرى عقابها فهو يرى بنور الله، ويستمع إلى كلام يتطابق مع وحي الله، ولا يتحرك حركة بيده إلا في طاعة الله، ولا يمشي إلى مكان إلا في مرضاة الله عز وجل، فعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن رب العزة سبحانه وتعالى ” وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه ” رواه البخارى، ألم يقل الله عز وجل فى كتابه العزيز فى سورة الشعراء ” يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم ”

ويعنى أن أثمن شيء تلقى الله به هو قلبك السليم، فما تعريف القلب السليم؟ فهو القلب الذى برئ من شهوة لا ترضى الله، وبرئ من تصديق خبر يتناقض مع وحي الله، وبرئ من أن يفتقر إلى غير الله، وبرئ من أن يحكم غير شرع الله، فهذا القلب السليم، يحتاج إلى جهد كبير، فاجعلوا رمضان شهرا خالصا لله عز وجل، ولا تجعلوه شهرا اجتماعيا، وشهر زيارات، وشهر سهرات، وشهر ولائم، وشهر فرفشة، كما يقول العوام حتى السحور، ونصلى قبل الفجر العشاء، ثم ننام، فاجعل هذا الشهر شهر تقرب إلى الله عز وجل، ولا تعبأ بما حولك، ولا تعبأ بالعادات والتقاليد، فهذه العادات والتقاليد ينبغى أن تكون تحت قدمك إذا تناقضت مع منهج الله، وهذه العادات والتقاليد ينبغى أن تكون تحت قدمك إذا حالت بينك وبين الله، وهذه العادات والتقاليد ينبغي ألا تعبأ بها ما دمت راضيا.

لله عز وجل، فهذا الشهر الكريم فيه عتق من النار، وفيه رحمة من الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جوادا، وكان أجود ما يكون في رمضان، فهو شهر الإنفاق، ويقول الله تعالى فى حديثه القدسى “عبدى أنفق أنفق عليك” فإنه جنيه تنفقه في حياتك خير من مائة ألف جنيه ينفق بعد مماتك، فإنه شهر الإنفاق، وشهر الجبر بتعبير العامة، وشهر العطاء، وشهر المواساة وشهر صلة الرحم، لا شهر الفسق، ولا شهر الانحراف، ولا شهر الولائم التي لا ترضي الله، فيها اختلاط، وفيها نساء بأبهى زينة وهن جميعا في رمضان في تبذل وقلة احتشام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قراءة القرآن فى رمضان فيجب أن ترسم برنامجا لك جديدا في رمضان، ودورة مكثفة، ودورة من ثلاثين يوما، ولا بد من أن تخرج من رمضان إنسانا آخر.

وإن هذا الذى يقفز قفزة نوعية في رمضان، ثم يعود إلى ما كان عليه قبل رمضان فإن هذا ما انتفع من رمضان، فهذه القفزة النوعية ينبغي أن تستمر، يوم الفطر تأكل وتشرب وتفعل ما هو مباح، أما ضبطك للسانك، وضبطك لبصرك، وضبطك لعينيك، وضبطك لإنفاقك، فهذا الضبط الذى كان فى رمضان ينبغي أن يستمر بعد رمضان كي يكون لك في كل شهر في العام قفزة نوعية إلى الواحد الديان، أما معظم الناس يضبطون أنفسهم في رمضان فإذا ذهب رمضان فلسان حالهم يقول رمضان ولى هاتها يا ساقى مشتاقة تسعى إلى مشتاق، وهذا النمط الذى لا يرضي الله، فأنت مع الله في كل أيام العام فينبغي أن تستقيم في كل أيام السنة، وينبغى أن تكون خاضعا لمنهج الله عز وجل في كل الشهور والأعوام، وهذا المفهوم الصحيح، أما أن يقول أنا في رمضان لا أعصى الله وبعد رمضان الحال هو حال آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى